أدرجت الخارجية الفرنسية الجزائر مجدّدا ضمن قائمة البلدان ''الخطرة'' على أمن وسلامة السواح الفرنسيين وكذا البلدان التي تشهد عمليات قرصنة. ودعا موقع ''كيدورسي''، عنوان الخارجية الفرنسية، في آخر نصائحه، السواح والمسافرين الفرنسيين إلى''توخي المزيد من الحيطة والحذر خلال أسفارهم'' إلى ذات البلدان. كما نفت مصالح برنار كوشنار وجود بلد في العالم بمنأى عن الخطر الإرهابي. ويأتي هذا التصنيف الجديد-القديم من قبل الخارجية الفرنسية للجزائر تزامنا مع تقديم برنار كوشنار لمشروع قانون في مجلس الوزراء الفرنسي يدعو إلى تغريم الرعايا الفرنسيين المختطفين من قبل الجماعات الإرهابية مقابل عملية تحريرهم، وذلك بالنظر للتكاليف الباهظة التي تتكبدها خزينة مصلحة الأزمات بالخارجية الفرنسية عند معالجتها لمثل هذه القضايا، حيث ينص مشروع القانون على تحميل الرعايا الفرنسيين الذين يتنقلون إلى هذه البلدان دون مبرر شرعي، مسؤولية ''فعلهم'' خاصة في ظل التحذيرات والنصائح التي تقدمها المصالح الفرنسية المختصة لرعايها الذين يقصدون الوجهات الخطرة. كما شدّد كوشنار الذي يعتزم عرض مشروع قانونه أمام الجمعية الفرنسية قريبا على ''تمسك بلاده بقانون رفض دفع الفدية للمختطفين''. وليست المرة الأولى التي تسلط المصالح الفرنسية المعنية، الأضواء على الوضعية الأمنية في الجزائر سواء من خلال تحذيرات تصدرها الخارجية الفرنسية أو جهات مختصة أخرى، إضافة إلى تحذيرات شبيهة تصدرها السفارة الفرنسية في الجزائر وكان آخرها تحذير السفارة ذاتها خلال الصائفة الماضية للرعايا الفرنسيين من التنقل إلى الجزائر وبالأخص منطقة القبائل وذلك جراء الاعتداء الإرهابي الذي استهدف ثكنة بمنطقة الأخضرية منتصف شهر جويلية الماضي وخلف إصابة فرنسيين وإيطالي بجروح. واتسمت التقارير الفرنسية المختلفة حول الوضعية الأمنية في الجزائر في كثير من الأوقات بطابع ''التسييس'' المحكوم بمنطق لعبة شدّ الحبل في العلاقة بين البلدين. ويبدو أن التقرير الأخير للخارجية الفرنسية وموقفها من الوضعية الأمنية في الجزائر والمتجاهل لكل النتائج المحققة ميدانيا على غرار نجاح قوات الأمن في تحييد ما تبقى من العناصر الإرهابية والحيلولة دون تنفيذها لاعتداءات إرهابية ذات الصدى الإعلامي الكبير، أقرب منه إلى التقارير الأمنية المسيّسة منها إلى التقارير التي تعكس حقيقة الواقع في الجزائر، خاصة في ظل تزامن التقرير مع ''المفرقعة المبللة'' التي حاول تفجيرها الجنرال المتقاعد حول قضية مقتل تبحيرين فضلا عن علاقة المسؤول الأول عن السفارة الفرنسية بالجزائر وموقفه المثير للاستياء من الأزمة في الجزائر. ويكفي برأي المتتبعين للشأن الفرنسي وبالأخص العلاقات الفرنسية الجزائرية للتأكد من الازدواجية الفرنسية، العودة إلى التقارير التي تصدرها الجهات الفرنسية المختصة في التجارة والاقتصاد والاستثمار حول مناخ الاستثمار وعلاقة الوضع الأمني في الجزائر بذلك، إذ يتبين من خلال تشجيع المستثمر الفرنسي على افتكاك موطئ قدم مالي في جزائر البحبوحة المالية، أن النظرة الفرنسية للشأن الأمني في الجزائر غير عارٍ من طابع الابتزاز والمقايضة السياسية.