يستعد المخرج جمال قرمي لتقديم عمله المسرحي الجديد " القائدة حليمة " ،يعتبر هذا العمل محاولة من المخرج استقراء ما يحدث في العالم من تغيرات ،وإسقاط ما يتخبط فيه الوطن العربي بالخصوص من أحداث في إطار ما يعرف بالربيع العربي على الخشبة؛ موضوع المسرحية وإن كان موضوعا اجتماعيا بحثا في ظاهره ممثلا في ظاهرة " الطمع " فإن قرمي هكذا أراد لمسرحيته أن تكون ،باعتبار أن أبا الفنون ليس فقط محاولة لتقديم الواقع بحذافيره ،وتمثيله أمام عدد محدود من المتفرجين كما هو ،بل هو أيضا محاولة ذكية من المخرج تقديم آرائه كفنان أولا ،وكإنسان ثانيا ،وكجزء لا يتجزأ من اللحمة العربية والإسلامية دائما ،اللعب على الخشبة بالموضوع الضمني الذي هو روح العمل ،في إطار موضوع آخر سطحي ،وهكذا فعلا هي مسرحية " القائدة حليمة "إذ تنفد الأحداث عبر حيز صغير ممثلا في عائلة جزائرية خالصة تريد أن تخطب لأبنها فتاة ذات مال وجاه في محاولة منها التقرب من عائلة أشيع عنها أنها ثرية لتجعل المصاهرة الوسيلة الأقرب لتحقيق أطماعها ،فتريد خطبة ابنة العائلة الثرية لابنهم وتعكس بذلك حال العائلة العربية مع العائلة الغربية التي لا تتقرب إلا لتأخذ ،ولا تأخذ إلا أغلى ما تمتلكه ،والغريب في الأمر أن أب الفتاة التقى بأب العريس ،وأخبره أنه سيعطيه الفتاة ويزده ما تزنه ذهبا ،وأراه صندوقا مغلقا موهما إياه أنه مملوء بالذهب ما جعل أبا العريس يستعجل في إحضار فرقة الزرنة ،والعائلة لأخذ العروس ؛فإن لم يجعل جمال قرمي للمسرحية مراسيم زواج ؛أو تحضيرات فكأنه يقول أن الدول الغربية ممثلة في عائلة العريس مسرحيا إذا ما وجدت مصالحها في بلد ،أو منطقة ما فإنها تسابق الزمن للحصول عليها دون تردد ،هكذا هي استقراءاته كفنان في ما يحيط به من أوضاع ،يقول جمال قرمي في حديثه " للجزائر الجديدة " إن الفنان طبعا ليس بمنأى عن التغيرات ،والتطورات الحاصلة حوله وهو يتأثر بكل ما يراه ويسمعه من أحداث خاصة ما تعلق الأمر باستقرار بلد ،أو أمان شعب فهو لا بد أن يتدخل ليبين ذلك فنيا ؛فأما أنا كمخرج مسرحي أريد أن أوضح درجة الطمع التي وصلت إليها الدول الغربية لدرجة أنها استطاعت أن تغير حكم بلدان كثيرة في الوطن العربي ،وأن تدخل الشعوب في حالة من التمرد غريبة ليصبح الحاكم العربي هو الطعم الذي استغله الغرب لتحقيق تلك الأهداف الخبيثة ،وهي الاستيلاء على خيرات البلاد العربية وثوراتها " ،لتأتي مسرحية " القائدة حليمة " توضح درجة الخبث والزيف الذي أصبح عليه الغرب وأهدافه الدنيئة ،وأطماعه في المنطقة العربية ،وهي استقراء للمخرج حول ما يسمى ب"الربيع العربي" ذلك واضح من خلال العنوان ف" القائدة حليمة " ما هي إلا أمريكا وحلف الناطو ومن تبعهم في قيادة العالم وفق ما يتماشى ومصالحهم في الواقع المعاش وهي أيضا الشخصية الرئيسية في العمل المسرحي لتقود العائلة ممثلة في" الأب" و"الأم" و"العريس" لخطوبة الفتاة التي تحقق حلم العائلة الأبدي وهو المال والسلطة ،تدور أحداث المسرحية داخل منزل العريس وأهله يحضرون للخطوبة ليظهر على الخشبة المنزل ،وقد زين ليس بديكور المنازل المعتاد بل بأنابيب تملأ كل زاوية من زواياه في إرادة منه توضيح الهدف الحقيقي للعائلة الصغيرة التي ما هي إلا الدول الغربية الطامعة في الذهب الأسود للدول العربية ،وذلك واضح من خلال الأنابيب التي جعلت ديكورا للخشبة وهي بطبيعة الحال أنابيب الغاز والبترول . المسرحية للسيناريست نور الذين بران ،من إنتاج التعاونية الثقافية والفنية " بور سعيد " ،بالتعاون مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام يقوم بدور العريس الممثل عبد القادر سليماني، ليعود دور القائدة حليمة للفنانة دلال كتي ،ودور أم العروس ستقوم بأدائه الممثلة ياسمينة عبد المؤمن ،ويعود دور أب العروس للفنان حمدان بواد ،وأب العريس للممثل حكيم قمرود بالإضافة إلى الممثل القدير محمد لعوادي . وللتذكير فإن فريق عمل مسرحية " القائدة حليمة " سينشط غدا الاثنين ندوة صحفية بقاعة الموقار ،ويكون تقديم العرض الشرفي لها يوم الخميس المقبل على الساعة السادسة مساءا .