الحكومة تتحرش بمواطنيها الذين لم ينهوا بعد بناء مساكنهم، وهذا منذ أن أقر برلمانيو 30مليونا، قبل عام، قانونا يجبر هؤلاء على استكمال مساكنهم في أجل معلوم، وإلا تحول البناء إلى النوع الفوضوي. وهو ما يستدعي قانونا تحرك جرافات شارون (الملعون) التي هدت بيوت الفلسطينيين وقلعت أشجار الزيتون! وبالأرقام، عدد البنايات غير المكتملة ومعظم أصحابها من بني عريان، ممن يريدون التطاول في البنيان، تصل إلى مليون و175 ألف مسكن على المستوى الوطني، وعلى اعتبار أن كل مسكن يتكون من طابقين (زائد الحانوت) الذي يحيا الواحد من أجله ويموت، يكون عدد البنايات المعنية في حدود 2 مليون و300 ألف! وهو في النهاية رقم مهول يدوخ أصحاب العقول قبل المهبول! وعندما يقول أهل الاختصاص إن الأمر استكمال تلك البنايات في أوقاتها المحددة أي بعد خمس سنوات صعب، فإن ذلك لا يمكن تفسيره بقلة إمكانيات هؤلاء المادية ودخول الإسمنت مجال الندرة الحادة والمضاربة كما هو حاصل الآن، ولا حتى بندرة في عدد البنائين وأصحاب ''البريكولاج''، وإنما في طبيعة عقلية المواطن نفسه التي صقلها من طبيعة الدولة التي يعيش فيها وعلمته ما لم يعلم! فالذين حكمونا على مدى نصف قرن تقريبا باعتبارهم رجال دولة صنعوا لنا في نهاية المطاف ''كركاسة'' دولة أي الهياكل فقط من حكومة وأحزاب وبرلمان وشركات، ولكنهم لم يبثوا في تلك ''الكركاسة'' روح الدولة التي تعني القوانين والحكم الراشد.. ومادام أن المغلوب مولع بتقليد الغالب والمحكوم مولع بتقليد الحاكم.. فإن أصحاب البناءات (الناقصة) قرروا على الأقل تدشين ''كركاسة'' على شاكلة دولتهم تذكرهم بأن البناء الحقيقي للدولة مازال بعيد المنال!