على الرغم من أن قيادة حركة مجتمع السلم أعلنت أنها طوت نهائيا صفحة القيادي المستقيل «عمر غول» ومن اختار الانضمام إلى صفه من أبناء الحزب، إلا أن الدورة العادية للمجلس الشوري الوطني أبقت على أكثر الملفات حساسية إلى حين انعقاد المؤتمر الخامس المقرّر العام المقبل، وحينها ستتم محاسبة كل مسؤول على الأزمة التي مرّت بها الحركة والنتائج الهزيلة التي حققتها في المواعيد الانتخابية الأخيرة. تجاهل البيان الختامي الذي صدر أمس عن دورة مجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم، بشكل واضح، الحديث عن وجود أزمة الحركة، حيث لم يشر أصلا إلى استقالة الأعضاء القياديين وعلى تأثيراته، وبدا أن الأمر كان متعمّدا حتى لا يتم التأثير على القواعد خاصة وأن «حمس» مقبلة على انتخابات محلية إن خسرت فيها فإنها ستخسر ما تبقى لها من أوراق. وفي المقابل حرصت الوثيقة التي توجت ثلاثة أيام من الأشغال على التركيز أكثر على «جمود الوضع السياسي في البلاد»، وطالبت بوجوب «الإسراع في معالجة الجمود السياسي والركود الاقتصادي»، مثلما حذّرت الحكومة من مخاطر تجاهل الأزمة الاقتصادية العالمية أمام تراجع أسعار البترول. ودعا البيان ذاته إلى استدراك الإصلاحات من خلال الإعلان عن تشكيلة اللجنة الوطنية لمراجعة الدستور، مع اشتراط أن تضم كل أطياف المجتمع، فيما تمّ تكليف المكتب التنفيذي الوطني باتخاذ الموقف المناسب من الانتخابات المحلية المقبلة. ومن هذا المنطلق لم تخرج كلمة رئيس الحركة، «أبو جرة سلطاني»، عن السياق العام الذي حدّده البيان المذكور كونه فنّد أن تكون «حمس» تفكر في التراجع عن قرارها الأخيرة بعدم المشاركة في الحكومة إثر التداعيات التي خلّفتها استقالة «عمر غول» وبعض القياديين، حيث أوضح قائلا: «نحن لن نتراجع لأننا لن نشارك في الحكومة بهذا الشكل كما أننا حريصون على ترقية التكتل الإسلامي»، كما أوضح أن «إرادة المؤسسات هي الغالبة على إرادة الأشخاص، ونحن لن نرمي المنشفة وسنستمر في النضال السلمي». ومن وجهة نظره فإن الدورة العادية لمجلس الشورى كانت ناجحة بكل المقاييس، وأعلن أن الأهم في نتائجها هو أن الإستراتيجية لم تتغيّر مهما قيل عنها، وخاطب بشكل ضمني الأعضاء المنشقين: «نحن اخترنا واختيارنا واضح، ونحن عازمون على تغيير الواقع وعلى أن ندفع الثمن لأنه لن تصدّنا أي رياح.. الفضل لمن صدق وليس لمن سبق»، وذكر بالمناسبة أن هؤلاء القياديين طلبوا الاستعفاء ولم يستقيلوا. وليظهر المتحدّث أنه انسحابهم لن يؤثر على مستقبل الحركة، حرص «سلطاني» على مجاملتهم: «شكرا لإخواننا لأنهم قدّموا ما عليهم لقد أدّوا ما عليهم وناضلوا في صفوف الحركة وتحمّلوا مسؤوليات لم تكن سهلة، لكن الأيام دول»، وأكد بعدها على أن «الصفحات التي أريد إعادة فتحها طويت ونحن ماضون نحو النجاح». وواصل رئيس «حمس» الحديث بنوع من التفاؤل: «لقد تجاوزنا الماضي لنصنع المستقبل.. وهناك إصرار على التمسّك بالخيارات وعدم التردّد»، وبرأيه فإن مناضلي الحركة «عازمون على إثبات أننا عنصر استقرار وتوازن وأننا شعر ميزان في كل التوجهات»، وشدّد على أنه «من يعتقد بأنه بإمكانه تخطي الحركة للوصول بالجزائر إلى برّ الأمان فهو مخطئ. فالمعادلة الإسلامية لا يمكن تخطيها». ومن جانبه أفاد رئيس مجلس الشورى الوطني، «عبد الرحمان سعيدي»، بأن نقاشا عميقا دار طيلة ثلاثة أيام من الأشغال، لافتا إلى أن الرأي الغالب كان نحو استقرار المؤسسات، كما أورد أن الحركة سجلت أسفها لبعض الاستقالات والمغادرات وهناك إرادة لإعادة كل من غادر إلا من أبى، واعتبر بدوره أن «حمس لن تتوقف بعد هذه الاستقالات». وقد انتهت دورة المجلس الشوري بتزكية أعضاء جدد في المكتب الوطني حيث أصبح وزير التجارة السابق «الهاشمي جعبوب» عضو مكتب وطني مكلف بالاقتصاد، في وقت خلف فيه «فاروق أبو سراج» الذهب العضو المستقيل «كمال ميدة» في منصب مسؤول الإعلام، كما تم تكليف «عبد الكريم مشاي» ليكون مسؤول الشباب والعمل الجمعوي، و«أحمد بوليل» مسؤولا للتخطيط، أما مسؤولية الجامعات والعمل الطلابي فقد أسندت إلى «إبراهيم بدر»، مثلما خلف «جعفر شلي» العضو المستقيل «أحمد لطيفي» في مسؤولية الإدارة والمالية. زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print