يجري النقاش الدائر هذه الأيام فيئ الصالونات والأحزاب والحكومة وفي الإذاعة والتلفزيون بعيدا عن صانع القرار الحقيقي· فمهما زوّرت السلطة من انتخابات ومهما سكتت الأحزاب المستفيدة من الريع عن التجاوزات، يبقى الشعب هو المحدد الحقيقي لاتجاه السفينة، والأحداث أثبتت أن الشعب وحده هو من يقرر متى يقلب الطاولة على الجميع· الأحزاب تتحدث عن حصتها من التشريعيات القادمة وكأن مقاعد البرلمان القادم ستوزع في سوق شعبي أو في مزاد علني، وهذه الصورة هي التي تجعل المواطن يعزف عن المشاركة· وعندما يقرر زعيم حزب ما أنه سيحصد غالبية تلك المقاعد فالأكيد أن منطق الأشياء لدى الناخب الجزائري يدفعه للتردد، حتى لا نقول العزوف· أما وزارة الداخلية فقد خانتها فطنتها في موضوع استقطاب الناس إلى صناديق الاقتراع عندما خاطبتهم باللغة الفرنسية في بلد نصف ناخبيه وربع سكانه من الأميين· ونحن على مقربة من التشريعيات القادمة، لايزال الخطاب السياسي الرسمي والإعلامي والحزبي بعيدا كل البعد عن المواطن في ظل غياب أدوات الإقناع· ومادام المواطن يرواده إحساس قوي بأن مشاركته في الاستحقاقات القادمة لن تغير شيئا، فإن السلطة والأحزاب التي أبدت استعدادها للمشاركة في الانتخابات مدعوة لتغيير خطابها نحو طرق إقناع فعالة، على أن تضع السلطة كافة الأدوات التي تقنع الناخب بتجاوز منطق المقاطعة بواسطة سياسة إعلامية عمومية ذات ثقل ملموس، لأن ما يحدث لحد الآن يتم بأدوات تقليدية لا تعكس حجم الإمكانيات الموجودة، بل إن بعضها قد يأتي بنتائج عكسية·