في ظل نمو الإنفاق الاجتماعي في الجزائر وتراجع إنتاج النفط وانخفاض سعر الغاز الطبيعي مصدر الإيرادات الرئيسي انضمت البلاد في هدوء إلى صقور الأسعار في أوبك إيران وفنزويلا. ومن المتوقع ألا تغير منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مستوى الإنتاج الرسمي في الاجتماع الذي تعقده غدا الأربعاء لكن إذا دعا أحد لخفض الإنتاج لدعم الأسعار فمن المرجح أن تكون الجزائر. وحين اختلفت الدول الأعضاء في أوبك بشأن سياسة الإنتاج العام الماضي قاد وزير الطاقة يوسف يوسفي الجبهة المعارضة للاقتراح السعودي بزيادة الإنتاج. وقال عبد الرحمن مبتول المستشار السابق بوزارة الطاقة "ليس أمام الجزائر خيار سوى الدفاع عن سياسة تدعم الأسعار المرتفعة داخل أوبك." وتابع "زادت المصروفات بشدة في السنوات القليلة الماضية ولنتذكر أن الجزائر بلد منتج للغاز وليس بلدا نفطيا. وسعر الغاز ينخفض ولا يرتفع." وتطور هذا الموقف المؤيد للأسعار المرتفعة مع فشل محاولات لتنويع الاقتصاد الجزائري بعيدا عن النفط والغاز ومع زيادة الإنفاق الاجتماعي للحيلولة دون امتداد ثورات الربيع العربي إلى البلاد. وقال مسؤول كبير سابق في الحكومة الجزائرية "بسبب ما حدث في المنطقة لا بد من تلبية المطالب الاجتماعية بالحصول على السكن والرعاية الصحية... لذلك تحتاج الجزائر قطعا لإيرادات أكثر. كل عام سيحتاجون المزيد والمزيد." وبالرغم من أن كل الدول الأعضاء في أوبك تريد إلى حد ما أسعارا مرتفعة للنفط الذي بلغ الآن 108 دولارات للبرميل إلا أن نسبة اعتماد الجزائر على النفط من أعلى النسب. فالنفط والغاز يشكلان نحو 97 بالمئة من صادراتها. وتضخ الجزائر 1.2 مليون برميل يوميا فقط من إجمالي إنتاج أوبك البالغ 31 مليون برميل يوميا. وتحتاج الجزائر إلى 121 دولارا لبرميل النفط لتتعادل مصروفاتها مع إيراداتها وفقا لتقدير صندوق النقد الدولي في نوفمبر. وهي بذلك في المرتبة الثانية بعد إيران التي تحتاج 134 دولارا للبرميل. ويقدر صندوق النقد الدولي السعر الذي تحتاجه السعودية أكبر منتج في المنظمة لتحقيق التعادل في الميزانية بأقل من 80 دولارا. ووزير الطاقة ليس غريبا على السياسة داخل أوبك. ففي فترة سابقة كان فيها وزيرا للطاقة أيضا عام 1999 كان يوسفي الجندي المجهول في عملية إنقاذ سوق النفط التي قامت بها أوبك حيث عمل وراء الكواليس لتنسيق تخفيضات في الإمدادات انتشلت سعر النفط من مستويات منخفضة للغاية. وينأى يوسفي بنفسه عن وسائل الإعلام خلافا لسلفه شكيب خليل الذي حل يوسفي محله عام 2010. وقال المسؤول السابق في الحكومة إن تباين أسلوب الوزيرين ربما جعل البعض يبالغ في تقدير ميل الجزائر إلى الأسعار المرتفعة. وتواجه صناعة النفط والغاز الجزائرية عددا من التحديات. فنظرا لأن الجزائر مصدر كبير للغاز فهي تحتاج أسعارا قوية للنفط لأن عقودها للغاز مرتبطة بالنفط. وتتعرض أسعار الغاز لضغوط في بعض الأسواق بسبب ارتفاع المعروض وبطء النمو الاقتصادي. ولم تتمكن الجزائر من وقف التراجع البطيء في إنتاج النفط الذي بدأ عام 2007 من ذروة بلغت 1.37 مليون برميل يوميا. وبلغ الإنتاج في حقلين رئيسيين هما حاسي الرمل للغاز وحاسي مسعود للنفط أقصى ما يمكن ولم يتم إطلاق مشروعات تنقيب كبيرة لأن الشركات الأجنبية التي تشكو من الشروط المالية الصعبة تحجم عن المشاركة في جولات التراخيص. وتأمل الجزائر في معالجة الوضع من خلال ربط الضرائب على شركات الطاقة الأجنبية بأرباحها بدلا من مبيعاتها وفقا لما أظهرته مسودة تعديلات لقانون النفط والغاز. ومما زاد الطين بلة أن خام النفط الجزائري مزيج صحارى فقد جزءا من علاوته السعرية لأن الولاياتالمتحدة وهي مشتر رئيسي خفضت وارداتها بسبب زيادة إنتاجها المحلي من النفط الصخري. وهبط مزيج صحارى ليسجل خصما قدره 3.30 دولار للبرميل عن سعر خام برنت في يونيو حزيران وهو أدنى مستوى للخام الجزائري منذ 2003 على الأقل. لكنه تعافى بعد ذلك ليسجل علاوة سعرية قدرها 60 سنتا تقريبا. وقال أرسلان شيخاوي وهو محلل اقتصادي يدير شركة استشارات "بما أن هذا مصدر إيراداتنا الرئيسي والجزائر تحتاج لمواصلة الاستثمار في مشروعات التنمية فإن ذلك يشكل ضغوطا للمطالبة بأسعار أعلى."