يميل الكثير من الجزائريين و الجزائريات و خاصة فئة الشباب منهم، إلى الإطلاع على الأبراج و ما تحمله لهم بصفة يومية لدوافع عديدة، و حتى بالنسبة لمن لا يؤمنون بصحتها و يشككون في مصداقيتها ، و لم يكف انتشار فتاوى تحريم قراءتها قطعيا لدى العام و الخاص ، و بالرغم من كل هذا تجد الكثيرين يميلون إلى قراءة الأبراج بحثا عن بصيص أمل في بضع سطور. محمد بن حاحة الأبراج تغزو وسائل الإعلام بقوة ما من وسيلة من وسائل الإعلام أو الاتصال التي لها جماهيرها العريضة ، إلا و تنشر الأبراج أو تتحدث عنها، فما من جريدة إلا و تخصص للأبراج صفحة خاصة و تزيد مساحتها في المجلات و الصحف الصفراء عن الصفحة الواحدة ، و حتى الإذاعات و القنوات التلفزيونية إلا و تخصص لها برامج خاصة قد تستمر لساعات، و هذا ما أدى إلى بروز ظاهرة جديدة ، و هي قنوات الأبراج التي تقدم على مدار اليوم أخصائيين في التنجيم، يقوم المشاهدون باستشارتهم عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني، وحتى مواقع الاتصال الاجتماعي ك "الفايسبوك" ، حيث يرمي هؤلاء إلى جلب الشباب أكثر إلى الاهتمام بالأبراج ، حتى أن بعض الوكالات أصبحت تخصص أرقاما خاصة و شفرات لتلقي البرج الشخصي على الهاتف النقال. تذرّع بدوافع متعددة يتذرع قراء الأبراج بدوافع متعددة يرونها سببا كافيا يسمح لهم بالإطلاع على مقالات هؤلاء المنجمين، الذين يحسنون تلخيص أدق تفاصيل مستقبل حياة القارئ وفقا للأبراج ، حيث يجد كل شخص تنبؤاته الخاصة به في كل شأن من شؤون حياته الصحية و العلمية و العملية و المادية و حتى العاطفية، فإن كانت خيرا يبشر القارئ . و من أجل التعرف أكثر على دوافع الجزائريين المهتمين بقراءة هذه التوقعات و التنبؤات المستقبلية، استفسرت "الجزائرالجديدة" في جولة لها ببعض شوارع العاصمة بعض المواطنين عن الأسباب التي تقف وراء اهتمامهم بقراءة الأبراج. الأبراج.. ترويح عن النفس "محمد"، 26 سنة، طالب، يقول " أنا لم أكن أهتم بالأبراج و لا أصدقها، إلى أن بعثت لي إحدى الصديقات بأحد مواقع التواصل الإجتماعي برجي الأسبوعي فقرأته ووجدته مطابقا لما كنت أنتظره و أتمناه في ذلك الأسبوع، فأخذت أغير رأيي فيها و أقرأها كلما بعثت لي، فصرت شغوفا بقراءتها يوميا". و أما "مليكة" فتقول "كلما يراني زملائي بالعمل أقرأ صفحة الأبراج بالجرائد، تبدو الدهشة على وجوههم ، وهم يقولون لي كيف يمكنك قراءتها؟ و لما تؤمنين بها؟ فهذه أباطيل و مجرّد أكاذيب، فأخبرهم أنني لا أؤمن بها و لا أكذبها، و ما أقرؤها إلا للترويح عن نفسي، إلا أنني أهوى قراءتها و أتفاءل بما أجده فيها من تنبؤات سعيدة، و أهتم بالنصائح التي تقدم معها". و تضيف "زكية"، ماكثة بالبيت،" أنا أقرؤها بانتظام و أثق فيمن يكتبونها بالصحف و المجلات أو يقدمونها في الإذاعات و شاشات التلفزيون ، فهو علم دقيق كغيره من العلوم ، له قواعده و مناهجه و يعتمد على إتباع الكواكب و النجوم، و هذا ما يدفعني لإتباعه و الثقة به، و لا أستمع لكلام العوام الذين لا يفهمون ما هو علمي و يرددونه دون حجج ". بينما يقول "مروان"، 29 سنة، "أن الأبراج مجرّد خرافات تبعد الإنسان عن دينه و تقتل في قلبه شعور الثقة بربه ، كما تدخله في الشرك و العياذ بالله، فهؤلاء المنجمون يدّعون الإطلاع على المستقبل، وهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه و تعالى". ويضيف "حمزة" قائلا " لا أحب قراءة الأبراج، فبغض النظر عن إجماع الفتاوى السالفة و العصرية على كذب المنجمين وتحريم قراءتها و لو لمجرّد التسلية، فإنني لا أحبها ، فأنا أفضل المغامرة و المفاجأة في حياتي ، فلا شيء أفضل من أن تعيش حياتك و تستقبل كل أمر جديد فجأة ، فهذا هو سر السعادة في الحياة". رأي الدين : يبقى رأي الدين الإسلامي صريحا في علم الأبراج محصورا في القاعدة : " كذب المنجّمون ولو صدقوا"، و قد أخبر الرسول صلى الله عليه و سلّم أن المنجمين يستعينون بأوليائهم من شياطين الجن الذين ربما استرقوا السمع .فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها و أرضاها أن أُناساً سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليسوا بشيء . قالوا : يا رسول الله فإنهم يحدِّثون أحيانا بالشيء يكون حقا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرّها في أذن وليه قرّ الدجاجة ، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة . وإذا كان الحال كذلك فلا يجوز سؤال أمثال هؤلاء ولا تصديقهم لأنهم يخلطون الحق بالباطل ، والصدق بالكذب .