توظف رواية "كابوس الأرض اليباب"، لصاحبها رياض مساورة، والصادرة حديثا عن دار راية للنشر في حيفا، الأدب العالمي لإثراء النص الذي يعبر عن خيبة الأمل والوجع الذي تثيرهما الأحداث الراهنة والقاسية في فلسطين والعالم العربي دمشق وحلب والرمادي وبغداد وصنعاء وطرابلس وغيرها. أصبحت الرواية العربية على ما يبدو النوع الأدبي المهيمن على المشهد الأدبي العربي في المرحلة الراهنة، كما أنها تشكل عباءة تغطي الواقع العربي، ما تشرع بتقليب صفحاتها، وتتبع مجريات أحداثها وإذا بالواقع ينكشف ويتجلى لك بين سطور الحكاية، وتصبح الرواية تسير بموازاة مع الواقع بزمكانيته وبكل تعقيداته ومعضلاته. ولكن حين لا تكتفي الرواية بالهروب من الواقع وعدم مواجهته بشكل مباشر وتوثيقة بل تواجهه بصورة روائية متقنه وعميقة مستخدمة آليات وأدوات ومضامين متميزة، وتسأل الأسئلة الأساسية، وتبحث عن الأجوبة المحتملة وتستند إلى رؤية فلسفية، وتراكم رصيد معرفي وثقافي عظيم، عندها ترتقي الرواية لتصبح ذات استقلالية، لها هويتها الخاصة، وتفرض حضورها، وهذا ما فعلته رواية الكاتب المسرحي رياض مصاروة "كابوس الأرض اليباب". يمكن الاختلاف أو الاتفاق مع الكاتب حول مواقف معينه تتخذها شخصيات الرواية من قضايا ومعتقدات جوهرية، ولكن لا يمكن الاختلاف حول جدية الرواية وعمقها وجماليتها وتنوع أساليبها وإبداع مؤلفها. الرواية تثير وتعالج الكثير من الموضوعات التي تتقاطع مع الواقع الاجتماعي والسياسي والوجودي كقضايا الوطن والحرية والأسطورة والخرافة والسلطة والفقر والخوف والموت والنذالة والاستبداد وإساءة فهم الدين واستغلاله، والإعلام ودور المثقفين في الحيز العام والولادة والموت والإرادة، والكفر والإيمان والقوة والضعف والواقع والخيال، وصوت الرصاص ورائحة البارود والميتولوجيا، كما أنها تتعاطى مع قضية الأخلاق ومعنى الحياة والمسؤولية والعمل على تغيير الواقع بعمق وتمهّل. كما أن خبرة الكاتب في مجال الكتابة والعمل المسرحي تظهر بشكل جلي وواضح على مدار أحداث الرواية. الرواية تمقت الهزيمة وتنحاز إلى جانب المقهورين وإلى الجمهور الذي يتوق إلى الحرية والكرامة والعدل وإسماع الصوت والاحتجاج على الظلم، وتهز القارئ وتدعوه إلى فحص قناعاته من جديد، عارضة أمامه أسئلة شجاعة بأسلوب جذاب.