كرمت الطبعة الخامسة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي التي افتتحت فعالياتها مساء أول أمس الخميس وجوها سينمائية وتلفزيونية وإعلامية آن لها أن تكرّم نظير الجهد الذي بذلته في مجال السينما والمسرح. يتقدم هؤلاء المجاهد المخرج رياض سليم صاحب »تشريح مؤامرة« و»سنعود« الذي انتجه تكريما لأم القضايا فلسطين، ولم يغفل المهرجان مبدعة المسرح التونسية فاطمة بن سعيدان التي تستحق بجدارة الفنانة المبدعة أن تكون ضمن لجنة تحكيم الأفلام. فنانة الشاشة الجزائرية فريدة صابونجي إعتلت بدورها المنصة فكُرّمت وتم تكريم نور الدين عدناني. 1. نور الدين عدناني فنان الأفلام الوثائقية نور الدين عدناني، وجه إعلامي بارز على الساحة الوطنية، وواحد من هؤلاء الذين نجحوا في تقديم الفيلم الوثائقي. وأتى تكريمه في الطبعة الخامسة للمهرجان الدولي للفيلم العربي كما سبق أن أشارت إليه محافظة المهرجان ربيعة موساوي باعتباره إبن التلفزة، إهتم بها كثيرا، فانجز أفلاما وثائقية كانت في غالب الأحيان تكريما للثورة الجزائرية الكبرى، وقد أنجز أعمالا في إطار »تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية« مما أثرى رصيده في مجال الفيلم الوثائقي. وبالاضافة الى تخصصه في المجال الذي يحبه ويريد العمل فيه فقد شغل نور الدين عدناني عدة مناصب ومسؤوليات في المشهد الاعلامي بوهران حيث يعرفه الجمهور جيدا بأعماله التي تكشف كثيرا من الحقائق في قالب جاد، يجيد تصوير الأشياء وقولها أيضا بطريقة ذكية فيها الكثير من المهنية النابعة من مهنية وحرص نور الدين عدنان على تقديم إنتاج ممتاز يذكره به الجمهور. هذا المبدع الذي أحب الإنتاج السينمائي ورغم تقاعده إلا أن تفكيره في الإضافة لرصيده ورصيد الإنتاج الجزائري لم يتقاعد. 2. فريدة صابونجي ممثلة من حديد وإنسانة تتدفق حنانا فريدة صابونجي، أشهر من نار على علم في التلفزيون الجزائري، من المتفرجين على أعمالها من يتأقلم مع القصة فيكره، أو يغضب أو ينتقد فريدة صابونجي لأن أدوارها فعلا مخيفة، فهي الشريرة، المتعجرفة، المتكبرة، الساخطة، المتسلطة لكن ينتهي الدور وتعود سيدة الشاشة الجزائرية إلى طبيعتها، الإنسانة الهادئة، المثقفة، المتفهمة، الدالة على الخير وفاعلته، الأم الحنون الودود. من يذكر فريدة صابونجي، يذكر حتما »خذ ما عطاك اللّه« مع رمز الفكاهة وردية وأعمال تلفزيونية أخرى كثيرة مثل مسلسل المصير. تكريم أمس كان تاجا يضاف للتيجان التي رصّعت الفنانة الجزائرية وربعتها على عرض الإنتاج الجزائري. هذه الفنانة التي تجاوزت الستين ومضت أكثر من نصف عمرها تتقمص هذه الشخصية وتلك تم تكريمها عدة مرات في المسرح أيضا عرفانا بمجهود سنوات العمر ولقاء أدوار كثيرة اجتهدت في أدائها مع مجموعة من الوجوه الفنية التي صنعت الصورة والصوت ودخلت كل البيوت الجزائرية لتصنع الفرجة، فكانت السيدة فريدة صابونجي بحق مهنية، مسؤولة وطيّبة أيضا. 3. سليم رياض المجاهد المخرج لم ينس مهرجان وهران للفيلم يكرم وجه جزائري من المخرجين المنتمين إلى الرعيل الأول من صناع السينما في الجزائر، رصيده، الفيلم الشهير »حسان طاكسي« »ريح الجنوب« »المفتش الطاهر«، »الطريق« »موت الليل الطويل« و»تشريح مؤامرة« إنه المخرج المجاهد بامتياز سليم رياض الذي انتج في 1972 فيلمه الجميل »سنعود« مناصرة لأم القضايا العربية، القضية الفلسطينية. وعن هذا الفيلم الأخير يقول رياض أنه ذهب الى فلسطين والأردن، وسوريا من أجل إتمام العمل واتصل بجورج حبش وقد حنى كثيرا إلى سنوات السبعينات حيث كانت ظروف العمل والإنتاج أحسن بكثير ساعدت على الاجتهاد وتفتق المواهب التي صقلها المحترفون. ودائما تنبع في أفلام هذا المخرج الثوري روح الوطنية، وهو من أشد المعارضين للجوء إلى فرنسا من أجل العمل والإنتاج إذ يؤكد دوما أن من حاربهم أمس ببندقيته من المستحيل أن يتوجه إليهم اليوم ليسحت أموالا منها لإنجاز عمل ما. ويظهر هذا التوجه في »تشريح مؤامرة« حيث واجه فرنسا بحقيقتها المرة المتسلطة. وقد أثنى على مخرجين شباب قال أنهم يتمتعون بالموهبة ويتحلون بالشجاعة. 4. فاطمة بن سعيدان عمود الركح التونسي إلتفاتة جميلة تلك التي قدمتها الطبعة الخامسة للمهرجان بتكريم الممثلة التونسية المتألقة دوما على ركح المسرح التونسي فاطمة بن سعيدان، هذه الفنانة التي جمعت بين السينما والمسرح مع مالها من ميل واضح للعب أدوار المسرح، حيث تفجر فيه كل طاقاتها وتخرج عن طبيعتها العادية لتلبس الدور كله وتعيش في جلبابه مدة العرض، فيصفق الجمهور طويلا. من أهم أفلامها »عرب«، »عصفور السطح« »يا سلطان المدينة« »صيف حلق الوادي«، »مجنون ليلى« »آخر فيلم« »التلفزة جاية« و»بنت كلثوم«. ومن أهم أعمالها المسرحية أيضا »بحي يعيش« التي تحدثت عن الثورة قبل أن تحدث، والمعروف عن فاطمة بن سعيدان أنها تعشق المسرح بطريقة جنونية فتعطي كل ما لديها في شكل شخصية تتقمصها، فهي تؤدي بصدق وتفان لدرجة يصعب التمييز بينها كشخصية وكممثلة إذ تفجّر كل ما لديها من طاقة حتى صارت واحدة من أعمدة المسرح التونسي. وفي حوار سابق لها مع إحدى الصحف التونسية أكدت بن سعيدان أن الصدق مع الشخصية المتقمصة هو الذي يخرجها في أجمل صورة ويحبها الجمهور المتتبع، وأضافت أيضا أنها غالبا ما تلجأ إلى الارتجال بدلا من حفظ النص بطريقة تقليدية وتقديمه كقالب جاهز، ومن هنا ينبع تفاعل الجمهور مع الدور المؤدي.