يعيش الشارع الشلفي هذه الأيام حالة من التململ قد تصل إلى مرحلة الغليان في أي لحظة، ما يهدد بزلزال اجتماعي لن يتمكن أحد من قياس قوته وهو ما يخشاه الكثير من المعنيين بملف البناءات الجاهزة، في ظل خروج العشرات من القاطنين في شاليهات منذ مايزيد عن 32 سنة عن صمتهم مطالبين رئيس الجمهورية في رسالة مذيلة بأسماء ممثلي الأحياء المعروفة ب ”البراريك” في بلديتي الشطية والشلف باتخاذ قرار سيادي من شأنه القضاء على أكبر مجمع قصديري في إفريقيا، على حد تعبير الرسالة التي تلقت ”البلاد” نسخة منها والتي حملت في آن واحد مسؤولية الواقع الاجتماعي المتردي لبعض وزراء حكومة أحمد أويحيى واتهامهم بتقديم حلول غير مجدية ووعود غير ”جادة” في أكثر من زيارة قادتهم إلى هذه الولاية، آخرها يقول المنكوبون زيارة وزير السكن والعمران إلى الشلف والذي مر مرور الكرام على الملف دون تعريجه على الوضعية الحالية لقاطنين ب”الشاليهات” أو إجراء تقييم ميداني يكشف مدى تقدم عملية إعادة البناء والقضاء على البناءات الجاهزة التي تشكل وصمة عار في جبين ”الجميع” وتبقى تقبح وجه المدينة· الشلف أكبر مجمع قصديري في إفريقيا
صرح وزير السكن والعمران حسبهم أنه تم إحصاء رقم ضعيف جدا فيما يخص الملفات المدروسة للأشخاص المعنيين بعملية الاستفادة من إعانة 700 ألف دينار التي لا تبدو كافية لازالة مثل هذه ”البراريك” وبناء مساكن لائقة فوق عقارتها·· هذا الوزير نفسه الذي وعد العشرات من المنكوبين، حسبما جاء في ذات الرسالة رفقة وزير الداخلية الحالي دحو ولد قابلية، بمبلغ ”قيم” للقضاء على هذا النمط العمراني ”القبيح”، لكن الإعانة ذهبت في مهب الريح·
وحسب الرسالة نفسها، فإن وزارة السكن والعمران هي المسؤولة الأولى عن الوضع الذي آل إليه المنكوبون لعجزها عن إيجاد مخرج نهائي لقضية تأخر إقبال المنكوبين على طلب الإعانة ”البخسة” التي حددتها الدولة ب 70 مليون سنتيم· وبرأي الكثيرين فإن وزير السكن بات ملزما بالكشف عن فشل عملية إعادة بناء مدن الشلف لعدم حرص لجان الدوائر على امتصاص الانفجار السكاني في البناءات الجاهزة وتقليص حدة الضيق في ”البناية الواحدة”، ناهيك عن وضعية بعض الأحياء السكنية التي تعج بمثل هذا النمط العمراني لتأثيرات البناءات الجاهزة على نفسية القاطنين فيها وشعورهم بالمهانة لوجود أكثر من 5 عائلات داخل بناية واحدة·· هذا الدور كان لزاما على الوزارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية حسب المنددين بتماطل دراسة ملف البناءات الجاهزة أن تتحمل عبء التكاليف التي نتجت عن تدهور صحة المواطن، زيادة على الآفات الاجتماعية الناجمة عن سياسة ”غض البصر” في التكفل الاجتماعي بضحايا هذا النوع السكني ”الخطير”، وأشار بعضهم إلى أن أكثر من 50 ألف عائلة محشورة برجالها ونسائها وأطفالها في بضعة أمتار داخل 18600 بناية جاهزة تخزن الكثير من الأمراض المزمنة التي باتت تنخر أجساد قاطني ”الشاليهات”·
وحمل أصحاب الرسالة وزارة الصحة والسكان مسؤولية تخليها عن دورها في هذا الميدان وكأنها غير معنية بالوضع الذي بلغه المواطن الشلفي في البناءات الجاهزة لوجود اكثر من 60 بالمائة من مرضى السرطان يرقدون في أسرة المستشفيات لخطر مادة الأميونت وتفاعلاتها مع مرور الوقت، علاوة عن حديثهم عن إصابة الكثير من المواطنين بأمراض الحساسية والربو والعيون و”الجرب” في بعض المناطق الجنوبية لمدينة الشلف·
كما نالت وزارة الداخلية والجماعات المحلية قسطا من العتاب الذي ساقه نشطاء تنسيقية البناءات الجاهزة لبعض وزراء الطاقم الحكومي، ذلك أن وزارة الداخلية مسؤولة عما يجري في الشلف من تفاقم الوضع الاجتماعي وتدهور النسيج العمراني وخاصة الأحياء التي لم تبرح لحد ”الشاليهات” وخطورة العيش فيها لقدمها واجتياح الزواحف بين ظهرانيي سكانها، فالمبلغ المالي الذي شاركت به الوزارة رفقة وزارتي المالية والسكن يعد ضئيلا جدا ولا يتواءم وتطلعات السكان الذين علقوا آمالا عريضة على الوزير دحو ولد قابلية أثناءزيارته إلى الشلف غداة أحداث الشغب التي كانت مسرحا لها المنطقة بعدما وعد بإعانة محترمة تصل حدود 5,1 مليون دينار جزائري، لكن لا شيء تحقق على أرض الواقع سوى ”السراب” والوعود المعسولة، حسبما جاء في البيان الذي بحوزتنا· وقال المتحدث باسم التنسيقية إن أسعار مواد البناء عرفت منحى تصاعديا، حيث بلغ القنطار الواحد للاسمنت حدود 1400 دج وارتفاع سعر القنطار الواحد للحديد إلى سقف 6400 دج، ناهيك عن ارتفاع أسعار النقل وتكاليف البناء، فالقرار الذي اتخذه الوزراء الثلاثة بمنح المنكوبين 700 ألف دينار جزائري على 3 مراحل صار في خبر كان ولم يلق إجماعا في أوساط المنكوبين، بل قاطعوه دفعة واحدة باستثناء تجاوب بعض المالكين لشاليهات وغير المحسوبين على نكبة الأصنام التي وقعت في العاشر أكتوبر .1980
ويرى كثيرون أن سكان الشاليهات يعانون الآن من حالة اختناق واحتقان شديدين، بسبب الانفجار السكاني الواقع في المواقع السكنية ”الجاهزة” وتردي النسيج العمراني وهي أشبه ببراميل تنتظر عود ثقاب لتشتعل فيها موجات احتجاجية ساخنة وما وقع قبل 3 سنوات في الشلف من انتفاضة شعبية أتت على الأخضر واليابس كما هو معلوم ما هو إلا دليل على سخونة الوضع، وملل المنكوبين من الزيارات الماراطونية لوفود وزارية بغير معنى ودون جدوى، الأمر الذي جعلهم يطالبون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة باتخاذ قرار سيادي وجريء لطي أزمة المنكوبين وعدم ترك الملف يراوح مكانه، كونهم كرهوا سياسة رمي الكرة في مرمى الآخر واستمرار بعض الوفود الوزارية في ربط فشل حل الملف بأسباب واهية وغير مقنعة