تستعد ليبيا للاحتفال بالذكرى الأولى “لثورة 17 فبراير” وسط مخاوف على مستقبل البلاد من عدة تحديات لضمان أمنها واستقرارها وإقامة دولة القانون. وأثار بطء الإصلاحات حركة احتجاج على المجلس الانتقالي الحاكم اتهمته خصوصا ب”سرقة الثورة” والسماح “للانتهازيين” من النظام السابق بالتسلل إلى الفريق الحاكم الجديد. وتأتي تصريحات الساعدي القذافي الأخيرة في وقت يتسم الوضع الليبي بالتوتر، لأسباب منها عجز المجلس الانتقالي عن السيطرة على الميليشيات، فالعاصمة الليبية مطرّزة بحواجز التفتيش، وهناك مخاوف من قيام مجموعات موالية للنظام السابق بعمليات تفجير حين ينزل الليبيون إلى الشوارع احتفالا بسقوط الدكتاتورية. ونقلت صحيفة “الغارديان” عن ناصر المدني قائد مجموعة أقامت حاجز تفتيش على شارع عمر المختار، “إن القذافي انتهى، ولكن هذا لا يعني أن الخطر انتهى”. وقال المدني إن مجموعته المؤلفة من مقاتلين محليين تفتش السيارات بحثًا عن متفجرات وأسلحة مخبأة، مؤكدا “نحن جميعنا من أهل المنطقة، ويعرف أحدنا الآخر، ونعرف الغرباء كذلك”. وشهدت طرابلس في هذه الأجواء المتوترة عودة سيارات البيك آب، التي نُصبت في أحواضها مدافع رشاشة ثقيلة. وكانت هذه السيارات أصبحت رمزًا لحرب ليبيا، التي استمرت ثمانية أشهر، قبل أن تنتهي رسميًا بمقتل القذافي في أكتوبر الماضي. وفي حين أن الاشتباكات بين الميليشيات نفسها في طرابلس انخفضت إلى اشتباك واحد أسبوعيًا، في تحسن ملحوظ، بحسب “لغارديان”، فإن المناوشات خارج المدن الكبيرة ما زالت مشكلة مستمرة. وأسفرت ثلاثة أيام من القتال بين ميليشيات قبلية في بلدة جفرة في جنوب البلاد عن مقتل 17 شخصا. من ناحية أخرى، تنظر ميليشيات عديدة بعين الشك إلى الجيش الوطني، لأن قياداته تتألف من ضباط سابقين في جيش القذافي، ولأن عدم الثقة بالمجلس الانتقالي الليبي بلغ درجات عالية. ويتهم محتجّون في أنحاء ليبيا المجلس الانتقالي، الذي ما زالت اجتماعاته سرّية، بعدم الشفافية، وخاصة عن مصير عائدات النفط المتزايدة. وقد تلغى الاحتفالات المقررة خلال هذا الأسبوع في بنغازي مهد الثورة، وسط مخاوف رسمية من تحوّلها إلى احتجاجات ضد المجلس الانتقالي. كما أن هناك بوادر متزايدة على تشظّي ليبيا نفسها. فإن مصراتة، التي تعتبر عمليا دولة مستقلة، ستجري انتخابات خاصة فيها في العشرين فيفري الجاري، إضافة إلى أن زعماء قبليين من المنطقة الشرقية اجتمعوا أخيرا لتدارس اتخاذ خطوة مماثلة.