تمكن زعماء ”تكتل الجزائر الخضراء” المولود الإسلامي الجديد المشكل من الحركات الثلاث مجتمع السلم والنهضة والإصلاح، من تحويل المشروع ”الأمنية أو الحلم” لدى قطاع واسع لدى التيار الإسلامي في الجزائر إلى واقع وحقيقة سياسية بعد تجارب ومحاولات عديدة عبر عقود من الزمن باءت كلها بالفشل لأسباب كثيرة، كان الزمن في نظر المتتبعين جزءا من علاجها الأمر الذي جعل في نظر المراقبين تكتل الجزائر الخضراء يولد ولادة طبيعية بعد ما دار حوله واكتمل الحد الأدنى من نصابه وتوفرت له ظروفه· وهذا ما يفسر إلى حد كبير حسب القراءة الأولية للحدث النقلة الواضحة في هوية خطاب التكتل وما جاء في تصريحات الزعماء الذين تداولوا أمس على منصة فندق السفير عند التوقيع على شهادة ميلاد تكتل الجزائر الخضراء، حيث كانت السمة البارزة والحدث تزامن وأجواء حمى انتخابية يسمح فيها ما لا يسمح في غيرها، الغياب الكلي بشكل لافت للانتباه، ولكن المقصود لمعاني الاكتساح والفوز في الانتخابات المقبلة وبالجملة خلت كلمات الزعماء من عبارات ”الدكاكين الانتخابية” كالمقعد والصوت والمغنم والقائمة ···· وعلى العكس من ذلك كان الخطاب منخرطا في الأبعاد الاستراتيجية والرؤى المستقبلية لجزائر القواسم المشتركة بين كل الجزائريين جزائر الاستقرار وديمومة المؤسسات والتداول السلمي الحضاري على السلطة، جزائر تكافؤ الفرص وتكريس الديمقرلطية والحريات والمصالحة والمواطنة والانتقال بأبعاد الهوية والثوابت الوطنية من التمجيد إلى الفعل والممارسة، فضلا عن الادعاء بإمكانية حزب أو تيار من الاضطلاع بمفرده بمسؤولية تسيير مقاليد الحكم في الجزائر أو التقليل من حظوظ الشركاء السياسيين الآخرين سواء في الانتخابات أو أهليتهم في المشاركة في بناء الجزائر وأكثر من هذا كانت كلمات الزعماء الثلاثة وكل من تحدث، عبارة عن رسائل تطمين صريحة وفصيحة للرأي العام الوطني وللمنافسين السياسيين ابتداء والرأي الدولي انتهاء· وجاءت لتبطل بشكل احترافي مفعول القنابل الموقوتة التي يسوق لها من أبى في نظر المتتبعين للشأن السياسي الالتحاق بجزائر ودعت وبلا رجعة مربع المراحل الانتقالية والمعادلات الصفرية والأحكام الجزافية والمسبقة والمواقف النمطية من الداعين إلى الويل والثبور وعظائم الأمور بعدما أصبحت كل هذه المعاني عملة كاسدة لدى الرأي العام الجزائري والدولي ولا يمكن الحديث عن ميلاد الجزائر الخضراء دون الإشارة إلى أن صناع هذا التكتل رفضوا أن يكون اختصارا لحركات ثلاث كما قالوا واعتبروه ميلاد عائلة سياسية تنتظر أن يلتحق بها أقرانها متى شاءوا، معتبرين أن مواقفهم من التكتل لا ”تفسد في السياسة قضية”· جملة هذه المعطيات أن يكون تكتل الجزائر الخضراء إضافة إيجابية للساحة السياسية الجزائرية بما سيضفيه عليها من احترافية يؤمل ان تضع حدا لحالة الترهل السياسي منذ الانفتاح السياسي في الجزائر المتسمة ”بكثرة الساسة وقلة السياسة”، ليكون المولود الجديد في نظر المراقبين خطوة أولى نحو ”الكثرة النوعية ساسة وسياسة خاصة في ظل ما اتسمت به معادلة العرض والطلب السياسيين في الجزائر بقلة الأول وكثرة الأخير”