في التقرير الأخير لليونسكو عن المقروئية في العالم.. ظهر أن العربي يقرأ في المتوسط.. ست دقائق سنويا.. أي ما يعادل اثنتي عشرة صفحة مكتوبة.. هذا لمن يقرأ منهم طبعا.. مقابل مائة كتاب يقرأه مواطن أوروبي أو أمريكي عادة.. وبالنتيجة.. تحجز هذه الأرقام موقعا للقارئ العربي في ذيل القائمة.. لا يتفوق عليه إلا هنود الأمازون..أو أبوريجان أستراليا. هذه الطامة الكبرى.. يتسع مداها.. حين نعلم أن أغلب العرب لا يقرأون أصلا.. فلا يفتح أحدهم كتابا من يوم أن يغادر المدرسة.. إلى أن يرحل عن هذه الفانية.. هذا إن لم يكن أميا بالفطرة.. أي كما ولدته أمه.. فيموت وقد ضمرت خلاياه الفكرية.. وتقلص نصف دماغه الأيسر.. وعقم عقله. أليس هذا ما يفسر.. حالة الانحطاط الفكري والعلمي التي أطبقت على هذه الأمة.. وحولتها إلى ملايين من الأجواف.. التي انبتت صلتها بالمعرفة والقراءة.. واقتصر دورها على استهلاك ماديات الحضارة التي ينتجها غيرها!! لا داعي أن أقول إن أول أمر قرآني نزل.. كان القراءة.. وديننا الذي ندعي الانتماء إليه قائم على الفقه.. أعني الإدراك العميق للحقائق.. والمسلم الذي يفشل في الحصول على أداة الفقه الأولى.. أعني القراءة.. ينتهي عالة على الإسلام.. وقد يتحول إلى وبال عليه. نحن نفتخر بوصفنا أمة اقرأ.. وكتابنا الكريم يلح علينا بالتفكر والتدبر والتبصر.. غير أن العالم من حولنا.. قائم في مضمار سباق علمي ومعرفي شرس.. لا ينام ليلا.. ولا يستريح نهارا.. أما نحن المسلمين.. فنسبح في بحار من الجهل.. ونتخبط في حال من انعدام البصيرة.. لا نقوى على النظر في كتاب.. وبداخل كل واحد منا تعشش جرثومة معاداة القراءة.. تتناسل بلا هوادة.. وتشتغل بلا كلل. تلاشت بغداد وقرطبة.. وارتفعت مدن الراحة والاستجمام.. وتجلت قنوات «الكليب».. بمثل ما عرشت ثقافة الديسكو في أدمغة فرغت من مادتها الرمادية.. ففاضت بثقافة النفط.. فأهلا وسهلا بكم في مملكة الجهل والغباء.. أمة اقرأ.. التي لا تقرأ ولا تكتب.