لاتزال الجزائر تدفع ثمن مكافحة الإرهاب بشجاعة، فقد فقدت 11 عنصرا من حرس الحدود بمنطقة تيزاوين وهم من العناصر الساهرة على مكافحة شبكات التهريب والإرهاب، والأكيد أن فاتورة بسط الأمن ليس لها حدود، لكن ماذا فعلت الدول الغربية التي تطالب العالم بمكافحة الإرهاب من أجل مد يد المساعدة لدول منطقة الساحل في هذا المجال؟ يحدث هذا في الوقت الذي بات واضحا أن مصالح الغرب من شأنها أن تضحي بكافة الاعتبارات التي تضعها دول الساحل الإفريقي في التصدي للشبكات الإرهابية، وهناك العديد من المعطيات التي تدفع لطرح الكثير من الأسئلة: هل للغرب إستراتيجية للتعاون في محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي؟ وهل لهذا التعاون ثمن يجب أن تدفعه دول المنطقة للغرب؟ ولماذا يتم تفادي تجريم دفع الفدية للإرهابيين؟ بل لماذا يدفع الغرب فدية للجماعات الإرهابية بملايين الدولارات في الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الدولي على محاربة مصادر تمويل الإرهاب؟لقد كشفت بعض وسائل الإعلام الغربية عن رفض أمريكي فرنسي تزويد الجزائر بصور تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية لأماكن تواجد عناصر إرهابية خطيرة بل وتشكل تهديدا أمنيا في منطقة دول الساحل الإفريقي برمتها· يحدث هذا أيضا في الوقت الذي يضغط فيه الغرب على دول الجنوب من أجل الكشف عن معلومات تشكل مسا بأسرار أمنها القومي، فلماذا تمانع أمريكا وفرنسا في قضية تتعلق بمكافحة الإرهاب في المنطقة؟ إن الأحداث التي عرفتها دول الساحل في السنوات الأخيرة كشفت عن أسرار وتوجهات لن تؤدي إلا إلى المزيد من التعقيدات في ملف مكافحة الإرهاب بالمنطقة على ضوء الرؤية الغربية للأشياء· فهذه الدول تتعاون مع الساحل الإفريقي في مكافحة الإرهاب بطريقة تضع فيها مصالحها فوق كل الاعتبارات الأخرى بما في ذلك دفع الفدية، وهو ما يشكل مصدر تمويل جديدا للجماعات الإرهابية تضخه الدول الغربية التي يتعرض رعاياها للاختطاف الأمر الذي يضع كل الإجراءات التي يتم توظيفها في المؤسسات المالية العالمية في دول أوروبا وآسيا والولاياتالمتحدةالأمريكية في مهب الريح ما دامت الجماعات الإرهابية تجد في أموال الفدية وهي خيالية المصدر الأكثر سهولة لتمويل كافة العمليات الإرهابية وتغطية نفقات السلاح وشراء الذمم وغيرها·وعلى ضوء كافة هذه الاعتبارات يبدو أن الغرب غير مستعد للمزيد من التنازلات لدول الجنوب رغم أنه يقدم الكثير من هذه التنازلات للجماعات الإرهابية فيما تعلق بالفدية، وهذا هو الجزء العلني من الاتفاق، إذ من غير المستبعد وجود بنود أو شروط سرية رافقت المفاوضات التي قامت بها العديد من الدول الغربية التي تعرض رعاياها للاختطاف كرهائن للجماعات الإرهابية· لكن الغرب لن يستفيق إلا على ضربة موجعة قد توجهها الجماعات الإرهابية على طريقة 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ظلت ترعى كافة أطر التطرف والتعصب إلى أن انقلب السحر على الساحر·