يغادر أو لا يغادر ؟ .. لقد باتت القضية مسألة وقت فقط ، قبل أن يعلن عبد القادر بن صالح عن انسحابه من قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، وهو ثاني أكبر الأحزاب التي تعتبر دعامة أساسية للسلطة في المواعيد والاستحقاقات المصيرية. عبد القادر بن صالح .. الرجل الذي يتميز بالصرامة والانضباط عندما يتعلق الأمر بمؤسسات الدولة لم يقل أكثر مما هو متداول في السر و العلن فقط صرح اليوم بتحفظ واضح عن موقفه من الأزمة الدائرة حوله ، حيث اعترف في تصريح مقتضب للصحافيين بكواليس مجلس الأمة بأن الأرندي يعيش وضعا غير عاديا ، وهو اعتراف رسمي بوجود حراك أدخل الحزب في متاهات أزمة من شأنها أن تعصف به ، وفي نفس الوقت اعترف بن صالح بتعدد مصادر المعلومات والأخبار التي قال "إنها تأتي من كل جهة" مضيفا :"شخصيا لم أتلق أي شيء رسمي يؤكد أو ينفي هذا التوجه أو ذلك"، ويؤشر تصريح بن صالح في هذه النقطة بالذات أن مركزية الأحداث الدائرة في التجمع الوطني الديمقراطي تكون قد تجاوزت الرجل إلى شخصية أخرى أو مجموعة أشخاص آخرين . وفي خلاصة تصريح بن صالح الذي رفض الإجابة عن أسئلة الصحفيين :"التجمع الوطني الديمقراطي توّاق لأن يحقق الاستقرار، وأنا بدوري أعمل على تحقيق هذا الاستقرار، لأن استقرار التجمع الوطني الديمقراطي هو دعم لاستقرار الجزائر" يضيف بن صالح في ذات التصريح مضيفا :"على الصعيد الشخصي أنا أسمع هذه الأخبار ، ولم أتلق المعطيات التي تؤكد هذا وذلك " لكن بن صالح فتح قوسا مهما في تصريحه وهو يؤكد بالقول :" سوف أمنح نفسي بعض الوقت لكي أتجاوب مع هذا الطلب أو ذلك " دون أن ينسى توجيه الدعوة للمناضلين وقيادات الأرندي من أجل الهدوء وترجيح العقل وإيجاد الصيّغ التي تصون للحزب وحدته واستقراره. حتى و إن كان تصريح بن صالح للصحفيين أشبه بخطبة الوداع ، فإن رئيس مجلس الأمة وضع الأرندي في الثلاجة منذ رحيل أحمد أويحي عن أمانة الحزب ، فقد غاب التجمع الوطني الديمقراطي كثيرا عن المواعيد الوطنية والساحة السياسية ، وهي حالة من شأنها أن تؤدي إلى "تحلل" الحزب الذي انفصل عن محيطه السياسي بشكل غير مسبوق ، كما أن حراكا سياسيا في عدة أحزاب كبرى يجرف بن صالح لاستقدام خليفة له يكون قادرا على تفعيله سياسيا ، بما يؤدي إلى تحقيق أجندة سياسية تتضح معالمها هذه الأيام مع ماهو دائر حاليا في حركة مجتمع السلم وعودة زعيمها السابق أبوجرة سلطاني ، وما يتفاعل آليا ومنذ الإطاحة بالأمين العام للآفلان عبد العزيز بلخادم بطريقة غير متوقعة في كواليس الحزب العتيد ، كل هذا الحراك كان لا بد أن يشمل الأرندي باعتباره دعامة أساسية ضمن تحالف ثلاثي قوي ساندة الرئيس بوتفليقة منذ 1999 إلى غاية انسحاب حمس من الحكومة ، إلا أن المعطيات الحالية تؤكد حاجة السلطة إلى دعم حزبي قوي يوفر لها غطاء من أجل إعداد أجندة سياسية لمواجهة أوضاع مفاجئة و أخرى محسوب لها ، وعبد القادر بن صالح بحكم التوازنات القائمة في أعلى هرم السلطة فضلا عن مهامه كرئيس لمجلس الأمة ، ستكون مغادرته للأمانة العامة للحزب حتمية سياسية تفرضها الظروف ، مع التأكيد أن الأرندي لا يقوده سوى شخصا اسمه أحمد أويحي معروف بقدرته على التفاعل مع الأحداث وعلى المناورة والمواجهة مهما كان الثمن.