على هامش سعيه الدؤوب لافتكاك اعتراف رسمي من وزارة الداخلية ب''حق'' حزب الشعب في العودة والمشاركة في الساحة السياسية، يسعى رفيق مصالي الحاج، الحاج علي عفوني من خلال نشاطه التوعوي للمّ شمل المصاليين وإحياء أمل عودتهم عبر اعتراف رسمي يريده أن يتكلل بمنح الاعتماد للحزب، في إطار مصالحة لا تقصي التاريخ ولا صانعيه ممن تنكر لهم جيل الاستقلال في إطار تصفية لكل مخالف للرأي.. الحاج علي عفوني، الذي ضاعف نشاطه منذ مدة من خلال إشرافه على عقد تجمعات وإحياء مناسبات تخلد ذكرى الزعيم مصالي الحاج، وترتبط بمواقفه في إصرار على أن ''حزب الشعب '' أكبر من أن يتحول إلى ذكرى في متحف كبير.. ''البلاد'' استضافت الحاج علي عفوني، بعد نزوله إلى أرض الوطن، وتناولت معه محطات عدة، فمن التاريخ وأسئلته الملغمة، إلى وضعية الحزب الآن وآفاقه، وانتهاء بواقع الجزائر ومواقف رفيق مصالي الحاج من بعض القضايا والانشغالات الوطنية على رأسها قانون تجريم الاستعمار وكذا خرجة فرحات امهني الانفصالية وحكومته المزعومة، بالإضافة إلى كتاب سعدي حول عميروش وما حواه من اتهامات موجهة لعدة أطراف بتصفيته..والأهم موقفه من أطروحة أن الزعيم مصالي الحاج اختار أن يعيش ويموت في فرنسا في الوقت الذي كان فيه الوطن يحتضن الثورة ويصنع أمجادها مصالي كان مشروع قتيل لو وطأ أرض الوطن في تفنيد للطرح القائل إن مصالي الحاج اختار العيش والموت في فرنسا، أرجعنا الحاج علي عفوني، إلى المناسبة التي يسعى مناضلو حزب الشعب لإحيائها والتي تصادف 2 أوت من كل عام، ليذكر من نسي ومن يطعن في تاريخ الزعيم، بواقعة ''حفنة التراب'' كما يسميها المناضلون، حيث ذكر الحاج عفوني، أن الزعيم بلغته أخبار عن تورط شخصيات سياسية وعلماء جزائريون لهم وزن ومكانة في سنة 1937 في مشروع ''فيولات'' الذي يقر بأن الجزائر فرنسية مقابل الإدماج، وذلك عبر تنظيم مؤتمر إسلامي بفرنسا، كان بمثابة طعنة في الظهر لعروبة وجذور الجزائر، ولأن المشاركين في ''الفخ'' الاستعماري كانوا شخصيات دينية لها وزنها، فإن مصالي الحاج زارهم في الفندق، ودخل معهم في جدال ليكون ردهم أن واجهوه بأنهم الأعلم بمصلحة الجزائر متهمين إياه بأنه يعيش في فرنسا وغير مدرك لما يعيشه الجزائريون. ولأن التحدي بين الطرفين بلغ أوجّه، فإن مصالي نزل إلى الجزائر وبالملعب الذي احتضن ''المؤتمر'' حيث تناول الكلمة وسط حضور بالآلاف في تاريخ 2 أوت، حمل حفنة تراب بيديه وقال قولته المشهورة هذه ''الأرض'' ليست للبيع ولا للمقايضة.. وهو ما أفسد مؤتمر الإدماج بعد أن حملت الجماهير زعيمها فوق الرؤوس وجابت به العاصمة. أما عن عيشه بفرنسا إبان الثورة، فإن الجميع حسب الحاج علي عفوني، يعلم أن فرنسا هي التي فرضت عليه الإقامة الجبرية، كما أن جبهة التحرير أمرت بتصفيته إذا ما وطأ أرض الوطن..وللقائلين بأن مصالي كان بإمكانه أن يختار القاهرة، أو تونس أو المغرب، فإن الحاج علي عفوني، قال بأن مصير الزعيم كان سيكون إما الحبس أو التصفية.. والشواهد موجودة، فحتى زعماء الجبهة دخلوا في تصفيات فيما بينهم''.. فكيف يأمن الزعيم على حياته؟ الساحة السياسية تعيش الكساد.. وحزب الشعب ضرورة وطنية وحتمية تاريخية. في مسار ومحاولات الحصول على اعتماد قانوني ورسمي للحزب، قال ضيف ''البلاد'' إنه موجود ومتجذّر وإن الساحة السياسية بما فيها من تشكيلات سياسية تعيش كسادا وفراغا رهيبين، بعدما فقد المواطن الثقة في الأحزاب الموجودة. ولأن من حق أي مواطن المشاركة في بناء الدولة، فإن حزب الشعب بتاريخه المشهود وتجربته ونضاله وشهدائه غير المعترف بهم، أصبح ضرورة وطنية وحتمية تاريخية، فالمصالحة هي الحل واعتماد الحزب رسميا لم يعد استردادا لحق تاريخي مسلوب، بل حاجة وطنية أمام كساد سياسي عام. كما ذكر رئيس حزب الشعب غير المعتمد، في المنوال ذاته، أن رئيس الجمهورية وحده الذي رد على المراسلات التي وصلته من قادة هذا التنظيم. وعن سؤال حول احتمال أن تتغير نظرة وزارة الداخلية إلى مطلب الاعتماد مع وزير الداخلية الجديد ولد قبايلية.. علق علي عقوني على أن قرار الاعتماد ليس قرارا قانونيا أو إجرائيا، ولكنه قرار سياسي بحت، والأمل في رئيس الجمهورية فقط.. خدمة للتاريخ وللمصالحة الوطنية التي لن يكون لها معنى ما لم نتصالح مع التاريخ ونرمم ''انزلاقاته''..ليوجه مرة أخرى نداءه إلى الرئيس بأن يتدخل لإعادة التاريخ إلى سكته باعتماد الذاكرة كحزب سياسي.. أعرف سعيد سعدي سياسيا لا مؤرخا! وعن كتابة التاريخ، وموقفه من كتاب سعيد سعدي حول عميروش والاتهامات التي وجهها زعيم الأرسيدي إلى هواري بومدين وبن لوصيف، قال الحاج عقوني إن كتابة التاريخ ليست مهنة سياسية، ولكنها اعتناق الحقائق بلا تشويه أو حسابات مسبقة، كما أنها من اختصاص المؤرخين، وحمّل السلطة مسؤولية ما يجري من تزييف كونها لم تعتمد سياسة تاريخية واضحة بأن تفتح الأرشيف لأهل الاختصاص لكتابة التاريخ بنقاطه البيضاء والسوداء، فالمشكلة حسبه ليست في سعدي، بل في المسؤولين الذين أغلقوا باب الأرشيف والبحث، حسب رأي الحاج علي.. الأحرار أكثر من الأوباش والمغامرين.. في تيزي وزو حول موقفه من الحكومة المزعومة لفرحات مهني ودعوات انفصاله، قال ضيف ''البلاد'' إن الأحرار بتيزي وزو أكثر وأكبر وأقوى وأثبت من الأوباش والمغامرين الذي تحولوا إلى بيادق وعملاء لجهات أجنبية، لم تستوعب بعد أن الجزائر على قلب ''أرض'' واحدة ودين واحد ووجود واحد.. ففرحات مهني، حسب علي عقوني، امتداد قديم لخيانات أقدم، وهذه المؤامرة والحكاية قديمة جدا، فشلت فرنسا في فرضها إبان فترة مصالي الحاج. ونماذج فرحات مهني حسبه كانوا بالعشرات لكنهم اصطدموا بتماسك ووحدة ووفاء الشعب الجزائري والتفافه حول وطنه وأرضه ووحدته. كما طالب في الوقت ذاته بتحرك السلطة لردع أمثال فرحات مهنّي وكشف أبعاد المؤامرة.. برلمان زياري.. خانته القدرة على تجريم الاستعمار في تعليقه على ''دفن'' مشروع تجريم الاستعمار من طرف برلمان زياري، استغرب علي عقوني كيف أن برلمانا يتقاضى نوابه 30 مليونا شهريا من أموال ما كانت لتصلهم لولا تضحيات الشهداء، يترددون ويماطلون ويعجزون عن المصادقة على قانون هو فخر الأمة وهدية الأحياء للشهداء. واستشهد ببرلمان فرنسا حينما صادق على عدة قوانين تخدم تاريخ بلادهم. ليضيف علي عقوني أن برلمانا بهذا الشكل عاجز ولا يملك القدرة على اتخاذ القرار ولا المواقف. فمهما كانت المبررات فإن البرلمان ونواب الشعب جاءتهم فرصة لدخول التاريخ لكنهم ظلوا خارجه.. في النهاية.. ركز الحاج عقوني على أن الجزائر تحتاج إلى وثبة وطنية تعيد الأمور إلى نصابها، وثبة ضد الفساد المالي المتفشي، ووثبة ضد النفس للتصالح معها، ووثبة لصالح جزائر تسع الجميع ويساهم الجميع في بنائها. وآخر ما طلبه رفيق مصالي من الرئيس أن ترجاه بأن يعيد لرفات الشهداء من المصاليين اعتبارهم، التي لايزال بعضها في العراء عرضة لكل عوامل المهانة، ففي البداية والنهاية، فإن الشهيد شهيد، سواء استشهد تحت لواء الحركة الوطنية الجزائرية أو لواء جيش التحرير.