فاجأ قرار جبهة القوى الاشتراكية أحزاب المعارضة وعددا من الشخصيات الوطنية بالمشاركة في لقاءات الحوار "التوافقي" بشأن الدستور، وهو الصيغة التي عرضتها السلطة على كل الفعاليات والأحزاب من أجل الخروج بمسودة دستور توافقي تُعرض على الاستفتاء الشعبي. مشاركة جبهة القوى الاشتراكية تعتبر انفلاتا لحبة من عقد المعارضة التي ظهرت الأسبوع الماضي أكثر تماسكا وقوة خلال ندوة الانتقال الديمقراطي. فهل خان الأفافاس عقد الشراكة مع أحزاب المعارضة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون عملا تكتيكيا الهدف منه الوقوف على النوايا الحقيقية للسلطة التي تراوغ أكثر من أجل افتكاك موافقة أو تأشيرة سياسية. مشاركة جبهة القوى الاشتراكية ذات مغزى آخر، فهي تعني النجاح السياسي لمهارات أحمد أويحيى في طهي ما لذ وطاب من وجبات الاستقطاب السياسي لألد خصومه. ولولا إعلان مشاركة الأفافاس في المشاورات التوافقية بشأن الدستور ما عادت الحيوية والحياة لهذه المبادرة السياسية التي يرى البعض أنها ولدت ميتة، فقد تميزت المشاورات السياسية بين السلطة وأحزاب الموالاة والمعارضة بالبرودة السياسية التامة والنفور الشعبي، إذ أن اللقاءات والمشاورات لم تحظ بأي اهتمام في الشارع وعلى العكس من كل الاستحقاقات التي عاشتها بلادنا، فإن مسألة تعديل الدستور لم تعرف تجاوبا سياسيا ولا شعبيا معها. مشاركة جبهة القوى الاشتراكية في حوار السلطة بشأن الدستور قد تكون قرارا سياسيا مدعما من طرف شخصيات وطنية رفضت الخوض في الأمر بشكل علني، حيث سبق لرئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش أن اعتبر بأنه لا انتقال ديمقراطي ولا إصلاحات دون مشاركة من السلطة بكافة أجنحتها وتياراتها وقد ذكر بالتفاصيل الأسماء والأسباب، بيد أن الكثير من الفعاليات السياسية والشخصيات والأحزاب رأت في كلام حمروش الكثير من الصدق والموضوعية، كونه ابن النظام الذي يعرف مفاصل سير اللعبة الديمقراطية، لكن الأمر لا يقتصر على واجهة الأفافاس، ففي المقابل يجلس الوزير الأول السابق أحمد أويحيى في انتظار قدوم ضيوفه، إلا أن جلوسه لا يعني ثقته الكبيرة في ما يقوم به وفيما سيصل إليه، فهو طاه ماهر للوجبات الخالية من الدسم وهذا ما أدى إلى استقطاب جبهة القوى الاشتراكية إلى طاولة الحوار.. ومن غير المستبعد أن يؤدي التحاق جبهة القوى الاشتراكية بالحوار مع السلطة إلى إعلانات عديدة تخص مشاركة شخصيات وقوى وطنية في الحوار التوافقي حول الدستور القادم بعدما نجحت السلطة في وضع الجميع أمام الأمر الواقع.