كثيرا ما يُقال للفتاة المخطوبة تمتعي بأجمل لحظات العمر واغتنمي من هذه الفرصة التي لا تعوض ، كما يقال للعروس المتزوجة حديثا، استمتعي بالأيام الأولى من زواجك، لأن كل شيء يتبدل بعدها فهل هذا واقع أزواج اليوم . اقتربت " الجزائرالجديدة" من البعض لمعرفة الظروف المحيطة من وراء ما يعيشه أزواج اليوم والتي تنتهي أحيانا بفك هذه الرابطة وأحيانا أخرى يكون مصيرها حياة زوجية تعيسة وحزينة ضحيتها الأولى أحد الزوجين . مع المعاشرة .... تزول كل الأقنعة يُقال أن العشرة هي سيدة القرار وحده ، ولا مجال للتلاعب أو التظاهر معها، فلا يمكن مخادعة أحد أمامها فالمعاشرة الزوجية هي التي تبين حقيقة كل طرف وهي التي تزيل الأقنعة ليكتشف كل طرف الوجه الحقيقي للآخر، لاسيما العيوب التي يحرص الطرفين على إخفائها قبل الزواج ، وهنا تسيطر كلمات الحب والإثراء وعبارات العشق والمجاملة على تصرفات كل واحد من أجل شد الطرف الآخر إليه أكثر، لكن ريثما يحدث الزواج تزول معها الأقنعة ، وتتحول تلك المشاعر إلى كبت في الصدور لا يحق أن يظهر للعيان إلا في المناسبات ، وكأنها مساس بالكرامة و اعتراف بالضعف ، فيعمد الرجل إلى التثبت بحقوقه وتذكير الطرف الآخر بواجباته حياله أمام المرأة ، فتظل تتحدث عن حقوقها ولا يشغلها أي شاغل سوى تذكير الزوج بواجباته حيالها ومدى تحقيقه لوعوده السالفة لها. وفي هذا السياق تحدثنا السيدة "ل ،ب" ، متزوجة حديثا عن تجربتها القاسية مع زوجها الذي غمرها بوعوده لها ، فقد كان لا يكاد يفارقها نهارا وليلا ويتصل بها عبر الهاتف كل لحظة للاطمئنان عليها، ناهيك عن عبارات الحب والغزل التي كانت تسمعها منه وظنت حينها أنه يموت في حبها ولن تجد رجلا محبا لها مثله، لكن كل ذلك تبدل بعد الزواج لتصطدم بواقع مر يصعب عليه تقبله، فقد أصبح زوجها يدخل البيت متأخرا ولا يسأل عنها أبدا في النهار، بل أنه- تضيف محدثتنا- لا يكاد يقوم بواجباته الأسرية من إنفاق وتوفير مصروف البيت، هذا ما حز في نفسها وجعلها تندم ألف مرة على ارتباطها به ، فهو بالنسبة لها رجل منافق ومخادع انتهج ذلك الأسلوب للفوز بها ليس إلا . قفص ذهبي أم سجن أبدي عادة ما تكون للفتاة قبل ارتباطها طموحات وأحلام ومشاريع مستقبلية تحلم بتجسيدها على أرض الواقع جنبا إلى جنب مع زوجها الذي يقف إلى جانبها، لكن ما إن تدخل القفص الذهبي أو بالأحرى إلى السجن الأبدي مثلما يصفه الكثيرون ، إلا وتتبدل كل افتراضاته وتصطدم مع واقع مر يفرض نفسه بقوة ويجردها بقوته من إرادتها لتصبح العبد المطيع الذي لا يجب عليه أن يخالف أوامر الآمر الناهي وهو الزوج ، بل لا يحق لها أحيانا التعبير عن أرائها ووجهة نظرها ، وأمثال هؤلاء كثيرات ممن يعشن في ظل الحقرة وتسلط الرجل ولا مجال هنا للحديث عن التقدم العصري الذي يعيشه العالم والمجتمع حاليا، لأن قوانين البيت غير قابلة للنقاش وأي خطأ تدفع ضريبته الزوجة لا محالة . نصيرة واحدة من اللواتي التقت بهن "الجزائرالجديدة " وحاولت التقرب منها لمعرفة وجهة نظرها في الموضوع، لتجيبنا بكل صراحة أنها انخدعت في زوجها الذي كان يبدو لها محرر ومتحضر، لكنه في البيت وبعد معاشرتها له اكتشفت أنه رجل متسلط يستبعد المرأة ولا يفكر إلا في حقوقه الزوجية دون الاكتراث لها ولمشاعرها، فكل ما يهمه هو توفير لها الأكل والشرب وكأنها حيوان ليس إلا ، وهذا ما يجعلها تشعر بخيبة أمل تضيف نصيرة وبحسرة شديدة على المعاملة القاسية التي يعاملها بها زوجها بعيدا عن عبارات الحب والمشاعر التي كان يتغنى بها قبل ارتباطهما. المرأة رومانسية والرجل الجزائري خشن الطباع يتعوّد الزوجان في فترة خطوبتهما وقبل فترة زواجهما على اهتمام كل طرف بالطرف الآخر فيستمع إليه ويهتم بانشغالاته واهتماماته ويلبي طلبات الآخر، مما يبعث في نفسه بالسعادة والطمأنينة والرضا عليه، لكن تتبدل الأمور رأسا على عقب بعد الزواج ، فالزوج عادة ما تغير أساليب تعبيره عن الحب لتصبح معه الكلمة الطيبة واللمسة الحنونة مجرد مشاعر تافهة تداركها الزمن ، وبالمقابل يظل الجنس اللطيف يعيش في زمن الأحلام والمشاعر ويحرص كل الحرص على بقاء ذلك الزمن الجميل وهنا تتصادم الاتجاهات وتشعر حينها الزوجة أنها أصبحت مجرد قطعة أثاث قديمة توضع على زاوية من زوايا البيت ،لا تصلح إلا لأشغال المنزل وواجباتها الزوجية . فتعيش في عالم المسلسلات التركية والقصص العاطفية بحثا عن الحب الحقيقي الذي افتقدته على أرض الواقع أمام الجنس الخشن ، فيضع كل اللوم على الزوجة التي تبدلت في نظره ، ولم تعد تلك البريئة التي تعرف إليها والتي لا يهمها شيء سوى راحته وسعادته ، لتتحول إلى امرأة مادية همها الوحيد ما يقدمه لها من ملموس ، هذا هو الانطباع الذي لمسناه من حديثنا إلى كلا من الزوجين" ب، س" و "ل ،م" اللذان التقت بهما "الجزائرالجديدة" وحاولت التقرب منهما لمعرفة وجهة نظرهما للعلاقات الزوجية قبل وبعد الارتباط ، مضيفة لنا السيدة"ب، س" أنها تتمنى لو أن أيام الخطوبة تعود لها لتستعيد المشاعر والعواطف التي تحن إليها كثيرا، فبالنسبة لها أن الرجل الذي ارتبطت به ليس هو الرجل الذي تعرفت عليه ، والذي بنت معه أحلامها وآمالها وطموحاتها لدرجة أن لهجته وأسلوب حديثه تبدل معها وأصبح رجل قاس لا يجيد المشاعر و لا يمنح العواطف أي اهتمام . .. ولضغوطات المجتمع أثره على العلاقة الزوجية لا تخلو الحياة الزوجية من المشاكل والاختلافات في ظل التغيرات الحاصلة في جميع الأصعدة ، فقد باتت العلاقة الزوجية تتأثر هي الأخرى بهذه التغيرات ، فكثير من الأزواج ما تصادفهم ضغوطات ومشاكل اجتماعية بعد ارتباطهم ويصعب عليهم مواجهتها، هذا ما يؤثر سلبا على علاقتهما الخاصة فهذه السيدة" ليندة ،35 سنة " متحصلة على ليسانس في الاقتصاد ، ارتبطت بزوجها بعد علاقة حب دامت طيلة سنوات الجامعة ، عاشا خلالها أجمل فترات العمر لتبدأ حياة أخرى بعد الزواج بعيدة كل البعد عن طموحاتها وأحلامها و مشاريعها ، فبسبب مشكلة السكن تعيش- محدثتنا - مع أهل زوجها وبسبب بعض العادات والتقاليد التي تربعت في مجتمعنا ، فهي لا تشعر بحرية مطلقة مع زوجها و لا تلتقي به إلا في غرفة نومها وكأنها غريبة عنه ، أما أحلام، 24 سنة، متزوجة حديثا تحدثنا عن مدى المعاناة التي تعيشها مع زوجها الذي فقد عمله مباشرة بعد زواجه ، وهنا وجد الزوج نفسه يواجه واقعا مفروضا عليه يختلف جديا على الصورة التي رسمها له في مخيلته ، وحينها لا تجدر كلمات الحب والغزل نفعا مع هذا الواقع المعاش فكما يقول المثل "عندما يدخل الفقر من الباب يخرج الحب من النافذة " وهذا ما يحدث مع بعض الأزواج الذين يصطدمون مع واقع مغاير عن أحلامهم وطموحاتهم . التفاهم والتسامح لحياة زوجية سعيدة لا تخلو أي حياة زوجية من اختلافات وجهات نظر وتناقضات بين الزوجين، لكن أساسا النجاح في كل علاقة هو التسامح والتفاهم وإبعاد الأنانية و العناد فجل من لا يخطئ ولا أحد منا معصوم من الخطأ ولا مكانة للمثالية في الحياة الدنيا ، فالكمال إلا لله تعالى ، ولكل شخص نقائص لا محالة، لكن المهم هو الرحمة والمودة التي أمرنا سبحانه وتعالى به، فيجب على كل طرف أن يتنازل بعض الشيء حتى تتوافق الاتجاهات والآراء ، ويصلا إلى نقطة توافق و ترضى الطرفين بعيدا عن الأنانية وحب الذات، حينها فقط تزول كل العقد وتهون المشاكل والاختلافات ويعيشا الزوجين حياة زوجية سعيدة ملؤها الحب والتفاهم .