في آخر دراسة للمعهد تابع للمنضمة العربية للثقافة كشفت أن نسبة ما يقرأه الفرد العربي هو 20 صفحة في السنة، أما الفرد الجزائري فنصيبه من القراءة والمطالعة هو ربع صفحة سنويا. وهي نسب خطيرة بالنسبة لمن يعرف قيمة العلم والمطالعة في تنمية الفرد وبناء حضارة الإنسان وهي نسب عادية بالنسبة للأنظمة التي لا تولي أهمية كبيرة لكل ما هو فكري وعلمي. الجزائر اليوم تحيي ما اصطلح على تسميته بيوم العلم الموافق لذكرى وفاة العلامة عبد الحميد بن باديس مؤسس النهضة الفكرية في الجزائر. وبنظرة متأملة لواقع العلم والمعرفة في الجزائر يمكن القول إننا مازلنا بعيدين كل البعد عن المستوى المطلوب بل إلى الحد الأدنى من حجم المعرفة الواجب توفره في أي دولة لتحقيق أمنها المعرفي من الإنتاج العلمي. في هذا الإطار نجد أن واقع البحث العلمي في الجزائر وهو القاطرة الأمامي لخلق أي ثروة علمية ليس بالأمر الذي يسر بحيث رغم ما ترصده الدولة من ميزانيات وأموال لتشجيع البحث العلمي في الجامعة الجزائرية إلا أن هذه الميزانيات تبقى حبرا على ورق بحيث إنه نادرا ما نسمع عن ابتكارات أو اكتشافات علمية في المخابر الجزائرية، وهو شيء انعكس سلبا على التحصيل والمستوى العلمي للطالب الجزائري والأستاذ المحاضر. بحيث إن طالب اليوم فقد الكثير من المستوى العلمي المؤهل لخلق الثروة العلمية. مشكل نجده مطروح بحدة في التخصصات العلمية كمادة الرياضيات والعلوم البيولوجية التي أصبحت تعرف هروبا ونفورا من طرف الطلبة بتفضيلهم التخصصات الإنسانية على هده التخصصات العلمية التي تعتبر العمود الفقري للتطور العلمي وامتلاك سلاح التكنولوجيا. من جهة أخرى تعاني المدرسة الجزائرية لم تستقر بعد عند لون وشكل معين وهذا بسبب مختلف الإصلاحات التي تتعرض لها المدرسة الجزائرية منذ الاستقلال فمن نظام المدرسة الابتدائية غداة الاستقلال مرورا بالمدرسة الأساسية ليتم الاستغناء عنها في آخر الإصلاحات الهيكلية والمنهجية التي تعرفها المنظومة التربوية التي ما فتئت عدة أطراف تعمل على النيل منها تارة بوصفها بالمنظومة التربوية االمنكوبةب وتارة أخرى باتهامها بتفريخ االإرهابب. في السياق نفسه تعرف المدرسة الجزائرية منذ عشرية من الزمن إصلاحات اكبريب بقيادة عميد الوزراء أبوبكر بن بوزيد هذا الأخير الذي ما فتئ يطمئن أهل القطاع وأولياء التلاميذ بأن المدرسة الجزائرية في طور الإصلاح وأن نتائجه سنقطف ثمارها في غضون السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. إصلاحات بن زاغو كما تسمى لم تمر مرور الكرام دون إحداث ضجة وسط أهل القطاع أو أطراف سياسية، إذ إن هذه الإصلاحات كانت ولاتزال محل نقد. فالأسرة التربوية تتهم الجهة الوصية باقتصار الإصلاحات على الجانب البيداغوجية دون الاعتناء بالجانب البشري سواء معنويا أو ماديا، وخير دليل ذلك الاضطرابات والاحتجاجات المتتالية والمتواصلة في قطاع التربية. في خضم كل هذا الواقع في الجامعة الجزائرية والمدرسة يمكن الجزم بأن الجزائر لا تزال بعيدة عما هو منشود رغم الإمكانيات المادية المرصودة للقطاع خاصة في مجال إنجاز الهياكل والتي عرفت قفزة نوعية من خلال حجم المنشآت التربوية كالجامعات والثانويات التي تم إنجازها خلال العشرية الماضية. مصطفى دباش 18 من الأميين لا يعرفون حقوقهم القانونية 4•6 ملايين أمي بالجزائر عشية الاحتفال بيوم العلم تحتفل الجزائر بيوم العلم المصادف ل61 أفريل من كل سنة، على وقع أرقام مخيفة حول واقع الأمية حيث بلغت 4.6 ملايين أمي منها 4 ملايين امرأة مما يعني أن حوالي 3.12 بالمائة من المجتمع الجزائي أمي، وفي ظل مجهودات جبارة قامت بها الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال من أجل إلقاء على الظاهرة بحلول سنة 6102، فهل ستنجح الإجراءات المتخذة من أجل تخليص أكثر منة 6 ملايين جزائري من ظاهرة الأمية؟ قطعت الجزائر أشواطا كبيرة منذ الاستقلال لمحاربة الأمية ترجمها انطلاق الحملة الوطنية لمحو الأمية سنة 3691 وتأسيس المركز الوطني لمحو الأمية سنة 4691 وإطلاق تجربة إدراج عمليات محو الأمية ضمن مخططات التنمية سنة 1970، ومشروع محو أمية المرأة والفتاة خلال الفترة الممتدة من1990 إلى2000، الأمر الذي جعل الأمية تتراجع في الجزائر حسب تقارير اليونسكو، فمن 4.05 في المائة سنة 7891 إلى1.03 في المائة سنة 2002، ثم إلى 4.52 في المائة عام 2009، لتصل إلى 3.12 في المائة في 2008. وإذا ما تمت مقارنتها بواقع الأمية ببعض البلدان العربية، نجدها نتائج مشجعة، حيث تتجاوز نسبة الأمية في مصر 82 بالمائة، بينما تتجاوز 50 في المائة في المغرب، في حين تبلغ نسبة الأمية في الوطن العربي ككل 23 في المائة، أي ما يعادل 27 مليونا حاليا، مما صنف الجزائر في قائمة الدول الناجحة في مجال مكافحة الأمية. وفيما تتراجع الأمية المطلقة تظهر الأمية الوظيفية كمشكلة جديدة، يكرسها التسرب المدرسي الذي تشير أرقام وزارة التربية بخصوصه إلى تسجيل 072 ألف متسرب على المستوى الوطني. ويبقى هذا الانشغال الجديد قابلا للاستفحال إذا لم يتم التفكير في حلول عملية، ذلك لأن هذه الظاهرة التي تنذر بدفع مُخرجات تعاني من الأمية الوظيفية إلى سوق العمل باتت تهدد بتكوين أجيال غير قادرة على الاستجابة لمتطلبات مؤسسات القرن 12. من جهة أخرى كشفت دراسة أنجزها المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالسكان والتنمية قبل أشهر قليلة أكدت أن 18 بالمائة من الأميين في الجزائر يعرفون حقوقهم القانونية بشكل عام، وأنهم ينقلون معارفهم إلى محيطهم الاجتماعي. وقد أجريت الدراسة أجريت على 1740 فردا مستجوبا تتراوح أعمارهم بين 03 و06 سنة موزعين على 71 ولاية، أثبتت أن 18 بالمائة من الأميين يعرفون حقوقهم القانونية بشكل عام، كما كشفت هذه الدراسة التي تم إنجازها حول تقييم كتاب ''أمحو أميتي بالثقافة القانونية''، المعد من طرف جمعية ''اقرأ''، أن نسبة المطّلعين على قانون الأسرة في أوساط الأميين قد بلغت 52.39 بالمائة من المستجوبين، وأن أغلبية المستجوبين الذين شملتهم الدراسة ينوون نشر ما تعلموه في مجال قانون الأسرة في محيطهم الأسري والجواري. كما أن معظم المستجوبين يرون أن السلطات المحلية تعمل على دمج المرأة في المجتمع. وتعتبر جمعية ''اقرأ'' والتي انخرطت كفاعل أساسي في الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية والتي ترمي إلى تخفيض نسبة الأمية المقدرة حاليا ب23 بالمائة إلى النصف في آفاق 2021 ثم القضاء عليها نهائيا بحلول العام 2019، باعتماد كل الأساليب بالموازاة مع نشر الثقافة القانونية والصحية عبر مقرراتها الدراسية لأقسام ومراكز محو الأمية.