فرنسا ونظام المخزن وبعض الأفارقة وراء الأزمة المالية أكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، أمس، في منتدى «البلاد»، أن سبب انهيار دولة مالي يتمثل في تأثرها بعوامل داخلية وخارجية، وكذا الضغط الذي تمارسه بعض الدول الإفريقية التي تخدم المصالح الفرنسية في المنطقة والتي تعتبر أداة فعالة في يدّ فرنسا لتحقيق ذلك. ذكر اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد أنه من بين هذه الدول بوركينافاسو وكوت ديفوار والسنغال وغينيا، هذه الأخيرة التي تقوم بحجز كميات الأسلحة في الموانئ لمنع توصيلها إلى السلطات المالية من أجل مواجهة ما يحدث على أراضيها، وذلك حسب محدثنا بغرض إضعافها وبالتالي فرض موقف التدخل العسكري في الأراضي المالية الذي يعتبر مطلب فرنسا الأول. في سياق متصل، أشار إلى أن الأرضية التي تبلورت منها الأزمة في مالي تتمخض عنها جملة من المشاكل الاجتماعية وانعدام التوازن وغياب العدالة والأمراض الاجتماعية المتفشية منها الرشوة والمحسوبية. إلى جانب ذلك، يضيف محدثنا أن دولة مالي تعتبر المستعمرة الفرنسية الأكثر استقلالية عن التبعية لفرنسا، وفي هذه النقطة أثار مظاهر التقارب بين الجزائر مالي، وأكد أن هذا التقارب كبير جدا مع المواقف الجزائرية، وذلك يقول «يعود إلى تجذر العلاقات بين البلدين تاريخيا النابعة أساسا من علاقات المصاهرة بين مواطني الدولتين ومستمدة أيضا من عهد ثورة التحرير، حيث سمحت مالي بفتح جبهة الجنوب للثورة الجزائرية». واسترسل ضيفنا في هذا الصدد قبل أن يُبرز مختلف الأطراف المتسببة في الأزمة المالية، «عن الخيرات الطبيعية التي تزخر بها كل من صحراء الجزائر من البترول والغاز خاصة وتوفر مالي على مادة المعدن الأصفر بكميات تصنفها في المرتبة الأولى إفريقيا، وهو ما يجعل أطماع الدول تتزايد والأنظار تتجه أكثر نحوهما»، مضيفا أن «النفط اليوم أصبح يشكل مصدر صراع في العلاقات الدولية، وتتصارع القوى الكبرى للحصول عليه من الدول المنتجة له، لكن دول إفريقيا ضمن هذا السياق تملك الحق في اختيار والبحث عن مصالحها هي الأخرى واختيار الأسواق التي تحقق لها مصالحها». وأبرز المتحدث أن «هذه الأحداث التي تقع على حدودنا هي نتيجة لهذه الأطماع، غير أن هذه الدول الطامعة تستعمل مختلف الأساليب لبلوغ هدفها على غرار التفاخر وتحاول تجسيد غاياتها باسم بعض المفاهيم المقدسة منها الديمقراطية والقانون والعدالة والتنمية، حيث يدّعون بهذه المفاهيم ويتلاعبون بها في بعض الأجزاء الأخرى من العالم في فلسطين وسوريا والتنمية بنهب خيرات الشعوب». في سياق متصل، أبرز المتحدث الدور المحوري لفرنسا والنظام المغربي في تأزيم الوضع في مالي، حيث أوضح أنه إضافة إلى بعض الدول في إفريقيا التي تمثل أداة لتحقيق مصالح في فرنسا في المنطقة، هناك النظام المغربي هو الآخر الذي يساند فرنسا في كل مواقفها مقابل حصوله على الدعم في مواصلة احتلال الصحراء الغربية، وجدد قائلا أن «الجزائر مستهدفة بسبب معارضتها لمصالح فرنسا في إفريقيا وأيضا بالنسبة لمالي التي تعارض مصالح فرنسا في أراضيها»، ويرى محدثنا ذلك «عبارة عن استعمار بوجه جديد لفرنسا والتي تتقاطع مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في المصالح». فاطمة الزهراء. أ الأحزاب والمجتمع المدني مسؤولين عن عدم التحرك لتغييرهم على المسؤولين الفاشلين ترك مواقعهم وعدم تبرير إخفاقهم طالب اللواء عبد العزيز مجاهد كل المسؤولين الرسميين الذين يبررون إخفاقهم في مواجهة الواقع، بوجود عوامل ضاغطة ولوبيات نافذة، أن يتركوا مواقعهم لمن يقدر على محاربة الفساد ويحقق تطلعات المواطنين. وخاطب ضيف «البلاد» هؤلاء المسؤولين بالقول «قوم أو طلق»، وفق المثل الشعبي، وأوضح تعليقا على خطابات هؤلاء المسؤولين الذين لجأوا إلى تبرير فشلهم أو حاولوا تمرير رسائلهم والتخلص من الضغط عبر الخطاب الإعلامي «أن الخلل برأيه يكمن أساسا في هذا النوع من المسؤولين»، حيث قال «إن هذا الشخص الذي يشتكي لديه مسؤوليات، وتقع تحت تصرفه مؤسسات مهمة، منها وزارات العدل، والتجارة والصناعة والمالية وإدارة البنوك والجمارك وغيرها، فهي كلها تعمل تحت إشرافه، ثم يوجه كلامه للمواطن»، وهنا قرأ اللواء مجاهد ضمنيا في مثل هذه الخطابات التبريرية الغامضة نوع من ترحيل المشاكل وفض الخلافات خارج أطر الدولة، لافتا النظر إلى أن هذا الواقع الغريب يشبه تماما ما حصل قبيل أحداث أكتوبر 1988، إذ قال «هذا يذكرنا بخطاب الشاذلي بن جديد في شهر 9/ 1989، عندما توجه بخطاب للأمة، كان يهدف لإثارة الشعب»، على حد وصفه، وذلك بسبب تراكم المشاكل وتغول الاعوجاج، كما ورد في كلام الرئيس بن جديد آنذاك، وهو الأسلوب الذي رفضه خريج المؤسسة العسكرية لكون الرجل أي بن جديد كان رئيس دولة، «الشعب منحك ثقته كرئيس دولة حتى تقوم بدورك، فماذا تعمل، أنا مواطن انتخبتك وتنازلت عن حقوقي، لا أريد أخذ حقي بذراعي»، يتساءل اللواء عبد العزيز مجاهد، مؤكدا على أن المسؤول»مادامت لديه أجهزة ومؤسسات، ومع ذلك يقول للمواطن بطريقة غير مباشرة، خذ حقك بيدك، فمعنى هذا أنه فاشل ومؤسساته فاشلة، وكل مسؤول يقول هذا الكلام، الأحسن له أن يستقيل ويلزم بيته»، مشددا ضمن هذا السياق على أنه «إذا لم تكن قادرا، ولست أهلا، فاترك هذه المسؤولية لأهلها، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها». وعلل موقفه هذا، بكون ممارسة المسؤولية في تقاليد المواطنة القائمة على مبادئ الحقوق والواجبات، «تخضع للحساب والرقابة والتقييم، فيحاسب الشخص عليها، لكن مشكلتنا نحن أنه ليس هناك محاسبة ولا مراقبة». ولم يحمل المتحدث بهذا الشأن، الرسميين وحدهم مسؤولية الأمر، موضحا أن «اللوم لا يقع على المسؤول، بل على الأحزاب والجمعيات والمواطن والمجتمع المدني»، الذي يلتزم الصمت ولا يتحرك في الميدان لتغيير الفاشلين. وختم قوله في هذا الصدد بالتأكيد على أن «قانون الحياة يقضي بأن البقاء للأصلح وليس الأقوى»، على حد تعبيره. عثماني. ح إطلاق سراح 3 دبلوماسيين مؤشر على قبول وساطة الجزائر اعتبر اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، خطوة إقدام الأطراف المختطفة للدبلوماسيين الجزائريين في مالي على تحرير بعضهم، يمثل إشارة واضحة على رغبة هذه الأطراف في أن تلعب الجزائر وحدها دور الوسيط في هذه الأزمة، ودليل أيضا على رغبتها في أن يسود الموقف الجزائري الداعي إلى منع التدخل العسكري في التراب المالي. وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث أن الجزائر حققت ذلك بفضل حلفائها وأصدقائها في المنطقة والأعيان والشخصيات المرموقة التي تكونت ودرست في الجزائر في وقت مضى. كما أكد في إطار متصل، أن المقاربة الجزائرية في إيجاد حلّ لأزمة مالي هي الأقرب من التحقيق والنجاح، نظرا للتجارب الفاشلة بخصوص الأزمات الماضية. وشدد اللواء المتقاعد مجاهد على أن السلاح لم يكن أبدا حلا للأزمات، ولا يمكن معالجة أزمة سياسية بحلّ عسكري، مستدلا على ذلك بأزمة أفغانستان وما خلفته الحرب العسكرية. فاطمة الزهراء. أ تحصين وحدة البلاد يمر عبر تنمية حقيقية في الجنوب الجزائر ارتكبت خطأ استراتيجيا بتخليها عن «التقارب الإفريقي» أكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، أمس، أن الجزائر ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا بتخليها عن استراتيجية البعد الإفريقي وسياسة التقارب مع الدول الإفريقية التي كانت تنتهجها في السنوات السابقة. وأضاف ضيف «البلاد» أن الجزائر هي من أسست لفكرة النظام الدولي الجديد وظلت تعمل من أجل إرسائه انطلاقا من القارة الإفريقية التي كان شعار «إفريقيا للأفارقة» يحكم تعامل دولها مع الدول الاستعمارية الكبرى الطامعة في خيراتها، مضيفا أن مقاربة الجزائر الحالية بخصوص الوضع في هذه الدولة الحدودية كانت ستكون أنجح لو أنها حافظت على رؤيتها واستراتيجيتها في المنطقة. كما أوضح مجاهد أن الجزائر كانت مؤمنة حقا بسياسة «جنوب جنوب» التي انتهجتها خلال السبعينات وقد تجسد ذلك حسبه من خلال إنجاز الطريق الإفريقي الذي لم تكن تسميته طريق «الوحدة الإفريقية « اعتباطا، بل دليلا قاطعا على رؤية ثابتة، حسبه، وكذا من خلال المعارض الاقتصادية المسماة «الأسيهار والموڤار» التي أقامتها الجزائر في كل من ولايتي تمنراست وورڤلة، بهدف تعميق الروابط مع الشعوب الإفريقية، مشيرا إلى أن تخلي الجزائر عن هذه الرؤية ساهم في إضعاف دولة مالي وساهم في وصولها إلى الوضع الذي وصلت إليه حاليا ، والذي هيأ الظروف لحدوث الصراع والأزمة التي تعيشها، رغم أن مالي ظلت من أقرب الدول المجاورة تناغما مع الجزائر طيلة العقود السابقة. وأكد اللواء المتقاعد أن الظروف التي كانت تطبع الحياة العامة في هذه الدولة ساهمت بشكل كبير في الانشطارات التي تعيشها الآن، مؤكدا أن انعدام التوازن الجهوي بين مختلف أقاليم الدولة وغياب العدالة وتفشي الأمراض الاجتماعية هيأ الأرضية للنتائج المعاشة حاليا، خاصة وأنها محاطة حسبه بدول معروفة بتحالفها مع المستعمر الفرنسي القديم كبوركينا فاسو والسينغال وكوت ديفوار. من جهة أخرى أكد المتحدث أن الجزائر تتأثر بمحيطها وكلما كانت محصنة ومطعمة أكثر كلما استطاعت أن تكون مؤثرة. وأضاف اللواء أن تأمين جبهات الجزائر يمر حتما عبر برنامج تنموي يوجه للجنوبالجزائري يشعر المواطن من خلاله هناك بمعنى المواطنة الحقيقية. واستغرب المتحدث تدهور الوضعيات الاجتماعية لمواطني ولايات الجنوب، حيث قال لا يعقل أن يبقى المواطن هناك دون منشآت صحية ولا تعليمية، مشيرا إلى ضرورة أن تتساوى ظروف المعيشة في المدن الجنوبية مع قواعد سوناطراك في حاسي مسعود وغيرها من القواعد النفطية. وانتقد ضيف «البلاد» السياسة العامة للدولة في مختلف المجالات، حيث أكد مجاهد أن رؤية عمليات التجميل في الشوارع مع ندرة الأدوية في المستشفيات وإقامة البنايات على الأراضي الخصبة في الشمال وصرف الأموال لاستصلاح الأراضي الصحراوية في الجنوب يدفعه للجنون على حد تعبيره مضيفا أنه لا بد من ترشيد هذه السياسة لأن القاعدة العامة، حسبه، تقول إن ثلاثة أمور لا يمكن التحكم فيها النار والفيضان والشعب. م/ شارفي اللواء مجاهد صنفها في خانة «خلط الأوراق» اعتداءات ورڤلة دليل عجز الإرهابيين عن الوصول إلى مراكز القرار يصنف اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، العمليتين الانتحاريتين في تمنراست وورڤلة، أنها دليل على»ضعف» الجماعات الإرهابية، كونها لم تعد قادرة على تنفيذ عمليات في المناطق الشمالية. يرى القائد السابق للأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، في منتدى «البلاد» خلال تحليله للعمليتين الانتحاريتين اللتين استهدفتا مقرين للدرك الوطني قبل مدة في ورڤلة وقبلها بتمنراست، بالقول «في منتصف التسعينيات لم يضرب الإرهاب مناطق الصحراء والجنوب عموما، لأنه كان قادرا على الضرب في مراكز القرار استشهد بتفجير المطار والاعتداء على قصر الحكومة عام 2007 العمليات الإرهابية في الجنوب معناها أن العناصر الإرهابية لم تعد قادرة على الضرب في الشمال»، ويؤكد «إذا كان للعناصر الإرهابية الإمكانيات والقدرة على أن تستهدف منشآت مدنية أو عسكرية في الشمال فستقوم بها ولن تنفذها في الجنوب». أما عن الهدف من العمليتين، فيؤكد أنها لخلط الأوراق، وتوجيه التركيز الأمني من الشمال إلى الجنوب، وادعاء الجماعات الإرهابية أن لها أرضية وسند بالجنوب. ويؤيد ضيف»البلاد»، فرضية وجود رابط بين العمليتين الانتحاريتين في ورڤلة وتمنراست، والأزمة في مالي وتدهور الوضع الأمني بليبيا، ويقول «وجود رابط بين العمليتين والنشاط الإرهابي بالجنوب مع أزمة مالي، أكيد ولا جدال فيه…إننا نتأثر بما يحدث حولنا». وبقدر تحذيره من خطر الجماعات الإرهابية، فإنه يحذر من نشاطات مافيا تهريب المخدرات والسلاح، ويصنفهما في نفس مرتبة الإرهابيين، كون مصالحهم تتقاطع في نقطة «ضد الدولة»، والبحث عن منفذ آمن لنشاطها.