أفاد مصدر دبلوماسي ''البلاد''، أمس، أن تراجع الرئيس بوتفليقة عن قرار زيارته لباريس في الشهر المقبل، حسبما كان متفقا عليه بين الجانب الفرنسي والجزائري، يعود إلى الدعم الفرنسي الجلي للرباط بخصوص قضية الصحراء الغربية. أضاف المصدر ذاته أن رفض فرنسا في 30 من شهر أفريل الماضي بمجلس الأمن دعم موقف جبهة البوليزاريو ومنظمات حقوق الإنسان الداعي لتكفل قوات المينورصو بمراقبة وضعية حقوق الإنسان بالمنطقة، ''أثار حفيظة الجزائر''. وجاء الموقف الفرنسي في ظل الطلبات المتكررة للبرلمان الأوروبي ومختلف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بتمديد تواجد قوات المينورصو بالصحراء الغربية وهو المطلب الذي حظي بإجماع المجموعة الدولية. وقال المصدر ذاته إن تصريحات الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية، أول أمس، بخصوص تأجيل الزيارة التي كانت مفترضة الشهر المقبل والتي لم يعلن عنها بصفة رسمية ''كان بطلب من الجزائر التي أوعزت أسباب التأجيل إلى عدم ضبط أجندتها لزيارة بوتفليقة باريس في الوقت الراهن''. وتحدث المصدر ذاته عن أن الجزائر لا تزال تعتبر ما بدر من فرنسا بخصوص الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حساني ''إهانة'' للجزائر عن طريق تمريغ أحد ديبلوماسييها إعلاميا و قضائيا، رغم تبرئته مؤخرا من قبل محكمة باريس. ويبدو أن لقاء بوتفليقة بنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي يستوجب فتح العديد من الملفات الشائكة بين البلدين والتي أحدثت نوع من البرودة في العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس، خاصة تلك التي تتعلق بالذاكرة وطي صفحة الماضي التي مازالت تغذي الجدل القائم حول شرعية المطالب الجزائرية والتفهم، دون موقف رسمي، من الطرف الفرنسي، حيث ما فتئت تثير الأسرة الثورية القضية في كل مناسبة تاريخية تذكرها بممارسات التعذيب والتنكيل التي تعرض لها الشعب الجزائري تحت نير الاستعمار. ولا تقتصر أسباب إعادة جدولة تاريخ زيارة الرئيس بوتفليقة إلى باريس -حسب المصدر ذاته- على دعم فرنسا المطلق بخصوص قضية الصحراء الغربية أو عدم الوصول إلى اتفاق نهائي لصد الهجرة غير الشرعية إلى فرنسا، فقد طفت إلى السطح قضية الطفلة ''صفية'' المتنازع عليها بين عائلة جزائرية والفرنسي شربوك بعد أن رفع هذا الأخير قضيته إلى مستوى قصر الإليزيه، وطالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالتدخل شخصيا لدى الرئيس بوتفليقة لاسترجاع ابنته ''صوفيا ''. وقد اعتبرت مصادر تشتغل على الملف أن أطرافا فرنسية تعمل على توظيف القضية من أجل التأثير على العلاقات بين البلدين ومحاولة معالجتها ضمن الإطار السياسي في وقت يفترض أن تتكفل المصالح القضائية بها. في سياق آخر عبرت الجزائر عن تحفظها على الضجة الإعلامية التي أثارتها الصحافة الفرنسة خلال الانتخابات الرئاسية الماضية ونشرها لمقالات شديدة اللهجة تنتقد فيها ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية ثالثة. وتعمل الجزائر على إيجاد حلول للقضايا العالقة مع فرنسا قبل لقاء الرئيس بوتفليقة، الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بقصر الإليزيه، وكذا تنقية الأجواء لإنجاح الزيارة الرسمية للرئيس والتي تعد هامة على أكثر من صعيد بحكم العلاقات الثنائية المبنية وبالنظر للروابط التاريخية والجغرافية والاقتصادية، وهي زيارة دولة الأولى من نوعها للرئيس بوتفليقة بعد انتخابه لعهدة ثالثة بأغلبية ساحقة من قبل الشعب الجزائري، وما تحمله من دلالات تؤكد شرعيته على المستوى الدولي.