بقلم: محمد أبو الشمائل/ المغرب ليلة بهيجة من ليالي الصيف الدافئة،اكتمل فيها القمر على صفحة السماء،مبتهجا كفرحة المختار، اجتمع الأهل و الأحباب، تعالت الأنغام و حلقت الزغاريد.. و اعتلت البهجة وجوه الحاضرين ..الجميع يرقص،يفرح.. أعمدة الخيمة هي الأخرى تتراقص،تتمايل.. إنه المختار يتربع على عرش السلطان ممسكا بيد عروسته. هناك بين الحاضرين ،ترقص في انسجام تام.. تداعب الأرض بخطوات متناغمة.. نحو اليمين و الشمال،تلوح بمنديليها تجاه الحاضرين.. تبتسم في كل اتجاه. مشرقة كبداية شمس.. كانت نظرتي تطوف بين الجميع، حتى استقرت على الفاتنة التي تضاهي عروس المختار في الزينة و الوقار، كانت حاضرة بقوة ،تأملتها بإباء عظيم ،بدت الحناء مشعة بلونها الزاهي من الكفين، و الرجلين النحيلتين ،و القفطان الأصيل بدا أنيقا على القد الممشوق، يتلألأ على إيقاع القفزات المحسوبة بألوانه القزحية البهية. - تكسري أيتها الموسيقى.. تبعثر أيها الإيقاع.. تبخر أيها اللحن.. - أيها الصمت المقدس، لا تطبق شفتيك.. واسترسل في صخبك.. ولا تسكن إلى هدوء بليد فقد نال ضجيجك مني، إلى منتهى النجوى... سُلبتُ مني ..و شَخصَ بصري في وجهها، و هي تنط في عنفوان ،التقت عيوننا.. تعانقت نظراتنا.. كانت لحظة سرمدية.. توقف الزمن الاحتفالي إثرها.. وددت لو لم تدع عيناي هذا البريق الوديع ..تَجَرأتُ ..فقفزت الغمزة المذعورة التي كانت ترسو في العين ..و راحت في اتجاهها كعافية تتفجر. حَبسَتٍ الأنفاسَ التي تخفق في الصدر ..تدفق الدم الحار في العروق،و عَلت الحُمرة خديها و أمسى ذلك الانسجام المتناسق ارتباكا.. سَقطَ العفريتُ النشيط عن منديلها في خفة.. انحنت قليلا، لولا يدا خفيفة سَحبتها كادت تتعثر، لم تدري ماذا حصل..إنه سحري بدأ يسيح.. فَخُيلَ إلَي أنني أمسك يدها الناعمة، متناسيا كل الحضور أراقصها كالظل الخفي، أداعب رشاقتها مزهوا بسحر غمزتي.. أستطيب النسيم الذي يعبث بشعرها، و انصهرت . يَدا خفيفة تربت على كتفي.. أرجعتني انتباهي، التفت، تسلمت كأس الشاي المنعنع، وحبات كعب غزال الطرية. استعادت الفاتنة انتباهها من جديد.. لوحت بالمنديل في اتجاهي معلنة كل الاستسلام بإيماءات متغنجة، شعرت بدغدغة تهيج في صدري ،كان بريق عينيها اللذيذ يرسل إليَ عبر نسيم الخيمة المتراقص ،همسة..غمزة أخرى..حتى لا يتحقق اللحن.. * شارك: * Email * Print