كشفت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، أن خزان التيار الإسلامي في تراجع مقارنة بالتيار الوطني، الذي حقق نتائج لافتة، إذا ما سلمنا بصدقية النتائج المعلن عنها. ولم تحصل الأحزاب الإسلامية مجتمعة، وهي "تكتل الجزائر الخضراء"، الذي يضم كلا من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، وكذا جبهة العدالة والتنمية، التي يرأسها عبد الله جاب الله، وجبهة التغيير، التي يقودها عبد المجيد مناصرة، المنشق عن حركة مجتمع السلم، لم تحصل سوى على 59 مقعدا. وبغض النظر عن الانتقادات الموجهة للعملية الانتخابية، يمكن القول، إن التيار الإسلامي يسير على طريق التراجع، في واحدة من أكبر المفاجآت، لأن الرأي العام الجزائري والدولي، كانا يراهنان على تصدر التيار الإسلامي لانتخابات العاشر ماي، بناء على المعطيات الإقليمية، أو ما يعرف بالربيع العربي، الذي قطع دابر الكثير من الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة العربية، وفي مقدمتها النظام في مصر و في تونس وليبيا واليمين، في انتظار سوريا. ويرجع المتتبعون استثناء الجزائر من موجة الربيع الانتخابي، الذي وصل حتى إلى ضفاف المحيط الأطلسي بفوز حزب العدالة والتنمية في المغرب بالأغلبية في البرلمان وتشكيله لحكومة إسلامية لأول مرة منذ إنشاء مملكة المخزن، إلى تورط الإسلاميين في الجزائر في الحكم، منذ منتصف التسعينيات، وهو التوجه الذي مثلته حركة مجتمع السلم في عهد الراحل محفوظ نحناح، عكس الإسلاميين في الدول العربية التي وصلوا فيها غلى السلطة، مثل مصر وتونس والمغرب. أما حركة النهضة التي حاولت البقاء بعيدا عن نار السلطة، بعد أن تورطت في العام 1999 بمشاركتها في الحكومة، لم تتمكن من التخلص من هذه المعضلة، فمسؤولين قياديين بالحركة لا زالوا يتنعمون في مناصب الدولة، مثل الحبيب آدمي الذي يشغل منصب ممثل دائم للجامعة العربية في عاصمة الاتحاد الأوربي، وعبد الوهاب دربال، سفير للجزائر في المملكة العربية السعودية، فضلا عن محمد علي بوغازي، الذي يشغل منصب مستشار لدى رئيس الجمهورية. والأخطر من كل ذلك أن هناك وزراء لأحزاب إسلامية في حكومات سابقة ثبت تورطها في قضايا فساد، ومن شأن فضائح مثل هذه أن تلقي بظلالها على مصير أحزاب كان ينظر إليها المواطن في وقت سابق، على ن رجالاتها في مصاف الملائكة، على الأقل فيما تعلق بالمال العمومي