لم يكن أمر إنهاء مهام رئيس قسم الاستخبارات والأمن محمد مدين خبرا عاديا، فالشخص كان له وزن في الدولة وفي صناعة سياساتها وقراراتها السيادية بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك بشهادة كل الأطراف سواء ممن كانوا في صف الحكومة أو من صف المعارضة، لذلك فقد تباينت الآراء حول هذا الأمر وحول طبيعته، خصوصا في هذه المرحلة بالذات وبعد سلسلة من التغييرات الجذرية التي شهدتها المؤسسات الأمنية والعسكرية. جيلالي سفيان: نثمّن القرار ان كان بمساهمة كل مؤسّسات الدولة تساءل جيلالي سفيان، رئيس حزب جيل جديد، عن ماهية إنهاء مهام رئيس قسم الاستخبارات والأمن في هذا الظرف بالذات، حيث قال إنّ الأمر لا يبدو واضحا بعد، هل هو التحضير لمرحلة جديدة، نظرا للتغييرات الثقيلة التي حدثت مؤخرا على الأجهزة الأمنية والمناصب العسكرية الثقيلة، وأضاف المتحدث قائلا "لا ندري حتى إن كان الأمر لدعم مراكز القرار في السلطة أو هو نتيجة صراع الأجنحة كما يقال". ولم يعتبر جيلالي سفيان هذه التغييرات روتينية أو صادرة بمراسيم دستورية، باعتبارها جذرية كما يقول، وعاد للتساؤل هل هي مرحلة جديدة لجيل جديد لتولي زمام الأمور والحكم أم هي مرحلة نهاية صراع كان يدور في أجنحة السلطة؟! وقال المتحدث إن هناك نوع من القلق لأن الأبواب مفتوحة على المجهول وتغيير بهذا الحجم، يضيف جيلالي، نثمّنه إن كان بمشاركة كل مؤسسات الدولة لا على حساب الأجنحة. محمد ذويبي: نهاية مرحلة وبداية أخرى نرجو أن تكون لصالح المعارضة قال محمد ذويبي، الأمين العام لحركة النهضة، إن أمر إنهاء مهام رئيس قسم الاستخبارات والأمن محمد مدين، كان منتظرا منذ الانتخابات الرئاسية السابقة ولكن في الأيام الأخيرة تعزّزت هذه الفرضية، خصوصا بعد التغييرات الكبيرة والجذرية التي شهدتها المؤسسات الأمنية والعسكرية، وقال ذويبي إن المهم حاليا هو نهاية مرحلة أصبحت قديمة، وننتظر مرحلة جديدة تكون فيها الحريات أوسع وللمعارضة رأي وصدى بين مؤسسات الدولة، وتكون فيه انتخابات رئاسية نزيهة لإنقاذ البلاد، وقال ذويبي إنّ خبر إقالة محمد مدين ليس بالأمر العادي، لأن الرجل ليس كأي انسان بسيط باعتباره كان له الأثر البالغ في صناعة سياسة الجزائر. وكان هذا رأي بعض مسؤولي أحزاب المعارضة الذين رأوا في إنهاء مهام محمد مدين، نهاية مرحلة قديمة في انتظار مرحلة جديدة تأمل فيها المعارضة المزيد من الحقوق سواء في الحريات أو في إقامة رئاسيات مسبقة أو تغييرات في مؤسسات الدولة بما يضمن توازنا في أجهزتها، وهو الأمر الذي تعرضه أحزاب الموالاة جملة وتفصيلا وهي التي لطالما نادت بشرعية المؤسسات الدستورية وبعدم وجود أي صراع في قمة الحكم، ولم تكن محاولة معرفة رأي الأحزاب الموالية للسلطة واضحة المعالم، خصوصا بعد الاتصالات المتكرّرة بمسؤوليها أو مناضليها سواء من حزب الأغلبية أو من حزب الأرندي أو غيره من الأحزاب التي كانت ولا تزال تساند برنامج الرئيس بوتفليقة، حيث لم يجب أغلبهم على الاتصالات بل تعدّى الأمر إلى رفض أحدهم التعليق على الأمر معتبرا أنّ الأمر خارج عن صلاحياته.