لا تزال معاناة سكان قرية زمرة ببليدة سيدي عامر جنوب ولاية المسيلة، تراوح مكانها خاصة ونحن على مشارف العام 2014 والتقدم الكبير التي تعرفه الجزائر. ففي زيارة ميدانية وقفنا على الواقع المرير مع رئيس البلدية السيد حديبي السعيد والذي أدهشنا ما يعيشه السكان من بداوة تعود إلى العصور الحجرية وكأنهم ليسوا سكانا يقطنون بالجزائر وإنما واقعهم يوحي بتواجدهم في إحدى الدول الأكثر فقرا في العالم.
يعيش سكان قرية زمرة التي تبعد حوالي 5 كلم عن مقر بلدية سيدي عامر جنوب ولاية المسيلة، على امل ان يأتي يوم تتخذ فيه السلطات إجراءات من شأنها تحريك عجلة التنمية قصد إخراجهم من الحياة البدائية التي يعيشونها. فالواقع أمرّ مما نستطيع أن نرويه عن حياتهم ، أو ليس كما يقال “الواقع عين الحقيقة"، هؤلاء يومياتهم لا تعدو أن تكون أشبه باليوميات التي درسنا عليها “يوميات البؤساء" للكتاب الشهير “هيجو" ، فلم تشفع لهم تضحياتهم إبان الثورة التحريرية التي فقدوا فيها النفس والنفيس، فالقربة تنعدم بها أدنى شروط الحياة التي تكفل لهم أبسط الضروريات، فلا وجود في قاموسهم لما يعرف بمصطلح شبكة المياه الشروب فهم يعتمدون على توفير المياه بالقرب والبراميل القديمة “الشمبريال “ حسب لغتهم على ظهور الحمير لمسافات بعيدة حوالي 3 كلم والأغرب من ذلك انها من الأودية وهذا لهم ولمواشيهم، بالإضافة إلى انعدام مصطلح الصحة نهائيا فلا وجود لقاعة علاج أو عيادة بالرغم من أنهم يسكنون مناطق تمتاز بالتضاريس الصعبة والانتشار الواسع للأفاعي والعقارب والتي غالبا ما يتعرضون للسعاتها ويضطرون للانتقال إلى مسافة 10 كلم إلى مستشفى البلدية، والسكان مازالوا ا يعتمدون على التداوي بالأعشاب على غرار “الشيح، العرعار ..الخ"، والذي بدوره يفتقد إلى المصل المضاد للتسمم العقربي، ناهيك عن الانتشار الواسع لفضلات الحيوانات التي كرست الانتشار الواسع لأسراب الناموس والذياب الناقلين للأمراض المعدية وعلى رأسها “الاشمنيوز". من جانب آخر لم يحظ هؤلاء السكان برؤية التلفزيون أو مشاهدة البرامج التي تبث عبره إلى يومنا هذا، وهذا راجع لعدم توفر الكهرباء بهذه القرية. أما من الجانب التعليمي فحدث ولا حرج، فالقربة لا تملك حتى ابتدائية فالتلاميذ يتنقلون يوميا مسافة 20 كلم عرضة للكلاب الضالة وما أفزع أولياءهم حالات الاختطاف التي راجت مؤخرا وهو ما دفع الكثير منهم إلى عزلهم وتخليهم عن تدريسهم. ومازدا الطينة بلة هو وجود الوادي الذي تغمره المياه شتاءا والذي يحول دون وصلوهم إلى مقاعد الدراسة ويفرض عزلة كاملة على القرية. في حين الطريق الفلاحي الرابط بين القرية والبلدية يصلح لسير الدبابات العسكرية فقط، حيث يضطر السكان إلى كراء سيارات الخواص بأثمان مضاعفة، قرابة 2000 دج، قصد شراء مستلزماتهم اليومية. ويذكر السكان أن عملية الطهي ماتزال بالطرق البدائية التي تعتمد على “الكانون" الذي يشتغل بالحطب وفضلات الحيوانات بينما يضطر البعض الآخر إلى شراء قارورات الغاز من البلدية بأسعار جد خيالية، فلا وجود للغاز الطبيعي الذي يدفئ شتاءهم البارد، فحتى البيوت التي تأويهم عبارة عن اكواخ من القش لا تقي لا الحر ولا البرد، حيث أبدى السكان تخوفاتهم من دخول فصل الصيف وغياب أدنى الضروريات “كالثلاجة ، المكيفات الهوائية" التي لم يسمعوا باسمها إطلاقا، ويحضرون “القرب" وأدوات تقليدية لاستقبال الصيف. «البلاد" رافقت رئيس البلدية في زيارته الأخيرة للقرية ووقفت على معاناتهم ، والتي وعد من خلالها السكان بتوفير الماء الشروب بصهريج مائي مرة كل أسبوع على الاقل ، بالإضافة إلى تشغيل شباب القرية بالمناصب المتاحة مستقبلا ، ناهيك عن تقديم مساعدات اجتماعية كتوزيع قفة رمضان على هؤلاء السكان. كما أصر على مراسلة وإبلاغ القائمين على قطاع النشاط الاجتماعي. لذا فإن سكان القرية والسلطات المحلية يناشدون التفاتة السلطات الولائية اليهم وانتشالهم من دائرة التخلف والبدائية وأملهم كبير في جريدة البلاد لنقل انشغالاتهم وإسماع صوتهم إلى المسؤولين المعنيين.