يلجأ المراهقون إلى أي وسيلة بغية إيهام الغير أنهم أضحوا أكبر سنًّا، لا فرق لديهم بين الوسيلة الصحية أو النافعة و الوسيلة الخاطئة أو الضارة، فبالنسبة لهم الغاية تبرر الوسيلة، و من بين هذه الوسائل، التدخين . محمد بن حاحة في حين يدخن أغلب الناس من أجل المتعة أو بسبب المشاكل و الضغوط، يرتبط المراهقون بهذه العادة السيئة لأسباب مغايرة للأولى تماما ، بل يمثل التدخين بالنسبة لهم رحلة للبحث عن التميز و خلق شخصية فريدة من نوعها تخرج عن المألوف، شخصية رجل قوي ذو هيبة و وقار، كفيلين بجلب احترام الغير لصاحبهما، غير أنه وبعد تناولهم السيجارة تلو الأخرى، تزداد حاجتهم إلى النيكوتين، هذا بغض النظر عن عدد السجائر الذي ألفوا تناوله ، و الذي يزيد ويرتفع كلما بقيت ، إلى أن يصبحوا مدمنين على التدخين. من أجل القيام بهذا الموضوع، استفسرت "الجزائرالجديدة" بعض المواطنين حول أسباب و دوافع تدخين المراهقين، و عن الحلول التي يمكن اقتراحها لهم للإقلاع عن هذه العادة المميتة، و التي تعلقوا بها في ربيع شبابهم. لم يجد المراهقون الذين استفسرتهم "الجزائرالجديدة" سوى ترديد نفس الكلام، الذي يختفون وراءه بعد صمت طويل، إذ أن معظمهم لم يتوقف عن قول "أنا كبير أفعل ما أريد" ، وكأن التدخين بالنسبة لهم ، مظهر من مظاهر الرجولة و الشهامة، و بعضهم الآخر يرى أن " المشاكل كثيرة في البيت، في المدرسة، في الشارع.."، ظنا منهم أن التدخين متنفس من جميع المشاكل و الصعاب . تقليد أعمى للكبار غالبا ما يكون المسؤول عن هذه الظاهرة من أقرب الأقارب، أي الوالدين، فعلى الآباء أن يبحثوا عن الأسباب الخفية وراء تدخين ابنهم، فمعظمهم يظن أن الرفقة السيئة التي اختلطوا بها في الشارع ، هي السبب وراء ذلك، في حين أن السبب الرئيسي يكمن داخل المنزل، فمن الملاحظ أن أغلب المراهقين المدخّنين لهم قريب يمارس نفس العادة ، و غالبا ما يكون الأب، و الذي يمثل القدوة الأولى لطفله، ثم إن الأب المدخن لا يمكن أن ينصح ابنه بترك التدخين و تنبيهه بأنه مضر بالصحة وبيده سيجارة، وإذا كان الأطفال الصغار يقلّدون والدهم في صنيعه هذا، لما يكون بحوزتهم شيء شبيه بالسيجارة ، فيجعلونه بفمهم و يمسكونه بين أصابعهم و كأنه سيجارة، فما بال المراهق الذي اقتنع بأنه قد نضج و كبر . الرفقة السيئة والإعلام يرسمان طريق الانحراف ومن المنافذ التي يلجأ إليها الطفل أو المراهق للخروج عن مألوف الأسرة المتسلط و المضيق عنه في بعض الأحيان، الرفاق، و كثيرا ما يتأثر المراهق بأصدقائه في أفعالهم، خاصة إن كانوا يتمتّعون باستقلالية في أفعالهم ، فيقلّدهم فيها جميعا، بغض النظر عن تمحيص حسنها من سيئها، ظنا منه أنه بفعله لذلك سينال تلك الحرية و الاستقلالية الذاتية، وخاصة التدخين . و تلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا في انتشار هذه الظاهرة، وذلك عن طريق بعض الدعايات المستهدفة للمراهقين، و التي تسعى لترغيبهم في التدخين بالعزف على وتر تفهم مشاكل المراهقة وهموم المراهقين، مصوّرين مظهر شاب رياضي وسيم يدخن بفرح و سرور عظيمين . و للفراغ الذي يحس به المراهق في حياته على الدوام نسبة كبيرة في اتجاهه نحو التدخين، ولهذا على أولياء الطفل تسجيله لممارسة نشاطات رياضية أو ثقافية ليشغل بها وقته، وإلا فسيكون مصيره الهلاك بعادة الموت البطيء تلك .