قبل أيام من افتتاح السنة القضائية يدور الحديث وسط حقوقيين عما ستحمله هذه السنة من جديد فيما يخص الملفات التي ستفتح هذه المرة خاصة بعد تأكيد وزير العدل ووزير الحكومة العمل على وضع حد لظاهرة الفساد ومحاربتها، مما يوحي بأن الحرب ستشمل أسماء في مؤسسات حكومية واقتصادية هامة. ملفات سونطراك والطريق السيار وإعادة بعث ملف "الخليفة"، سيجر أسماء كبيرة للوقوف أمام العدالة، غير أن رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، يرى أن تحريك هذه الملفات مرتبط بالإرادة السياسية، كما يراها الحقوقي مقران آيت العربي رهينة حسابات في أعلى السلطة. هل سيعود ملف البارا بعد 4 سنوات من الغياب؟ جدل كبير يدور هذه المرة حول ملف ثعلب الصحراء "عبد الرزاق البارا" المتواجد رهن الحبس بسركاجي، حيث مضى على تواجده أكثر من سنة دون أن يخضع للمحاكمة رغم أنه العقل المدبر والمخطط للعمليات الإرهابية التي نفذها ذراعه الأيمن جرمان كمال المكنى "بلال" أو "أبو عبد الجليل" الذي استلمته الأجهزة الأمنية الجزائرية من نظيرتها الليبية بتاريخ 14 جويلية 2007 بعد أن استلمته بدورها من حركة "من أجل الديمقراطية والعدالة" التشادية، وظل فتح هذا الملف معلقا لأزيد من 4 سنوات بسبب غياب الرجل الأول في التنظيم الإرهابي بالصحراء الذي يدور الجدل حول حضوره من عدمه هذه السنة بعد تأجيل القضية في الدورة الجنائية بسبب غيابه وسط تمسك الذراع الأيمن للبارا بحضوره وكشفه عن العمليات التي نفذتها الجماعة الإرهابية التي يتزعمها عبد الرزاق البارا، منها تخريب عدة مؤسسات أجنبية تنشط في مجال النفط بالصحراء والاستيلاء على عدد من المعدات كالسيارات رباعية الدفع لتسهيل عملية تنقلهم، واغتيال عدد من عناصر الأمن والجيش الوطني الشعبي، ونصب حواجز مزيفة استهدفت المواطنين العزل منذ انضمامه إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال سنة 1993 وتنقلاته عبر مختلف السرايا والكتائب. محاكمة فضيحة سوناطراك تنتظر مثول شكيب خليل قضية أخرى ستطرح الكثير من الجدل في الدورة الجنائية المقبلة، ويتعلق الأمر بملف سوناطراك واحتمال مثول وزير الطاقة السابق شكيب خليل أمام العدالة بصفته المسؤول الأول عن القطاع أيام وقوع الفضيحة، خصوصا بعدما اعترف المتهم الرئيسي في فضيحة سوناطراك الرئيس المدير العام السابق محمد مزيان، بأن معظم الصفقات التي تمت بالتراضي وطالها التحقيق كانت بموافقة المشرف الأول على قطاع الطاقة والمناجم الوزير السابق شكيب خليل قبل أن يطالب بإلغائها مباشرة بعد انطلاق التحقيقات بناء على أوامر رئيس الجمهورية، مما يطرح تساؤلات حول حضور الرجل من عدمه على الأقل كشاهد خاصة أنه لم يستدع للتحقيق، ومع ترقب شديد لقرار غرفة الاتّهام بالإفراج عن التكييف القانوني الذي سيحاكم على أساسه المسؤولون عن الأموال التي تمّ تبديدها من المجمّع البترولي سوناطراك بعدما واجه قاضي التحقيق المتّهمين بالإنابات القضائية التي وجّهها لمحكمة باريس للتأكّد من وجود حسابات بنكية، يبقى ثقل الملف يثير استفهامات حول الأسماء التي ستحملها غرفة الاتهام التي أعادت الملف للتحقيق مجددا وطالبت بإعادة تكييفه العام الماضي، بعد أن توصلت تحقيقات القاضي بمحكمة القطب الجزائي المتخصص إلى تجنيح القضية وهو القرار الذي عارضته النيابة العامة وتقدمت بطلبات لتكييف الوقائع على أساس جناية لتوفر جميع أركان الجريمة. تجدر الإشارة الى أن التحقيق القضائي الذي دام قرابة عامين توصل إلى أنه تم إبرام صفقات بالتراضي مع شركاء أجانب كلفت شركة سوناطراك خسائر مادية معتبرة، ما أدى إلى تجميد كافة الأرصدة البنكية، حيث وصلت قيمة الأموال المودعة بالبنوك سبعة ملايير بالعملتين الصعبة والوطنية في كل بنك على حدة. ووقفت التحريات على قائمة من المشاريع أبرمت بالتراضي دون المرور على ما يعرف بنشرة الإعلانات المتعلقة بالمناقصات الخاصة بالطاقة والمناجم، ويأتي في مقدمتها مشروع إنشاء نظام المراقبة والحماية الإلكترونية المبرمة بين شركة سوناطراك ومجمع "فون فارك كونتال"، حيث قدرت القيمة الإجمالية للمشروع ب19 مليون أورو ليتم تخفيضها إلى 15 مليون أورو. يضاف إلى قائمة الصفقات المشبوهة في قضية سوناطراك مشروع إعادة ترميم مقر سوناطراك الفرعي بغرمول الذي تكفلت به الشركة نفسها، كلفها 67 مليون أورو، بالإضافة إلى صفقة إنجاز المركب الصناعي بحاسي مسعود وإبرام ثلاثة عقود تخص تجهيز منشآت تابعة لنشاط المنبع بنظام المراقبة الحيوية. سلطاني ومدراء بنوك سيعودون إلى الواجهة في ملف "الخليفة" قررت المحكمة العليا إعادة بعث أحد أكبر ملفات الفساد التي هزت الاقتصاد الوطني، وهو ملف "الخليفة" بعد قبول الطعن بالنقض. وسيعود الملف إلى الواجهة بمحكمة البليدة، في وقت لا يزال مصير المتهم الرئيسي فيه مجهولا. بعد سنوات من موافقة القضاء البريطاني عام 2009 على تسليمه للجزائر، لا يزال الاتفاق لم يتجسد بعد ويتأجل في كل مرة، فيما أكد رئيس مجلس قضاء البليدة في وقت سابق أنه من المرجح فتح الملف دون انتظار تسليم عبد المؤمن خليفة، بعد قبول المحكمة العليا 54 طعنا تقدمت به النيابة، و24 طعنا بالنقض تقدم به المتهمون أنفسهم. ومع عودة ملف الخليفة ستكون أسماء معروفة في الساحة السياسة وفي المؤسسات الإقتصادية حاضرة لتستجوب أمام القاضي على غرار أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الذي ورد اسمه في الملف باعتباره كان مسؤولا عن مختلف صناديق وزارة العمل والضمان الاجتماعي في الفترة التي أودعت فيها الأموال ببنك الخليفة، كما أن مدراء بنوك وصناديق الضمان الاجتماعي سيعودون للمحاكمة قريبا، في انتظار تسليم عبد المؤمن خليفة عن عدمه. وفيما يترقب الشارع فتح ملفات الفساد الذي سيطيح بعدد من رؤوس الدولة، يرى رئيس الرابطة الوطنية الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بوجمعة غشير أن ملفات فساد خطيرة تنتظر الإفراج عنها، وقال إن فتحها مرهون بالإرادة السياسية للدولة.