اعتبر الوزير الأول «أحمد أويحيى» الصمت الرسمي في الجزائر على الحملة التي خاضها الإعلام المصري بقيادة نجلي الرئيس «مبارك» ومسؤولين في النظام المصري، والتي تهجموا فيها على كل ما هو جزائري دون تمييز وكالوا من خلالها الشتائم للشعب الجزائري ولرموزه وتاريخه، كان أقوى من الرد في حد ذاته، وذهب إلى القول "الجزائر لن ترد على التافهين". عرّج الوزير الأول في الندوة الصحفية التي عقدها أمس الأول في أعقاب لقاء الثلاثية الذي جمع الحكومة بالمركزية النقابية وأرباب العمل على التوتر الذي يسود العلاقات الجزائرية المصرية على خلفية الحملة التي يخوضها الإعلام المصري بالتنسيق مع شخصيات سياسية وحتى فنية منذ مقابلة الخرطوم والتي افتكّ فيها الفريق الوطني لكرة القدم تأشيرة المرور إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا على حساب نظيره المصري، وجاء ردّ «أويحيى» مُفحما، عندما قال إن الجزائر لا ترد على التافهين، وهو ردّ كافٍ وشافٍ من ممثل الحكومة الجزائرية على كل من سوّلت له نفسه التطاول على الجزائر شعبا وحكومة وتاريخا. ومن وجهة نظر «أويحيى» فإن عدم الردّ على بعض التصريحات كان أقوى من الردّ عليها، موضحا أن عظمة وقيمة الشعب الجزائري وعظمة وحكمة السلطة الجزائرية بقيادة رئيس الجمهورية، هو الذي جعلها لا تردّ على التصريحات وأن سكوتها ليس منبثقا من أي إحراج أو أي حساب كان، مؤكدا بالقول "لا الشتم ولا الغوغاء تقلّصان من قيمة الشعب الجزائري وعظمته وقيمة الدولة الجزائرية"، وحسب الوزير الأول فإن "للجزائر مكانة ومستوى عليها أن تحافظ عليهما وأن عدم الرد على بعض التصريحات التي لا منطق لها كان أقوى من الردّ عليها، وهي إشارة واضحة من «أويحيى» إلى أن المسؤولين الجزائريين لا يمكنهم النزول بالجزائر إلى المستوى الذي نزلت إليه بعض القيادات في مصر والتي لم تتوان عن توجيه السباب والشتائم إلى الشعب الجزائري ونعته بأقبح الأوصاف. وخاطب «أويحيى» المواطن الجزائري الذي تعرّض لحملة قذرة من الإعلام المصري طيلة الأيام الماضية قائلا ليكن في علم جميع الجزائريين بأنهم ينتمون إلى بلد عظيم وشعب عظيم، وعظمة الشعب الجزائري وعظمة الجزائر ليست مجرد شعارات، لقد ضحّى أجدادنا بمليون ونصف مليون شهيد وهذا ليس اكتشافا ظرفيا"، مذكرا بما قامت به الجزائر في إطار التضامن مع الأشقاء والذي لم يكن مفتعلا بل كان نابعا من مبادئ الجزائر ومبادئ ثورتها التحريرية. وردا على الشتائم التي نالت من الجزائريين من خلال وصفهم بأنهم شعب العنف والإرهاب، علق «أويحيى» بالقول "نترك الله سبحانه وتعالى يحاسب، لكننا نقول لهؤلاء عندما كنا ننزف في سنوات التسعينيات، لم نجد أحدا بجانبنا ومع ذلك انتصرنا وإنه ليس بالشتم تنتقص من قيمة الجزائر لأنها وتحت رئاسة «عبد العزيز بوتفليقة» لا يمكن المساس بها أو بمكانتها ورصيدها"، ومن وجهة نظر «أويحيى» فإن التاريخ وحده سيحكم: من خرج بإكبار من العاصفة ومن سيخرج مطأطئ الرأس خجلا. ومن جهة أخرى حيا الوزير الأول أسرة الإعلام الجزائري على وطنيتها، قائلا "لسنا بحاجة أن نلعب شبه لعبة الشطرنج أو التنس"، وأضاف مخاطبا الصحافة الوطنية "برهنتم على وطنيتكم ومهارتكم وأكّدتم أنكم مهتمون أكثر بالجزائر ولستم منشغلين بالتافه ولا بما لا يستحق التعبير عنه". على صعيد آخر وأثناء تطرّقه لملف شركة «أوراسكوم» للاتصالات، أكّد «أويحيى» أن لا علاقة بين ملف التهرّب الضريبي ومقابلة كرة القدم بين فريقي البلدين، وقال إن الحكومة استجابت إلى طلب تقدّم به رئيس الشركة، «نجيب ساوريس» للسلطات بعدم إشهار ممارسات التهرب عن دفع الضرائب وتحويل أموال معتبرة في شكل أرباح دون أن تُخصم منها حقوق الدائنين، خشية اهتزاز صورة مجموعته في الأسواق الدولية، وأوضح الوزير الأول أن الجزائر "تعاملت مع المعني بتحضر ووافقت على التماسه، لكنه فاجأنا بفضح نفسه واتهام مصلحة الضرائب بالقرصنة ومنع تحويل أرباح الشركة"، مما دفع بإدارة الضرائب إلى الرد عليه بتذكيره باستحقاقات الدفع واحترام القوانين التي تطبق على الجزائريين قبل غيرهم. وتابع «أويحيى»، موضحا "لم نكن نريد الذهاب بعيدا، لكن أن يعتقد بأن البلد ليس فيها قانون يحمي مصالحها، فإننا نقول من موقع مسؤولياتي بأن الشركة لن تحوّل أي مبلغ إلى الخارج ما لم تقم بتصفية حسابها مع إدارة الضرائب"، مشددا "الشركة ستسدّد المبالغ بموجب القانون.. كنا نُعاملهم كأهل البيت، وأهل البيت يخضعون للقانون ويطبقونه".