حمل بيان رئيس الجمهورية الذي صدر أمس أقوى الرسائل بخصوص المؤسسة العسكرية والدور الكبير الذي لعبته وتلعبه في البلاد، وهو ليس بالأمر المفاجئ خصوصا وأنها كانت محور الجدل و«الحرب الكلامية" التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، وهو تصرف رأى فيه الرئيس غير لائق بحق هذه المؤسسة التي تعتبر من أكبر الضمانات على أمن واستقرار البلاد. وإن كان الرئيس لم يسم المقصود بكلامه عن المسيئين للجيش الوطني الشعبي، إلا أنه كان واضحا الهدف منها وهو الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، والجنرال المتقاعد حسين بن حديد، فالأول وجه سهام تصريحاته الى جهاز المخابرات، ورئيسه الجنرال توفيق، أما الثاني فقد هاجم بشدة قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي وخاصة الفريق أحمد قايد صالح. وإن كان سعداني قد بدأ حملة تصريحاته المثيرة قبل أشهر، فإن الجنرال المتقاعد بن حديد ركب موجة "فوضى التصريحات" قبل أسابيع قليلة، عندما قرر الخروج الى الضوء بصورة مفاجئة ليهاجم الفريق أحمد قايد صالح بشدة، متنقلا بين المنابر الإعلامية المختلفة، حيث فرض حضوره الدائم في وسائل الإعلام مسوقا فكرة الصراع بين فريقين في المؤسسة العسكرية، معطيا سيناريوهات لم تكن مدعمة بأية اثباتات. ويرى مراقبون أنه بصدور بيان الرئيس بوتفليقة يوم أمس بمناسبة يوم الشهيد، الذي أكد على اللحمة الكبيرة التي توحد المؤسسة العسكرية، بقيادة أركانها وجهاز المخابرات والتي تعمل كلها في سبيل المصلحة العليا للوطن، تطوى المرحلة التي عرفت فيها البلاد تصريحات مثيرة وذات التأثيرات السلبية على استقرار البلاد وسير مؤسساتها، تكون اداعات الجنرال المتقاعد بوجود صراعات في دواليب مؤسسات الدولة وخاصة في الجيش الوطني الشعبي قد فقدت صلاحتها بصورة نهائية. ويعتبرون حتى اللغة التي استعملها الرئيس كانت على مسافة واحدة بين جميع المؤسسات، فلم يفرق رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع بين جهاز المخابرات وقيادة الأركان، بل استعمل مصطلحا جامعا وهو"المؤسسة العسكرية" في كل البيان الذي وضع فيه النقاط على الحروف وأكد على قدسية هذه المؤسسة ودورها الكبير في خدمة أمن واستقرار البلاد وليس الدخول في صراعات ونزاعات جانبية. وبهذا الرد الحازم والواضح من رئيس الجمهورية بعد أسابيع من "التصريحات النارية" التي طالت المؤسسة العسكرية سيكون على من تخول له نفسه المساس بوحدتها أن يراجع نفسه قبل الإقدام على تصريح لا تحسب عواقبه السياسية والأخلاقية مهما كانت مغريات حرية التعبير.