تتابع الجزائر بقلق الوضع المتردي في جمهورية مالي بعد الانقلاب العسكري ضد نظام الرئيس توماني أمادو توري، حيث أعلنت الخارجية في بيان رسمي إدانتها الانقلاب على الشرعية الدستورية في باماكو، وأكدت رفضها بشدة اللجوء إلى القوة من أجل التغيير، معتبرة إياه منافيا للدستور. وتحركت الجزائر بسرعة مباشرة بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب الذي لم يتبق على انتهاء ولايته سوى أقل من شهر، حيث أصدرت السلطات قرارا بإغلاق حدودنا البرية مع مالي، وأعلنت تجميد جميع أشكال التعاون مع باماكو، بما في ذلك الدعم العسكري والإنساني واللوجستي الذي كانت تقدمه الجزائر لهذه الدولة الفقيرة، بغرض مساعدتها على مواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية التي تعصف بها مهددة معها الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي برمتها. ويرى متتبعون للشأن الأمني بالمنطقة، أن الانقلاب العسكري ضد نظام توري سيؤجج الوضع في الساحل، خاصة بعد الأزمة الليبية وسقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي وتكثيف تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل لعملياته الإرهابية ونشاط تداول السلاح هناك. وبهذا الخصوص، يقول الخبير في الشأن الأمني شفيق مصباح في تصريح ل”البلاد”، أمس، إن الانقلاب العسكري في مالي سيؤدي حتما إلى انفلات الأوضاع ويلقي بظلاله على دول منطقة الساحل بما فيها الجزائر. وأضاف مصباح أن ما حدث في شمال مالي وتمرد حركة الأزواد هو مخطط فرنسي تدعمه المغرب من أجل تأسيس دولة مستقلة للأزواد، ومعروف حسبه أن الدول الغربية تعتبر منطقة الساحل بمثابة حزام واق يفصلها عن أوروبا، مؤكدا أن الانقلاب العسكري ضد نظام أمادو توري كان متوقعا على أساس أنه فقد شرعيته وقدرته على التحكم في الأوضاع الداخلية وتسيير أزمة حركة الأزواد، ويعتبر ما وقع للنظام المالي دليل على فشل دول منطقة الساحل في التحكم في الوضع الأمني بالمنطقة. وكان خبراء وعسكريون متقاعدون قد تحدثوا عن خطورة الوضع في منطقة الساحل، وصرح العقيد المتقاعد نور الدين عمراني خلال تدخل له في ندوة مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية مؤخرا أن منطقة الساحل باتت مفتوحة على جميع الاحتمالات في ظل الانفلات الأمني والتسرب الرهيب لمختلف أنواع الأسلحة، سواء من خلال الشحنات التي قدمتها فرنسا مباشرة لمقاتلي المعارضة أو توريدات عسكرية أخرى، أو من خلال استيلائهم على مختلف مستودعات الأسلحة لنظام القذافي، مؤكدا أن هذا الوضع أبرز تعاظم مسؤوليات الجزائر في التعامل مع الواقع الجديد بالمنطقة التي فرضتها مخططات أجنبية.