دقّ أخصائيون في علاج السرطان جرس الإنذار أمام الارتفاع المهول لحالات الأورام السرطانية المتفشية بشكل مذهل في ولاية الشلف نتيجة عدة عوامل ساعدت على بروز هذا "المرض الخبيث" منها التفاعلات الكيميائية لمادة الأميونت التي تغطي تقريبا معظم أقاليم الولاية المعروفة بظاهرة البناءات الجاهزة، ناهيك عن السموم التي تصدرها نفايات هذه المادة الخطيرة جدا في المناطق الصناعية التي بلغ حجمها إلى 54 ألف طن تبقى تشكل خطرا داهما على صحة المواطنين. وتبين المعطيات الطبية التي كشفت عنها دراسة حديثة لأطباء خواص عن "قنبلة موقوتة" تبقى تهدد حياة قاطني البنايات الجاهزة أو المساكن المحيطة بهذه "الشاليهات" لقدم هذه الأخيرة وبداية تفاعل مادة "الأميونت" العازلة التي استعملتها شركات أمريكية وإسبانية في صناعة "البراريك" ضمن المرحلة الثانية من زلزال الأصنام 1980. يقول الدكتور "ب.م" إن الأجانب الذين شغلوا تقريبا 3 سنوات في تثبيت هذه المباني الجاهزة عبر 26 بلدية بتراب الولاية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حددوا مدة صلاحية هذه المساكن بأقل من 10 سنوات قبل الشروع في إزالتها واستبدالها بمساكن "صلبة" بسبب مخاطر "الأميونت"، إلا أن هذه النصائح ذهبت سدى، لافتا إلى أن هذه المادة الكيميائية باتت تشكل أعقد المشاكل البيئية والصحية في الوقت الراهن، موضحا أن مرض السرطان في تزايد مستمر بتراب الولاية وأن مختلف المصحات الخاصة بمكافحة الورم الخبيث بالجزائر العاصمة، البليدة ووهران مكتظة بالمرضى القادمين من ولاية الشلف التي تسجل وحدها 60 في المائة من الحالات المؤكدة نتيجة تضررهم من مخلفات "الأميونت"، قائلا إن السرطان يغزو بكثافة المجمعات المعروفة "بالبراريك" والأحياء القصديرية، واستوطن السرطان الذي أصاب مختلف المراحل العمرية في الولاية، غشاء الرئة والقصبة والصفائح الغشائية الجانبية، بسبب التعرض المباشر لروائح المادة المضرة، خاصة أن هذه المادة مكدسة في الأسقف وأرجاء المساكن، ناهيك عن المصانع والحجرات المدرسية التي لم يتم تعويضها لحد الساعة بالبناء الصلب رغم من توفير الدولة مبالغ ضخمة لهذا الغرض، وهو ما يزيد من احتمال ارتفاع الإصابات بشكل كبير خلال السنوات القادمة. وبلغة الأرقام كشفت الدراسة الطبية استنادا إلى واقع الأمر، أن ما يعادل 8 إلى 10 أفراد يموتون سنويا بهذا الداء بسبب مخلفات الأميونت وحدها في غياب أرقام دقيقة حول العدد الإجمالي للمصابين بالسرطان، رغم أن تقرير وزارة الصّحة الصادر سنة 2011 أشار إلى وجود 19 حالة سرطان منذ بروزه في الولاية، في الوقت الذي لم تصدر فيه بعد إحصائيات دقيقة حديثة عن عدد حالات الإصابة. وتبعا للدراسة نفسها، فإن ولايات الشلف، عين الدفلى، تيبازة وتيسمسلت من الولايات الأكثر تضررا من الأميونت لكونها الوحيدة التي لم تتخلص لحد الآن من خطر البنايات الجاهزة التي تعود إلى 35 سنة خلت، حولها إلى مناطق شبه منكوبة أو "دواوير" القرن الإفريقي على حد تعبير ناشط حقوقي في الشلف. وتشير التقارير الطبية الخاصة إلى أن معدل الإصابات يرتفع في فصلي الربيع والصيف في الشلف وعين الدفلى، بفعل قوة التفاعل الكيميائي في "البراريك" وحتى المصانع والمؤسسات التربوية التي تنقل المادة إلى السكان، مما يضاعف عدد الإصابات بسرطان الرئة.