يتحدث المخرج العراقي قاسم حول في هذا الحوار، عن مساهمته في إدخال السينما الجزائرية إلى العراق لأول مرة، وعن معاناته الشخصية من نظام الرئيس السابق صدام حسين، متوقفا عند أهم مشاكل الصناعة السينمائية في الجزائر وفق نظرته·· حاورته/ حسناء شعير
تقول إنك تحب الجزائر كثيرا·· هل هي مجاملة دبلوماسية كعادة الكثيرين؟
لا أبدا·· صدقيني لو قلت لك إنني أعتبر الجزائر دون مجاملة أعظم بلد في العالم·· صحيح أن العراق بلدي وأحبه كثيرا، لكنني أحب الجزائر بشعبها ونضاله وتاريخها وجمال طبيعتها الساحرة·· وإلى جانب كل هذا، فزوجتي جزائرية مما زاد من ارتباطي بهذا البلد الذي زرته مرارا، وأحب تلبية جميع دعواته لي الرسمية وغير الرسمية·· فالجزائر جزء هام من حياتي·
طبعا·· أعرفها معرفتي بنفسي، كما أنني أول من أدخل الأفلام الجزائرية إلى العراق، وكان ذلك عام ,1967 يعني كنت أنت لم تولدي بعد·· (يبتسم)· لقد ساهمت جديا في إيصال أهم الأعمال السينمائية الجزائرية إلى العراق، واعتبرت حينها ممثلا عن هذه السينما من خلال شركة الإنتاج والتوزيع التي كنت أديرها، حيث كان أول تلك الأعمال السينمائية ”معركة الجزائر” وبعدها فيلم ”ريح الأوراس” للمخرج العالمي محمد لخضر حمينة·· ولاحقا فيلم ”حسن طيرو” و”الليل يخاف الشمس”، بالإضافة إلى قائمة طويلة من روائع السينما الجزائرية التي أرى أنها أخطأت في شيء واحد·
كيف·· ماهو هذا الخطأ؟
أقصد أن السينما الجزائرية نشأت نشأة صحيحة في بدايتها، لكنها لم تنشئ ما يعرف بالقاعدة المادية للإنتاج السينمائي·
وماهو دور المهرجانات هنا في طرح مثل هذه الانشغالات؟
المهرجانات تضيف الكثير·· ويكفي أن نلتقي لتبادل الأفكار ووجهات النظر في هذا المجال لتتسع رؤانا ونظرتنا للفن السابع من خلال تجارب بعضنا البعض·· ومهرجان وهران مثلا خير نموذج لما أقول·· هل تعلمين أنني أفضل مهرجان وهران على أي مهرجان دولي آخر··
إلى هذه الدرجة·· من أي ناحية؟
بساطة هذا الحدث الثقافي هنا وابتعاده عن البهرجة والأضواء والمبالغة وتركيزه على الجانب الثقافي، يجعله عمليا أكثر، فهو يصب في القالب الذي صنع لأجله وهو السينما فقط· كما أنني أعرض في كل مرة فيلما لي هنا، وأندهش لوعي الجمهور الجزائري وثقافته·· بل ودرايته بالشؤون السينمائية؛ ما يزيد من حرصي وحذري مستقبلا في اختيار أفلام تليق بذوق ومستوى المشاهد الجزائري، والجمهور الجزائري ذكي ويملك ثقافة سينمائية كبيرة، والثقافة طبعا مسألة ترتبط بالهوية الوطنية، فعندما تسقط السياسة يسقط النظام، وعندما تسقط الثقافة يسقط وطن بأكمله·
هذه الكلمات تحيلنا إلى الغليان الذي يشهده العالم العربي·· كيف تنظر إليه؟
سأخبرك بأمر·· أنا أمام هذا الربيع العربي أضع الكثير من علامات الاستفهام·· تعرفين لماذا؟·· لأني أؤمن بالتغيير، بشرط أن يكون صحيحا، بمعنى ما الهدف من وراء هذا التغيير·· العراق بلد عانى من ويلات الدكتاتورية كتلك الأنظمة التي سقطت أو أكثر، وسعى إلى التغيير لكنه سقط في إيديولوجيات متأخرة وليست بالضرورة دينية حتى نقول إنها متأخرة·· ولكن بالمفهوم الخاطئ للدين، وأنا شخصيا عانيت من دكتاتورية صدام حسين ولا تسأليني كيف لأنها حكاية تشكل لي عقدة نفسية ولا أريد أن أزعج بها الآخرين·
لا عليك·· كيف ترى صعود ”التيار الإسلامي” مؤخرا؟ ليس هناك مانع، خاصة إذا كانت ”جماعة الإخوان المسلمين” مثلا، فئة متنورة·· أ فهم من كلامك أن ”التيار الإسلامي” لن يتعارض مع الفن الذي تصنعونه أنتم المخرجون؟ لم أقل هذا تماما·· قد يتضرر الفن وبشكل سلبي للغاية، ولكن لو فهمنا السينما وفن القصة فهما صحيحا لن نقع في مثل هذه المغالطات·· أليست سور القرآن الكريم حكايات وقصص عن يوسف عليه السلام ومريم البتول وأهل الكهف·· فما المانع من وجود السينما·