رغم الأوضاع الأمنية الاستثنائية التي تمر بها ولاية تيزي وزو على وجه الخصوص والتي تحولت إلى معاقل للجماعات المسلحة ومركز لتنظيم ما يسمى ب''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي''، لم يُثن ذلك من عزيمة أفراد الدرك الوطني في الصمود والوقوف بالمرصاد في وجه الإرهابيين ولم تُنهكهم هذه المهمة الصعبة مواصلة مكافحة جميع أشكال الإجرام المنظم كمهمة رئيسية من مهام الدرك التقليدية من أجل إحقاق الأمن العمومي والسكينة وحماية المواطنين، وذلك رغم العودة التدريجية لعناصر الدرك إلى المنطقة بعد أن غادروها في وقت سابق بسبب أزمة أدّت إلى انزلاق الوضع. لكن اقتناع المواطنين بأن ذلك المنطق كان خاطئا بدليل أن أوراحهم وممتلكاتهم أصبحت عرضة للخطر في ظل غياب من يحميهم، لا سيما في المناطق النائية وشبه الحضرية، استدعى توحيد كلمتهم والدعوة إلى ضرورة عودة الدرك إلى ولاية تيزي وزو. مشروع إنشاء 29مؤسسة تابعة للدرك خلال سنتين :صمود ومقاومة رجال الدرك بتيزي وزو يُعزز ثقة المواطن بهم يجدر بنا التأكيد على أن هذا الروبورتاج تم إنجازه على هامش الأبواب المفتوحة على سلاح الدرك الوطني التي انطلقت يوم الأربعاء 20ماي الجاري عبر عدة ولايات للتعريف بمهام الدرك وتقريب المواطن من هذه المؤسسة العسكرية. وكانت وجهتنا إلى المجموعة الولائية للدرك الوطني بتيزي وزو نظرا لطبيعة هذه الولاية التي تمرّ بأوضاع أمنية استثنائية. ولأنها اجتازت أيضا مرحلة كان فيها سلاح الدرك قد غادر المنطقة وذلك بطلب من المواطنين، حيث ارتأينا بهذه المناسبة استطلاع آراء المواطنين الوافدين إلى هذه الأبواب ومعرفة رأيهم حول مؤسسة الدرك بعد الشروع في العودة التدريجية إلى ولايتهم وكذا تطلعاتهم لاسيما الشباب منهم. سنة 2000بداية الخروج... 2006بداية العودة قبل أن نشرع في إعطاء صورة عن المرحلة الحالية التي تتميز بالعودة التدريجية لرجال الدرك إلى ولاية تيزي وزو، وعن نشاطاتهم ومطالب السكان اليوم فيما يتعلق بهذا الجانب، يجدر بنا التذكير أولا بما عاشته المنطقة قبل هذه المرحلة وما ترتّب عن أحداث الفتنة التي نشبت سنة 2000أو ما يعرف بالربيع الأسود على إثر خطأ من طرف أحد عناصر الدرك الذي أطلق النار على أحد الشباب خلال اشتباكات عنيفة وأدى إلى وفاته، لتُستغل تلك الحادثة وتتحول إلى فتنة بين الدولة ومواطنيها، وخرجت الأحداث عن منحاها العادي وخرجت من محيطها الذي حدثت فيه لينتقل على إثر ذلك مئات الشباب والشابات والكهول على شكل حشود غفيرة في مسيرة إلى العاصمة، وهناك حدث ما لم يكن في الحسبان وانزلق الوضع أكثر وسقط بذلك عشرات الضحايا من موتى وجرحى إلى جانب خسائر مادية معتبرة، وتعالت أصوات الفتنة تحرّض سكان المنطقة على العنف وتخريب المؤسسات التابعة للدولة وما يمثلها لدى المواطنين، وأبرز ذلك طلب السكان برحيل جميع أفراد سلاح الدرك من المنطقة فكان لهم ذلك وتم الشروع في نقل مقراتها من المناطق الأكثر حساسية من الوضع. لكن بعد تدهور الوضع الأمني واستفحال الإجرام وشبكات المجرمين وأصبحت سلامة وأرواح المواطنين وممتلكاتهم في خطر، تم استدراك الوضع مقتنعين بأنه من المستحيل أن يستمر الوضع على ما هو، فاتحدّت كلمتهم واستقرت منادية بضرورة عودة فرق الدرك إلى ولايتهم فجسّدوا ذلك في عشرات الرسائل الموجهة إلى السلطات الأمنية والإدارية المعنية، وهو الأمر الذي استجابت له الدولة ومؤسساتها بسرعة، فتمت إعادة تشكيل المخطط الأمني وفتح فرق للدرك في عدة مناطق نزولا عند طلبات سكانها وذلك تقريبا في سنة 2009. وقد استحسن السكان هذه العودة لا سيما بعد أن لمسوا الفرق بين ما كانت عليه الأمور وما أصبحت عليه بعد ذلك بفضل عزيمة الدرك في إعادة الثقة بينهم وبين مواطنيهم من خلال تكثيف جهودهم ونشاطاتهم والنتائج الإيجابية المحققة في الميدان، وكذا الدور الإنساني الكبير الذي تقوم به هذه الوحدات تجاه المواطنين بترك أبوابها مفتوحة دون حواجز أمامهم وإسداء جميع أنواع الخدمات لهم والسهر على أرواحهم وممتلكاتهم ضد جميع الاعتداءات سواء الإرهابية أو الإجرامية. إقبال كبير للشباب بتيزي وزو على التجنيد في صفوف الدرك ونحن نرصد إقبال المواطنين على الأبواب المفتوحة على نشاط وحدات المجموعة الولائية للدرك الوطني بتيزي وزو، المنظمة بدار الشباب ببلدية ذراع بن خدة في يومها الأول، لاحظنا إقبالا معتبرا من طرف فئة الشباب من كلا الجنسين، كانوا يتمعنون في نشاط جميع الوحدات وكل الورشات المنظمة سواء تلك المتعلقة بأمن الطرقات أو قوات حفظ النظام العمومي أو تلك التي تعنى بالتجنيد، الوسائل والمعدات. لكن أكثر ما لفت انتباهنا هو وقوف العديد من الشباب مطولا للاستفسار مع مسؤول التجنيد بالمجموعة الولائية الذي كان يُشرف على ورشة الأبواب المفتوحة حول شروط وكيفية الانخراط في صفوف سلاح الدرك الوطني، منهم فتيات أبدين رغبتهن الشديدة في التجنيد. سألناهنّ عن سبب الزيارة التي قادتهنّ إلى الأبواب المفتوحة، فأجابتنا إحداهن: ''نقطن ببلدية سيدي نعمان، جئنا لقضاء حاجاتنا ببلدية ذراع بن خدة. وعندما رأينا الجمهور يتوافد إلى دار الشباب وعلمنا أن هناك أبواب مفتوحة على الدرك الوطني، دخلنا للاستفسار والاطلاع على مهام الدرك والنشاطات التي يقومون بها''. وفي هذه الأثناء شرعت إحداهن تسأل بإلحاح: ''عن كيفية تجنيد الفتيات في مؤسسة الدرك''، مبدية رغبتها في الانخراط، وهو نفس الاهتمام مع جميع الشباب الذين زاروا الأبواب''. وقد استفسرنا بدورنا لدى مسؤول التجنيد عن واقع التجنيد في صفوف الدرك بالولاية فأكد أن ''هناك إقبالا كبيرا طوال السنة على فرق الدرك لإيداع ملفات التجنيد''. واتضحت لنا الصورة بأن هذه الوضعية تعكس تماما الأمن والثقة الكبيرة التي يُكنها سكان المنطقة تجاه مؤسسة الدرك. وهو ما أكدّه مواطنون تحدثنا إليهم في الحافلة ونحن في طريق العودة إلى العاصمة، حيث أكدوا أن ''مواطني تيزي وزو يعيشون هاجس الإرهاب إلى جانب تفشي كل أنواع الإجرام على رأسها السرقات والاختطافات والاعتداءات''. وأشارت محدثتنا، رفضت الإفصاح عن هويتها واكتفت بالقول إنها متزوجة تقطن بالعاصمة وتقوم بزيارة بيت عائلتها الكائن بإحدى بلديات ولايات تيزي وزو أسبوعيا، إلى أن ''سكان منطقتها راسلوا الجهات المعنية مطالبين بعودة وحدات الدرك فكان لهم ذلك، فلمس المواطنون بعد ذلك الاطمئنان والأمن''. كما أكدت أيضا أن ''وجود رجال الدرك في المناطق النائية البعيدة عن تواجد مقرات الشرطة يُعتبر أكثر من ضرورة، فأبسط الخدمات أو الاستفسارات يتجه المواطن إلى فرقة الدرك التي توجهه إلى الجهات المعنية وتساعده أيضا''. 20فرقة إقليمية عبر 67بلدية و8 فصائل للأمن والتدخل العودة التدريجية لوحدات الدرك بتيز وزو تعني إعادة تشكيل بعض الوحدات فقط في أهم المناطق لا سيما تلك التي ألّح المواطنون على ضرورة العودة بها. وفي هذا الصدد أشار الرائد (ر.س)، رئيس مكتب الأمن العمومي والطرقات على مستوى المجموعة الولائية للدرك بتيزي وزو، إلى وجود 02 فرقة إقليمية حاليا تغطي بعض بلديات تيزي وزو من أصل 76 بلدية أغلبها عبارة عن مناطق شبه حضرية ونائية خاصة ذات طابع جبلي. وأضاف محدثنا: ''تسهر 8 فصائل للأمن والتدخل على تغطية تراب الولاية، اثنتان منها تابعة لمجموعة الدرك بالولاية وأخرى تدعمت بها من أجل تعزيز الأمن''. وهنا أوضح الرائد أن ''عناصر الدرك في هذه الولاية يقومون بمهمتين رئيسيتين: الأولى قمع ومكافحة الإجرام الذي استفحل بكثرة وتطوّر وأصبح إجراما منظما مستغلا الفترة التي كان فيها سلاح الدرك غائبا عن بعض المناطق ليضع قواعده ويتعشش. أما المهمة الأساسية الأخرى فتتمثل في المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب''. الضرب والجرح العمدي والسكر العلني والاختطافات في صدارة الإجرام تشير الأرقام والإحصائيات حول نشاطات وحدات المجموعة الولائية للدرك الوطني بولاية تيزي وزو المسجلة بعد عودة نشاطها على مستوى حوالي 20بلدية من أصل 67بلدية منذ سنة 2007، إلى تصاعد منحنى الإجرام واستفحاله، وعلى وجه الخصوص احتلت جرائم الاعتداءات الجسدية خاصة جرائم الضرب والجرح العمدي، ومنها ضرب الأصول والسرقات والسكر العلني صدارة قائمة ترتيب الجرائم. وفي هذا الشأن سجلت وحدات المجموعة 2114جناية وجنحة سنة 2007أسفرت عن توقيف 226شخصا منهم 121 تم إيداعهم الحبس المؤقت، لتشهد ارتفاعا سنة 2008وتصل إلى 4832 جريمة مع توقيف 326شخصا متورطا أودع منهم 221شخصا الحبس. في حين تم تسجيل 495جريمة منذ بداية سنة 2009إلى غاية شهر ماي. وما ارتفاع عدد قضايا الإجرام المعاينة من طرف وحدات الدرك الوطني إلا دليل على الانتشار الحاد للإجرام بالمنطقة ويُبين بوضوح التحكم التدريجي في الأوضاع. وحسب إحصائيات سنة 2007فقد سجلت وحدات الدرك 53 حالة متعلقة بالضرب والجرح العمدي، 11 حالة تتعلق بالتهديد بمختلف أشكاله، 8 قضايا قتل عمدي، 4 حالات خاصة بالخطف والحجز والقتل العمدي، حيث إن هذه الجريمة الأخيرة مرتبطة بالإجرام المنظم وليست مرتبطة بالإرهاب. وهذا لا يعني عدم تسجيل قضايا الاختطاف المتعلقة بالإرهاب الذي يعتبر مصدر تمويلها. وفيما يتعلق بالجنايات والجنح ضد الآداب العامة تمت معاينة 3 قضايا تتعلق بالفعل المخل بالحياء ضد قاصر، 3 حالات تخص التحريض على الفسق والدعارة وحالتي هتك عرض قاصر. وبخصوص الجرائم ضد الأمن العمومي فقد تم تسجيل 6 قضايا خاصة بتكوين جماعة أشرار باستعمال السلاح وقضية اختلاس أموال عمومية. وخلال سنة 2008تشير حصيلة نشاطات الدرك بتيزي وزو إلى تسجيل 33 حالة ضرب وجرح عمدي، 31 حالة قتل خطأ نتيجة حوادث المرور، قضيتين تتعلقان بالضرب والجرح العمدي المؤدي للوفاة، وقضايا أخرى مرتبطة بمحاولة القتل العمدي، التهديد والقتل العمدي إلى جانب 20قضية سرقة من مختلف الأشكال و9 قضايا مرتبطة بالآداب العامة أبرزها الدعارة والفسق والفعل المخل بالحياء. ومنذ بداية السنة الجارية إلى غاية 20ماي سُجلت 15قضية ضرب وجرح عمدي، حالة اختطاف، 19قضية سرقة، إضافة إلى ذلك تسجيل عدة قضايا تتعلق بالهجرة غير الشرعية والتزوير والمخدرات. وترجع أسباب استفحال الإجرام بهذه الولاية كما سبق ذكره إلى بعض الآفات الاجتماعية المتمثلة أساسا في تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية، إلى جانب تسجيل ارتفاع ظاهرة الانتحار التي بلغت 15حالة خلال هذه السنة، مع ملاحظة تراجع ظاهرة سرقة السيارات. تيزي وزو تتعزز ب 29مؤسسة تابعة للدرك خلال سنتين وفي إطار العودة التدريجية لقوات سلاح الدرك في الولاية، كشف الرائد رئيس مكتب الأمن العمومي أنه سيتم إنجاز 29مؤسسة تابعة للدرك الوطني تعزز تواجد هذه المؤسسة العسكرية بذات الولاية من أجل مكافحة الإجرام وحماية المواطنين من شتى أنواع الاجرام.