كشف وزير التربية الوطنية، عبد الحكيم بلعابد، اليوم الإثنين، أن قطاعه يتجه نحو "إعادة النظر" في كيفيات توجيه التلاميذ نحو شعبتي الرياضيات وتقني رياضي، في إطار مسعى ترقية مادة الرياضيات والرفع من مستوى التلاميذ فيها. وأوضح بلعابد بمناسبة اليوم العالمي للرياضيات، أن قطاعه "يتجه نحو إعادة النظر في كيفيات توجيه التلاميذ نحو شعبتي الرياضيات وتقني رياضي وكذا إعطاء الأولوية في توجيه حاملي شهادة البكالوريا في هاتين الشعبتين في التخصصات الجامعية، مما يعزز التوجه والاختيار الإرادي للتلاميذ في التعليم الثانوي إزاء الشعبتين". وكشف في احتفالية احتضنتها ثانوية الرياضيات بالقبة (العاصمة) تحت شعار "الرياضيات توحدنا"، بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عبد الباقي بن زيان، عن جملة من التدابير منها إنشاء اللجنة الوطنية للأولمبياد على مستوى المعهد الوطني للبحث في التربية في كل التخصصات لا سيما في الرياضيات. كما أكد الوزير أن قطاعه "يولي اهتماما لذوي المواهب المتميزة والمتفوقين من ذوي الاحتياجات الخاصة والسماح لهم بالالتحاق بالثانوية المتخصصة والأقسام المتخصصة في السنة الأولى ثانوي في هذه المؤسسة التي تضمن تعليما ثانويا عاما وتكنولوجيا خاصا"، كاشفا عن مسعى إنشاء ثانويات جديدة متخصصة في الرياضيات بهدف تشكيل أقطاب امتياز متجانسة مع تواجد المدارس العليا في مختلف الولايات. وفما يخص الجانب التأطيري، تعمل الوصاية –حسب بلعابد– على إعداد الآليات الكفيلة بتوسيع التكوين للأساتذة المتخصصين في الرياضيات في المدارس العليا للأساتذة والنظر في محتوى التكوين مع إعطاء العناية اللازمة لفتح تخصصات في الإعلام الآلي على مستوى المدارس العليا. وبهدف ترقية تعليم الرياضيات في مختلف الأطوار التعليمية وتشجيع الالتحاق بشعبتي الرياضيات والتقني الرياضي، أوضح أن القطاع يخصص لمادة الرياضيات لجميع المستويات، حجما ساعيا مناسبا بتأطير بيداغوجي يقدر هذه السنة الدراسية ب168.692 أستاذا في الابتدائي و28.112 أستاذ في المتوسط و13.362 أستاذا في مرحلة التعليم الثانوي. كما أكد أن الجهود المبذولة في هذا المجال "أعطت أكلها" من خلال تسجيل "تحسن ملحوظ" في نتائج المتعلمين في هذه المادة بالموازاة مع ارتفاع عدد التلاميذ الملتحقين بشعبة الرياضيات وشعبة التقني رياضي، مصحوبا ب"تحسن مستمر" في نسبة النجاح لمترشحي هاتين الشعبتين في امتحان شهادة البكالوريا، مستدلا في هذا الشأن بتصدر شعبة الرياضيات نتائج امتحان البكالوريا دورة 2021. وتجسيدا لبرنامج عمل الحكومة المستوحى من برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قال الوزير: "نحن مطالبون بترقية التعليم العلمي والتكنولوجي وإيلائه العناية اللازمة، كونه لا يتوقف عند إيصال معارف ومهارات محددة في مواد علمية وتقنية فحسب، بل يتعداها إلى إكساب الكفاءات التي تسمح بإيجاد الاستعمالات المشرعة للمعارف العلمية في حياة التلاميذ المدرسية والاجتماعية والمهنية". وكشف بالمناسبة عن تنظيم منتدى خلال شهر يوليو القادم، لتدارس واقع تعليم الرياضيات والثقافة الرياضية على أن تحظى مخرجات هذا اللقاء بالعناية "اللازمة لإعطاء دفع آخر لتعليم الرياضيات في الجزائر". أما وزير التعليم العالي، فقد اعتبر بأن الجزائر "تنضم اليوم إلى قائمة البلدان التي تعلن أن الرياضيات هي بالفعل في أزمة كظاهرة عالمية"، مشيرا إلى أن التحدي الذي تبرزه هذه الظاهرة هو نوعية التخصصات التي تتيحها الرياضيات في المؤسسات الجامعية الوطنية والتي وإن بلغ عددها 54 تخصصا إلا أن 50 بالمائة منها عبارة عن تخصصات كلاسيكية و40 بالمائة تطبيقية في الوقت الذي نجد فيه نسبة 10 بالمائة فقط المتبقية هي تخصصات حديثة على غرار الترميز والرياضيات المالية. كما قدم أرقاما "قد تكون مبعث أمل في مجابهة التصحر الذي يزحف على هذا الميدان العلمي الحيوي"، –وفق كلامه– بما في ذلك وجود أكثر من 4500 باحث موزعين على 65 مخبر بحث في الرياضيات علما بان 50 بالمائة من هؤلاء هم طلبة دكتوراه. ومن حيث الإنتاج، ساهمت الجزائر خلال العشر سنوات الأخيرة –يقول بن زيان– ب"نحو 5000 إنتاج علمي سمح لها باحتلال المرتبة ال40 عالميا وبالتموقع ضمن أفضل ثلاث دول إفريقية في هذا المجال، علما بأن هذه الكمية من الإنتاج العلمي في الرياضيات تمثل 16 بالمائة من الإنتاج العلمي الجزائري كاملا". وبهدف تدارك الوضعية التي تعرفها الجزائر اليوم في مجال تدريس الرياضيات، دعا إلى اعتماد "استراتيجية متعددة المراحل والأبعاد" من أجل إعادة الرياضيات إلى مكانتها… من خلال "مراجعة كيفيات التوجيه" إلى ميدان الرياضيات لحاملي البكالوريا عموما، وفي شعبة الرياضيات خصوصا إلى جانب تعزيز الصرح المؤسساتي الجامعي. وقال في هذا الصدد بأن قطاعه وقطاع التربية الوطنية "سيعملان على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي من خلال تكوين مناسب للمكونين وترقية الرياضيات والوصول إلى تحقيق الأهداف المسطرة في مجال تربية النشء منذ الصغر على حب الرياضيات من خلال تحيين البرامج التعليمية وطرق تعليم الرياضيات وتطوير شراكة ثنائية في مجال البحث في الرياضيات، لإعطائه المكانة المرموقة التي يستحقها".