يلاحظ المتتبع للساحة الثقافية بولاية المسيلة، ذلك الحراك الكبير الذي شهدته في المدة الأخيرة، وهو رأي العديد من الناشطين والمهتمين بالمجال الثقافي في الولاية· وخصصت الدولة والوزارة الوصية أموالا ضخمة لتجسيد مشاريع جديدة تخص القطاع عبر تراب الولاية، وكذا إعادة تهيئة بعض الهياكل المنجزة من قبل، والتي أصبحت بحاجة إلى ترميم؛ حيث تم إنشاء العديد من الهياكل الثقافية عبر الدوائر والبلديات والقرى النائية من دور ثقافة ودور شباب، وكذا مكتبات عمومية منها ما دخل الخدمة ومنها ما ينتظر التجهيز· وعاش سكان الولاية على مدار سنة مضت، العديد من النشاطات الفنية والثقافية من احتفالات ومهرجانات فنية، مسابقات أدبية، ملتقيات فكرية، معارض الكتاب والفنون التشكيلية وكذا الأسابيع الثقافية لعدد من ولايات الوطن التي متعت سكان الولاية بما عرضته من موروث ثقافي وإرث تقليدي· هذه النشاطات والمجهودات التي تبذل مديرية الثقافة بالولاية جهدا كبيرا في السهر على إنجاحها، تبقى في نظر الكثيرين غير كافية بالنظر إلى حاجة الولاية ككل إلى الجديد في هذا المجال· ويبقى مشكل مركزية النشاطات يطرح نفسه بشدة على مستوى عاصمة الولاية على حساب باقي المناطق المنتشرة بضواحيها، وكذا البلديات والقرى المعزولة· وأجمع بعض مثقفي الولاية، رغم اختلاف نظرتهم لواقع الثقافة في المسيلة، على ضرورة بذل المزيد من الجهد والاهتمام أكثر بالنخبة المثقفة في الولاية، وكذا مد يد العون للمهتمين بالمجال الثقافي والشباب المبدع القادر على العطاء إذا ما توفرت له الإمكانيات، بغية تشجيعهم على تقديم الأفضل، وهو ما أكدوا عليه في تصريحات ل”البلاد”·
رئيس المكتب الولائي للجمعية الجزائرية للشباب المثقف
”المشهد الثقافي في الولاية أصبح يبعث على الارتياح”
يعتبر إبراهيم دهمش أحد مثقفي المسيلة، وهو رئيس المكتب الولائي للجمعية الجزائرية للشباب المثقف منذ سنة ,2009 الذي أكد لنا أن المشهد الثقافي الجزائري بصفة عامة والمسيلي بصفة خاصة يشهد طفرة نوعية وكمية في أكثر من مجال من بينها المسرح والشعر والسينما، مضيفا أن الساحة الثقافية مؤخرا شهدت ازدياد عدد المنابر الثقافية من أندية أدبية وجمعيات ثقافية ومنتديات، أسهمت بشكل كبير في تطور المشهد الثقافي وأبرزت وجوه شابة مبدعة· كما أشار إلى أن الإبداع المسيلي أصبح بإمكانه الدخول في خضم المنافسة سواء كان على مستوى المسرح أو كتابة الشعر، أو حتى الفنون الغنائية بما فيها الأغاني التراثية والإنشاد· وأوضح أن أهم ما يميز المشهد الثقافي المسيلي مؤخرا هو حضور المرأة القوي وروح التنافس ما بين المراكز والجمعيات الثقافية، مؤكدا أن المشهد الثقافي بالولاية أصبح يبعث على الارتياح، خصوصا في ظل وجود كفاءات مثل الطاقم الإداري المسير لمديرية الثقافة بالولاية· وفي تقييم له لمجموع الفعاليات التي شهدتها الساحة الفنية بالولاية هذا العام، أكد على نجاح أغلب الفعاليات الثقافية التي احتضنتها الولاية، على غرار مهرجان ”الحنجرة الذهبية” الذي نظمته جمعية وسام للثقافة والفنون وما حققه من نجاحات على المستوى الفني بالولاية· وفي إجابة له عن سؤال يخص أهم نشاطات الجمعية خلال هذه السنة، قال محدثنا إن الجمعية قامت بعديد النشاطات بالتنسيق مع مديرية الثقافة بالولاية، موضحا أنها ساندت الجمعية وقدمت لها كامل الدعم لإنجاح عديد النشاطات على مدار السنة؛ حيث نشطت الجمعية المذكورة عديد التظاهرات والفعاليات الثقافية والفنية والملتقيات العلمية والدورات التكوينية· ومن أهم هذه النشاطات مشاركة الجمعية في المهرجان الوطني للقصيد والمديح في دورته الثالثة عشر ممثلة بمجموعة ”النسائم الفنية” عن ”نادي الإنشاد والطرب” وتحصلها على المرتبة الثانية وطنيا، إضافة إلى الملتقى الوطني الإعلامي حول التطوع والعمل الجمعوي، وكذا الدورة التكوينية حول الاتصال وفن الحوار· كما تقوم بإحياء ليالي رمضان بصفة دورية في إطار برنامجها الخاص بالشهر الفضيل، والاحتفال بذكرى اندلاع حرب التحرير وإحياء ذكرى الاستقلال من كل عام· من جهة أخرى، قامت الجمعية بتنظيم عدة رحلات سياحية لفائدة الشباب بالولاية والمعارض في شتى المجالات، وكذا الدعوة إلى حضور فعاليات المهرجانات الوطنية على غرار مهرجان ”القراءة في احتفال” الذي احتضنته الولاية مؤخرا· وساهمت الجمعية أيضا في تفعيل عقود الشراكة مع الهيئات المحلية والوطنية وحتى الدولية·
الروائي الشاب محمد الأمين بن الربيع ابن مدينة بوسعادة بولاية المسيلة، أوضح في تقييمه لواقع الثقافة بالولاية أن المشهد الثقافي بها أصبح يقدم صورة باهتة لولاية تعرف بأنها تنتج المبدعين مع كل يوم جديد، وحتى المهرجانات الثقافية التي تقام من حين لآخر لا تقدم الكثير· كما أشار إلى التهميش الذي يعانيه شباب الولاية ذوو الأصوات الإبداعية والتي تحظى بالتكريم حتى على المستوى الدولي، إلا أنها لا تلقى أي اهتمام على المستوى المحلي أو الوطني، وتألق المنشد عبد الحميد بن سراج وفوزه بلقب ”منشد الشارقة” خير دليل على إمكانيات أبناء المنطقة الإبداعية· وفي سؤال حول ما شهدته الساحة الثقافية في الولاية من أحداث وأعمال فنية وعما إذا كانت هذه الأخيرة تفي بالغرض، أكد الشاب بن الربيع أنه لا يمكن اعتبار كل ما عاشته الولاية من فعاليات ثقافية على قلتها يمكن أن تلبي حاجات السكان المهتمين بالمجال الثقافي·
وأوضح محمد الأمين في محاولة منه لإيجاد سبل كفيلة بتحسن أوضاع القطاع الثقافي في الولاية، أن ما يحتاجه هذا القطاع هو الدعم المادي الكامل الذي يلعب دورا حاسما في النهوض بأي عمل كان حسب رأيه· وعبر صاحب رواية ”عطر الدهشة” التي ستصدر قريبا، عن ارتياحه لما قدمته له سنة 2011 من مشاركات وجوائز في انتظار جديد إبداعاته في العام الجديد؛ حيث قال إنها كانت حافلة بالأحداث والمشاركات، فقد توج في شهر أفريل الماضي بالجائزة الثانية، في مجال السرد ضمن جوائز ”عبد الحميد بن باديس” المنظمة بولاية قسنطينة من طرف المجلس الولائي الشعبي دوريا كل عام· كما توج في شهر ديسمبر من ذات السنة بالجائزة الثانية في مسابقة الرواية بولاية الوادي والتي نظمت من طرف ”رابطة الفكر والإبداع” وبمساهمة مديرية الثقافة بالولاية· ويعكف الروائي محمد الأمين حاليا على التحضير لعمل روائي حول تراث مدينة بوسعادة لإبراز ما تحتويه المنطقة السياحية من موروث ثقافي وتاريخي ·