البلاد - عبد الله نادور - يبدو أن ملف ندوة الإجماع الوطني وتأجيل الرئاسيات يتجه نحو طريق مسدود، بالنظر للعديد من المؤشرات التي بدأت تظهر في الساحة السياسية منذ اليومين الأخيرين، أبرزها صمت مصالح رئاسة الجمهورية، ثانيها حادثة "فبركة" بيان الحزب العتيد، وأيضا رفض أبرز أضلع الائتلاف الرئاسي ممثلا في "الأرندي" وصمت "الأمبيا". حالة الانسداد والغموض بخصوص مستقبل الوضع السياسي في البلد لن يطول، حيث يبدو أن الأمور تتجه نحو الانفراج، وكشف كامل الأوراق أمام اللاعبين السياسيين، خاصة مع الانقسام الواضع داخل معسكر الموالاة بالدرجة الأولى، خاصة الائتلاف الرئاسي بالتحديد، حيث يلاحظ وجود جبهتين داخل هذا التحالف الرئاسي، تتكون الجبهة الأولى من التجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية الجزائرية، الأول أكد على لسان الناطق الرسمي، صديق شهاب، في العديد من المناسبات أنه لا يوجد ما يدفع للذهاب نحو ندوة إجماع وطني، مثل ما دعا إلى ذلك غول ومقري. في حين تتمسك الحركة الشعبية الجزائرية بقيادة رئيسها عمارة بن يونس بمقولة "التزامنا مع شخص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فقط"، ما يوحي برفض أي شيء آخر غير استمرار الرئيس بوتفليقة في سدة الحكم، مع العلم أنه من معارضي الندوات الوطنية والمراحل الانتقالية. الجبهة الثانية داخل الائتلاف الرئاسي تتكون من التقارب الواضح بين تجمع أمل الجزائر وحزب جبهة التحرير الوطني، الأول يدعو وبقوة لندوة تجمع الجزائريين، لم تمانع تأجيل الرئاسيات والتمديد للرئيس بوتفليقة، في حين كان هناك تقارب مع الحزب العتيد، الذي يؤكد استعداده لتنفيذ أي قرار يتخذه رئيس الحزب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وهذا قبل قضية الرسالة "المفبركة" التي طرحت العديد من التساؤلات بخصوص ما يجري داخل أسوار الحزب الجهاز، الذي كان يزايد على الطبقة السياسية بالعهدة الخامسة وبمبادرة الجبهة الشعبية الصلبة، أصبح الآن يتحاشاها أي حديث عن العهدة الخامسة. هذه التطورات داخل أحزاب الائتلاف الرئاسي، توحي وبشكل كبير بأن التوافقات باتت صعبة للغاية، داخل القطب الواحد، سواء بالتمديد للرئيس بوتفليقة، أو تأجيل الرئاسيات أو الذهاب نحو ندوة إجماع وطني أو حتى العهدة الخامسة. المعطى الثاني، يتمثل في غياب الإجماع، هذه المرة، وعلى غير العادة، داخل صفوف المعارضة، فبعد أن خرج عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، بالدعوة لتأجيل الرئاسيات والذهاب نحو ندوة إجماع "برؤية إصلاحية شاملة"، لم يجد هذا المسعى تجاوبا لدى شركاء الأمس، فقد دعا جاب الله إلى ضرورة اجتماع المعارضة وسعى مقري لهذا اللقاء، غير أنه لا شيء تحقق لحد الساعة، في حين اعتبر بعض الشخصيات والأحزاب أن الذهاب لهكذا ندوات عبارة عن "تعدي على الدستور"تدعو حمس لعدم جعل الدستور عقبة أمام إصلاح "مستقبلي شامل". ثالث مؤشر لعدم تجسيد مشروع مقري ولا مبادرة غول، هو ضيق الوقت، فلا يفصلنا عن الموعد الدستوري لاستدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات أبريل 2019 إلى أسبوعين فقط، ما يجعل العديد من المتابعين للشأن السياسي يتساءلون عن موعد عقد هذه الندوة ومدتها ونوعية الحضور في ظل هذه الانقسامات الواضحة داخل الطبقة السياسية.