ترى الروائية والشاعرة التونسية فاطمة الشريف في حديث ل”البلاد”، أن المشهد الثقافي في بلادها بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، لم يتغير بعد، كون هذه الثورة التي رافعت لتحقيق العدالة والديمقراطية والحرية، لم تحقق أهدافها التي قامت من أجلها· وقالت محدثتنا، وهي من أهم وأبرز الأصوات الأدبية النسائية في تونس، إن المرأة التونسية مثلا، ورغم محاولات تصحيح الأوضاع الاجتماعية بعد الثورة، لا تزال تعيش نفس التهميش والإقصاء الذي تعرضت له طيلة حكم بن علي للبلاد· وقالت الشريف إن المشهد الثقافي في بلدها، في ظل النظام السابق، كان يخضع لاعتبارات لا علاقة لها بالإبداع والموهبة، وإنما بناء على علاقة المثقف بالسلطة، حيث إن وزارة الثقافة آنذاك كانت لا تشجع إلا مقربيها وأتباع النظام، ”صدرت لي ست روايات، وقضيت أزيد من عشرين عاما أناضل في النقابات والجمعيات الثقافية دون أن أحظى بتكريم واحد أو زيارة رسمية في إطار التبادل الثقافي مع دول عربية، في حين كنت أتابع كتّابا آخرين لم تصدر لهم إلا رواية وحيدة، لكنهم يحصلون على امتيازات النظام، ويكرمون في القصر الرئاسي، ويسافرون إلى سبع دول في ظرف ثلاثة أشهر”· وتؤكد المتحدثة أن هؤلاء هم الكتاب ذاتهم الذين اختفوا ولم يسمع لهم صوت منذ سبعة أشهر لأنهم ولدوا في ظل بن علي واختفوا برحيله· وفي السياق ذاته، تستحضر صاحبة ”عذراء خارج الميزان” هنا، الروائية التونسية دليلة الزيتوني التي قضت أكثر من ثلاثين عاما تكتب روايات دون أن تتجاوز موهبتها حدود تونس، وانتهى بها الأمر إلى قرار اعتزال الكتابة لأنها شعرت بأنها تكتب وتقرأ لنفسها، موضحة ”كانت هناك مرة وحيدة سافرت فيها إلى مصر وعلى نفقتي الشخصية·· لقد كنا إما أن ننخرط في حزب بن علي أو نحبس داخل أسوار تونس”· وقالت الكاتبة فاطمة الشريف التي صدر لها مؤخرا رواية ”رجولة خارج الوصايا”، إنها تأمل أن تكون هناك ثورة ثقافية في بلدها تسير جنبا إلى جنب مع ثورة الشارع التونسي، وذلك حتى تصل الكاتبة التونسية وثقافة البلاد ككل، إلى بر الأمان وتتخلص من ضعفها، على حد تعبيرها·
من ناحية أخرى، كانت فاطمة الشريف قد دعت إلى ”الثورة” من خلال أبياتها وقصائدها التي حرصت، كما تقول دوما، على ”حرق الذل والخلاص من الضياع وإذابة الخنوع والخيل العربي والركوع لحكام خونة”· وصدر لهذه المرأة الثائرة، كما توصف في الوسط الأدبي التونسي، العديد من العناوين بين شعر ورواية، من بينها ”لست من رحم حواء” و”أيصبح الطين طيبا” و”وطن يعاقر الانتظار” و”عذراء داخل الميزان”· ويرى بعض النقاد أنه من خلال هذه العناوين، تبدو الشريف امرأة ثائرة ترفض الاستسلام وتقاوم بالكلمة وتحرض على ثورة تحرير الوطن العربي من الظلم والطغيان لتخلصه من ”سوق الأيادي”، كما تعتقد·