هللت الصحف الإسرائيلية الصادرة بحر هذا الأسبوع ومعها بعض الصحف الفرنسية لخبر اعتماد ممثلية لليهود في الجزائر، واعتبرته خطوة إيجابية، متناقلة في سياق متصل التصريحات الرسمية التي صدرت في ذات الشأن. وراحت ذات الوسائل الإعلامية تتحدث عن عدد اليهود في الجزائر بصيغة أقرب إلى التلميح بتواجدهم دون معرفة عددهم الحقيقي، مشيرة إلى أن عددهم قارب الألف شخص، وهو ما لم يسبق أن أكدته أي جهة رسمية في الجزائر، واستغلت عدد من الصحف العبرية الفرصة السانحة للحديث عن مقابر اليهود وعدد البِيع والكُنس الموجودة، بحسب زعمهم في الجزائر. من جهته، نفى عبد العزيز بلخادم أن يكون اعتماد تمثيلية لليهود في الجزائر خطوة نحو تطبيع العلاقات الجزائرية مع الكيان الصهيوني، وقال الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في تصريح ''إن الجزائر ترفض رفضا قاطعا أي مساومات من أجل التطبيع مع إسرائيل مهما كانت الظروف''. مضيفا ''إن نشاط جمعيات دينية للديانة اليهودية وغيرها بالجزائر لا يعني البتة أنه تمهيد لتطبيع العلاقات بين الجزائر والكيان الصهيوني كما يروج له البعض''، في إشارة منه إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تجاوبت بشكل لافت مع خبر اعتماد ممثلية رسمية لأتباع الديانة اليهودية في الجزائر. بالمقابل، أعلن بلخادم عدم معارضته لأي نشاط ديني في البلاد سواء كان يهوديا أو مسيحيا، مستدركا بالقول ''إذا كان في إطار منظم كما تسمح به القوانين السارية''، وذلك انسجاما مع جوهر السياسة الرسمية التي عملت منذ سنة 2006على تقنين نشاط الأديان الأخرى من غير الإسلام، لمحاربة النشاطات السرية من جهة وتحذيرا لأي جهة يغريها النشاط خارج الأطر القانونية ثم إسقاطا لأي حرج على السلطات الجزائرية حين تطبق قوانين الجمهورية على الذين يدوسونها، خاصة في ظل التقارير المغرضة التي تصدرها جهات خارجية عن وضعية ممارسي الديانات الأخرى في الجزائر. في سياق متصل، أشار بلخادم الذي ترأس التنسيقية الوطنية لمناهضة التطبيع مع إسرائيل إلى أن الجزائر ''من الدول القليلة التي تعتبر رفض التطبيع مع إسرائيل من ثوابت سياستها الخارجية''. وأضاف أن اعتماد جمعية يهودية في الجزائر ''لم يكن خضوعا لإملاءات خارجية، مؤكدا أن هؤلاء لم يأتوا من مكان آخر وليسوا غرباء عن الجزائر، إنما هم جزائريون يعيشون بين أبنائها ولهم الحرية في ممارسة طقوسهم الدينية''، في إشارة إلى بعض العائلات والشخصيات اليهودية في الجزائر، على غرار المحامي الطاعن في السن روجي سعيد الذي ترأس الممثلية اليهودية بعدما غادر الجزائر سنة 93. ومهما يكن من أمر، فإن الاهتمام اليهودي بترسيم تواجدهم الديني في الجزائر غير عار من أبعاد وخلفيات مستورة قد يكشف المستقبل عن هويتها، خاصة وأن ذات الخطوة جاءت في أعقاب انتعاش الحنين لدى اليهود المقيمين سابقا في الجزائر للعودة إليها بعد أن غادروها طواعية عقب الاستقلال، في ظل الضمانات القانونية التي أقرتها اتفاقيات ايفيان على رغم تاريخهم الأسود إبان الثورة وارتكابهم جرائم معروفة في حق الجزائريين من خلال تنظيمهم الإرهابي المسمى آنذاك ''اليد الحمراء''، ردا على جميل الجزائريين الذين آووهم وأطعموهم وأمّنوهم من خوف حكومة فيشي العميلة للنظام النازي، رغم اختيارهم الطوعي للجنسية الفرنسية في إطار مرسوم ''كريميو''. كما يأتي الاهتمام الإسرائيلي البالغ بالجزائر كخطوة ثانية بعدما كانت الأولى قائمة على المطالبة بقيمة 120مليون اورو تعويضا عن أملاك يقولون إنهم يحوزونها في الجزائر، وهي الأملاك التي يعرف أنهم غادروها قبل أن تطالها قوانين الأملاك الشاغرة المعمول بها في سائر دول العالم بما في ذلك فرنسا