شدد أمس، وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله، على إلزامية انخراط جميع أئمة المساجد في الحملة التحسيسية التي باشرتها مصالحه الوزارية لحث المواطنين على المشاركة في الاستحقاق الرئاسي المقرر مطلع الشهر الداخل. وحمل كلام الوزير نبرة تهديدية تجاه الأئمة المتخلفين عن الالتزام بالتعليمة الواردة بهذا الخصوص، قائلا ''الإمام الذي لا يخدم سياسات الدولة الجزائرية، غير مقبول به في المسجد الذي تتبناه الجمهورية''، مؤكدا على أن المسجد يعد مؤسسة تابعة للدولة مثله مثل المحكمة والجامعة والإذاعة، كونه مؤسسة اجتماعية يجب أن تستجيب لحاجيات المجتمع، الذي لا تقوم له قائمة إلا بوجود دولة قوية تفرض عليه سلطة النظام والقانون. وطالب غلام الله، خلال نزوله ضيفا على ''منتدى إذاعة القرآن الكريم'' بالنادي الثقافي عيسى مسعودي، بضرورة تغيير الفكرة السابقة التي كانت تضع المسجد دائما في خندق المعارضين لسياسات الدولة، وهو ما رأى فيه امتدادا لما وصفه ''بسياسة الخوارج التي ولدت فيما بعد أفكار التطرف والإرهاب''، مشيرا إلى أن تلك المرحلة قد ولّت إلى غير رجعة وأن المسجد حاليا لا يمكنه مسايرة الداعين إلى إبعاد الناس عن المشاركة في المواعيد الانتخابية، باعتباره هيئة روحية تعمل على تقوية أسس الدولة الحامية لقيم وثوابت هذا الشعب. وفي رده على المعارضين لفكرة الزج بالمساجد في أتون العمل السياسي، عبر غلام الله بالقول ''هذا حق أريد به باطل، نحن كنا ومازلنا نرفض اتخاذ منابر المساجد للدعاية لأحزاب أو تيارات سياسية، لكننا نؤكد هنا على السياسة الشرعية تجاه الوطن والدولة وهي التي نعتبرها واجبا شرعيا يجب الالتزام به''، موضحا أن الحملة المذكورة ترمي إلى تشجيع المشاركة في الانتخابات المقبلة بكثافة، باعتباره حقّا وواجبا دون ذكر أي تيار أو حزب سياسي معين، أو الانحياز لصالح مرشح بعينه سواء كان ذلك من قريب أو من بعيد. في سياق متصل، لم يفوت وزير الشؤون الدينية فرصة تجديد وصف فعل المقاطعة الانتخابية، بأنه عمل جاهلي بعيد عن الغايات والأهداف الكبرى التي جاء بها الإسلام، وقال إن تخلف المواطن عن الإدلاء بحقه في اختيار القاضي الأول للبلاد وحجب صوته عن ممارسة هذا الواجب القانوني والشرعي، يعد -حسبه- كمن مات على عهد الجاهلية الأولى السابقة لظهور الإسلام، مستدلا على كلامه بحديث نبوي شريف يعتبر أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية. يشار إلى أن هذا التصريح يأتي في سياق تصريح سابق لغلام الله انتقد فيه بشدة أحزابا وشخصيات سياسية، دعت إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ووصف موقفهم بأنه نصيحة شيطانية ودعوة للفساد، وهو ما أثار موجة من ردود الفعل المنددة بهذ التصريح، معتبرة إياه طعن في وطنية دعاة المقاطعة، ورأت فيه مساسا بخيار سياسي مشروع ومتعارف عليه في أبجديات العمل السياسي التعددي، يتمثل في الحق بمعارضة السلطة القائمة بطرق مختلفة من بينها هذا الخيار. في حين رفضت جهات أخرى الربط الذي اعتمده غلام الله بين ترتيب جزاء ديني وعقائدي على عمل سياسي ودنيوي محض، وهو ما وصفه البعض بأنه استغلال مفضوح لمفردات الدين في السياسة تماما كما حدث مع جهات معروفة في مراحل سابقة.