عبثا.. يحاول الغرب صوغ صورة آدمية لإسرائيل.. إلباسها قناعا بشريا لم تكن يوما لتتقبله.. ولا ليخفي المظهر المقزز لوجه غزته الأورام السياسية والأخلاقية الخبيثة.. وطفحت عليه تقرحات جدري العنصرية والاستعلاء والخبث. يثابر الغرب منذ ستين عاما.. على تسويق صورة كائن فقد صلته بالبشر.. أو حتى ما يبقيه قريبا من دائرة البشر..مسخ اسمه إسرائيل.. تم استيلاده مخبريا.. رغم رفض التاريخ.. وإنكار الواقع... وصراخ ملايين الفلسطينيين المتناثرين على وجه القارات الخمس. وهو من هذا التاريخ.. يتعهده بجراحات التجميل..ليزيل عنه الشذوذ والدمامة.. كلما أخرجه من قاعة العمليات..أعاده إليها ليبدأ من جديد. يشد جلده ليخلصه من تجاعيد تحفر في تاريخه الدامي.. يعالج التقوس المتشبث بظهره المثقل بالأوزار.. يصلح تشوهات بصره الكليل .. يزرع نابضا اصطناعيا في قلبه المترع بالشر والقسوة.. يلطف صوته الناشز.. يسكب في فراغاته التي خربها جدري الحمق أطنانا من المساحيق.. وكلما نبتت بكتيريا جديدة على جسده .. سارع لامتصاصها إعلاميا ودبلوماسيا . وظيفة إسرائيل هي أن تتشوه أكثر.. ودور الغرب أن يجملها أكثر.. وأن يضمن لها رواجا في بورصة الوجوه الخاضعة للتجميل. إن ما يجعل إسرائيل قبيحة إلى هذا الحد.. بحيث تبدو كرأس شيطان يقبع في أصل الجحيم.. أنها لا تملك سمتا طبيعيا.. ولا تملك أن يكون لها وجه على غرار وجوه الخلق الآخرين. إنها تسرق الأرض والماء والتاريخ.. تقتل الإنسان.. تصادر حقه في الوجود.. تكذب وتزيف وتزور.. تخون أصدقاءها وعملاءها وعبيدها.. تغتال خصومها بلا شرف.. لا تفي بالتزاماتها.. تبتز كل الناس.. تمارس القرصنة.. لا تحفظ العهد.. تعتدي..تخرق القوانين الدولية.. تهدد وتتوعد.. تهدم المنازل.. تصادر الهويات.. تطرد وتنفي.. تعتقل وتعذب.. تستثمر في الخرافة التوراتية.. تذرف الدموع وسيفها متشبث بجسد الضحية.. تزيف المقدس.. تمنع المؤمنين من الصلاة.. تدمر المساجد.. تحفر تحت الأرض وفوق الأرض.. تقتل الأطفال بدم بارد.. تبيع أجساد الشهداء.. تحاصر وتجوع وتسرق أقوات المعذبين..تتآمر. تتبجح.. تستقدم شذاذ الآفاق.. تحمي القتلة.. تستثمر في الدماء. تكدس أدوات الإبادة الجماعية لاستعمالها.. إذا ما داهمها خطر حقيقي. ا حدود للقبح الإسرائيلي..ولا استثناءات يمكن أن تحفظ ماء وجه هذا الشيطان الذي تشكل في هيئة دولة.. وبنى جيشا من القتلة.. ودرب فريقا سياسيا من المرتزقة والأفاكين. قديما مر أنبياء كثيرون على المجتمع.. فخلصوا إلى لعنه.. وإعلان البراءة منه.. والنتيجة أن تمزق قتلة الأنبياء في المنافي والغيتوهات... ولاحقهم المصير الأسود.. آلاف السنين. إن كيانا يرتكب كل هذه الموبقات.. لن يكون إلا قبيحا جدا.. ومنفرا ومثيرا للتقزز.. إنه بوجه خنزير يتمرغ في الأوحال.. وروح وحش يقتات من الجيف. أمام قائمة طويلة من انحرافات هذا الكيان.. كان الغرب يسارع في تحسين صورته وتبرير أفعاله.. وتسويق خطاياه أمام الرأي العام.. باعتبارها مما لابد منه.. فهو عندما يقتل أو يدمر أو يغتال أو يستعلي على العالم.. فإنه مجبر على فعل ذلك.. لأنه مضطر.. ليس إلا. في ,.1948 استولى على أراضي الفلسطينيين.. وأحرق قراهم.. وفرض عليهم النزوح والنكبة.. وتكفل الغرب بتسجيل ميلاد هذا المسخ في الأممالمتحدة.. منحه صك البراءة من السرقة.. وأعانه على الاحتفاظ بالمسروقات..على أمل أن يسقط حق المالك الحقيقي بالتقادم. ومن عجائب الدهر..أن ينضم ''عباس'' وما أدراك ما عباس.. إلى فريق جراحي التجميل.. ليعلن بعد ستين عاما - أمام ثلاثين شخصية يهودية في واشنطن - أن السارق ليس سارقا.. و(إنه لا ينكر لإسرائيل واليهود الحق في الأرض والوجود.. لأنهم عاشوا في المنطقة عبر التاريخ - حسب تعبيره - ). في ,.1967 اغتصبت إسرائيل مزيدا من أرض العرب.. وأحكمت قبضتها على ما بقي من أرض فلسطين.. وسارع الغرب إلى تأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.. لأن العرب يهددونها بالرمي في البحر.. فتوسيع الحدود بالضربة الاستباقية - حسب هذا التوصيف التجميلي - وسيلة مشروعة للدفاع عن النفس. في ,.1973 عندما قرر العرب.. أن يكونوا عربا ولو لأيام معدودات.. وخارت قوى الوحش في سيناء والجولان.. تم تسويق إسرائيل على أنها ''الحمل الوديع .. الذي تحيط به قطعان الذئاب العربية.. تتربص بلحمه وعظمه..ومن ثم يجب إنقاذ الحمل الصغير.. بفرض وقف إطلاق النار.. وتنمية عضلاته بفتح جسر جوي يزوده بالأسلحة الفتاكة. في ,.1982 اجتاح الوحش الصهيوني لبنان الصغير.. وعاث فسادا في قراه ومدنه.. قبل أن يقرع باب عاصمته..ومرة أخرى تداعى الغرب إلى تنظيف وجه القاتل المعتدي.. وفرض على المقاومين الفلسطينيين أن يرحلوا بعيدا عن حدود فلسطين. ثم فجأة صمت الجميع عندما تكشفت أنياب القاتل.. وهي تقطر من دماء الأطفال والنساء والشيوخ في صبرا وشاتيلا.. لم يقل أحد إنها جريمة ضد الإنسانية.. وإنها إبادة دبرها وأشرف عليها السفاح شارون. وتكرر السيناريو في مخيم جنين.. حيث أعدم مئات الفلسطينيين بدم بارد.. وسكت الشيطان العالمي مرة أخرى..ولم تفلح أية لجنة تحقيق دولية في فضح الجريمة.. التي آلت إلى النسيان. ثم سكب الرصاص على رؤوس أهل غزة.. واختلطت قذائف الدبابات بالفوسفور الأبيض.. وتحولت مدن القطاع إلى أنقاض.. وفرض حصار إبليسي على المظلومين .. ومرة أخرى سكت الجميع.. لتتحول الجريمة إلى إيقاع يومي لمأساة ملايين الجائعين والمرضى ومن لا مأوى لهم.. ولم يفلح تقرير فغولدستون''في جر القاتل إلى القفص.. لقد زين الجميع فعلته البشعة.. وشايعهم في ذلك ''عباس ف.. وجملة النظام الرسمي العربي!! تضرب إسرائيل في كل مكان.. وتقصف ما يقال إنه مفاعلات نووية في سوريا.. وقبل ذلك في العراق.. وتتدرب طائراتها على شن غارات مماثلة في إيران. يحدث هذا.. والغرب كله..أصم أبكم.. والعرب يجارونهم في الصمم والبكم . إزاء ما تفعل إسرائيل.. يرتفع الفيتو الأمريكي لوأد أية إدانة قد توجه لها..أليست إسرائيل - بالمنطق الأمريكي - دولة وديعة.. حرة.. ديمقراطية.. متقدمة.. تحترم حقوق الإنسان..وهي بمثابة واحة جميلة.. خضراء..وسط صحراء عربية جافة..تخترقها كثبان رملية تنشر العطش والموت. أليس الإسرائيلي.. هو الرجل العصري الحاذق سياسيا وعلميا.. خلافا للعربي الذي يكتنز النفط في جيوبه.. ليبعثره في الكازينوهات الغربية.. ويشتري به اللذات والمسرات!! قد يكون العربي ''الرسمي'' جدير بالصورة الكاريكاتورية المرسومة له في الإعلام الغربي.. لأنه كف عن أن يكون إنسانا أو مواطنا مستأمنا على الأرض والإنسان.. لكن هل كان الإسرائيلي في يوم من الأيام.. غير صورة الشيطان الآدمي. إن الدلال الذي تحظى به إسرائيل.. يجعلها كالطفل المجنون.. الذي يشتري له أبوه ثيابا جديدة.. وكلما ألبسه إياها.. عمد إلى تمزيقها.. ليرتدي ثيابه البالية. هل يصلح العطار الأمريكي ما أفسد الدهر الإسرائيلي؟ لا أظن.. ستظل إسرائيل مأوى كل قبح.. وإن تناولها الغرب بكل ما يملك من مساحيق سياسية وإعلامية ومالية..فلا إسرائيل تملك أن تكون جميلة.. ولا الغرب يقدر على جعلها تبدو جميلة.