عطاف يستقبل المبعوث الخاص للرئيس الصومالي    وزارة الداخلية: انطلاق التسجيلات الخاصة بالاستفادة من الإعانة المالية التضامنية لشهر رمضان    توقرت: 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الجامعة العربية: الفيتو الأمريكي بمثابة ضوء أخضر للكيان الصهيوني للاستمرار في عدوانه على قطاع غزة    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    اكتشاف الجزائر العاصمة في فصل الشتاء, وجهة لا يمكن تفويتها    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الأسبوع الاوروبي للهيدروجين ببروكسل: سوناطراك تبحث فرص الشراكة الجزائرية-الألمانية    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بغرداية : دور الجامعة في تطوير التنمية الإقتصادية    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    عرقاب يستعرض المحاور الاستراتيجية للقطاع    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    هتافات باسم القذافي!    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    سيفي غريب يستلم مهامه كوزير للصناعة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بني شقران
تحولات في القمم
نشر في الجمهورية يوم 29 - 01 - 2012

غالب ما تقسم ولاية معسكر إلى أربع مناطق متمايزة تضاريسيا وأكبرها مساحة منطقة جبال بني شقران، التي هي عبارة عن مرتفعات جبلية تشكل جزء من سلسلة جبال الأطلس التلي، وتقع بين سهول هبرة وسيڤ شمالا وهضاب غريس وتغنيف جنوبا وتتربع على مساحة إجمالية تقدر ب 1618 كلم2 أي م ا يعادل نسبة 32 بالمائة من المساحة الإجمالية لولاية معسكر المقدرة ب 5135 كلم2 مقابل 27 بالمائة لهضاب غريس وتغنيف 25 بالماءة هبرة وسيڤ و16 بالمائة لمرتفعات سعيدة.
وتتوزع مرتفعات بني شقران على 18 بلدية، من أصل 47 تشتمل عليها ولاية معسكر، مقابل 12 بلدية بهضاب غريس وتيغنيف و10 بلديات بسهول هبرة وسيڤ وسبع بلديات بمرتفعات سعيدة، وإذا كانت جبال بن شقران أكبر وحدة تضاريسية في الولاية، فإنها من أوعرها إذ تعاني من ظاهرة إنجراف التربة المتسببة في توحل السدود والحواجز المرائية إلى جانب قساوة المناخ وفقر التربة وهي العوامل التي جعلت ظروف الحياة صعبة بالنسبة ل 32 بالمائة من سكان الولاية الذين اختاروا الإقامة في هذه المنطقة الجبلية مع تمركز 60 بالمائة في المدن والتجمعات شبه الحضرية كمعسكر ، بوحنيفية وادي الأبطال، عين فارس، خلوية، البرج، حسين، الشرفة، الڤيطنة، الكرط، الڤعدة، المأمونية، عين فرص، سهايلية، سيدي عبد الجبار، المناور، الفراڤيڤ وسجرارة.
ونظرا للتأخر الذي عرفته هذه المنطقة في مجال التنمية المحلية، سبق لها وأن إستفادت في الثمانينيات من برنامج وطني لإستصلاح منطقة بني شقران كلها بما فيها الأجزاء المتواجدة ببلعباس وغليزان وأعدت لهذا العرض دراسة تطلبت عدة مجلدات من الأبحاث والتحقيقات الميدانية لتشخيص واقع المنطقة وإمكانياتها المادية البشرية والطبيعية وجرد احتياجاتها التنموية وقد شرع في تنفيذ برنامج استصلاح هذه المنطقة، بتسجيل وإنجاز عمليات بسيطة لتجهيز المنطقة بمرافق الحياة الأساسية لضمان خدمات التعليم.
27 عاما من التنمية لم تسمح كل معالم الريف
والنقل والمياه والكهرباء فضلا عن تنمية النشاطات المتعلقة بقطاعات الفلاحة والغابات إلا أن الوضع الإقتصادي في الثمانينيات لم يكن يسمح بتمويل مشاريع كبرى للنهوض بالمنطقة آنذاك، فضلا عن أن كل العمليات المنجزة كانت مقتطعة من حصة الولاية من مخططات وبرامج التنمية البلدية والقطاعية، مما أثر سلبا على بقية المناطق الواقعة خارج مرتفعات بني شقران أي 29 بلدية دفعت لعدة سنوات ثمن تركيز السلطات الولائية على ضخ معظم الإستثمار العمومي في برنامج استصلاح مرتفعات بني شقران.
ومما زاد في تشتت الجهود التنموية إقرار الدولة للتقسيم الإداري لسنة1984 والذي سمع ل 12 دوارا بمنطقة بني شقران الإستفادة من قرارات الترقية إلى بلدية، وما تطلبه ذلك من أموال طائلة للهيكلة الإدارية والتقنية للبلديات الجديدة والتي مازال الكثير منها يحتفظ بملامح »الدوار« رغم مرور 27 عاما منذ تمتعها بصلاحيات البلدية ورغم أن كل برامج التنمية منذ 1984 بمختلف مستوياتها استفاذت من أجل ترقية هذه البلديات الفتية إلى تجمعات حضرية، وهو ما سنحاول استعراض ملامحه من خلال تتبع جوانب من المسار التنموي لبعض البلديات الواقعة في مرتفعات بني شقران، علما أن هذه المنطقة تغطى سنويا بما نسبته تتراوح بين 30 و35 بالمائة من الإعتمادات المالية المخصصة لولاية معسكر لتمويل البرامج التنموية، وهي اعتمادات تختلف من عام لآخر وكانت العام الماضي 2010 في حدود 3597 مليار سنتيم.
ولعلّ بلدية خلوية تفي بالغرض في هذا المجال، فضلا عن أنها أصغر بلديات الولاية من حيث المساحة إذ لا تزيد مساحتها عن 22 كلم 2 وتنحصر رقعتها في النسيج العمراني الحضري كونها لا تتوفر سوى على دوار واحد هو »خلوية دوار« ومن هنا فإن هذه المدينة ظلت مختلية إلى نفسها لعدة سنوات قبل أن تركب قطار التنمية محاولة تجاوز قلة الموارد المالية ،محدودية الرقعة الجغرافية .
خلوية، أصغر إقليم إداري في بني شقران
بداية نشير إلى أن الوصول إلى مدينة خلوية يمكن أن يتم عبر عدة طرق كالطريق الولائي رقم 43 الذي يربطها بمعسكر والطريق الولائي رقم 12 الذي يربطها بكل من تغنيف والبرج والطريق البلدي رقم 9 الذي يربطها بالبرج وبالتالي فإن الوصول إلى خلوية التابعة إداريا إلى دائرة البرج لم يعد بالصعوبة التي كان عليها في بداية التسعينيات، بحكم توفر وسائل النقل الجماعي لاسيما في اتجاه تيغنيف، فضلا عن أن خلوية أصبحت معبرا لحركة المرور للناقلين القادمين من غليزان نحو سعيدة، والذين يفضلون إختصار الطريق وإجتناب كثافة حركة المرور على الطريق الوطني رقم 07 .
وإلى وقت قريب كان الدخول إلى المدينة يفرض المرور عبر جسر يختنق ويضيق إلى درجة لا يسمح بمرور سوى عربة واحدة، وهي ميزة أخرى فرضها موقع المدينة المحصور بين وادي ماوسة وسفوح جبال بني شقران الجنوبية مما يفسر الإتساع الطولي للنسيج العمراني على حساب التوسع عرضا غير أن هذه الميزة قد زالت حاليا بعد استفادة البلدية من مشاريع سمحت بإنجاز جسر وتوسيع الطريق الولائي رقم 12 بالمدخل الشرقي للمدينة، وتوسيع كذلك الطريق الولائي رقم 43 الرابط بين خلوية ومعسكر .
ومن أجل حمل العمران على القفز إلى الضفة الشرقية الجنوبية للوادي، يجب إقامة جسر آخر يربط الضفتين ويفتح المجال أمام المدينة للإتصال الدائم بحركة المرور الكثيفة عبر الطريق الولائي الرابط بين تيغنيف والبرج، الأمر الذي قد يتيح لمدينة خلوية الخروج من خلوتها التي فرضها عليها موقعها الجغرافي وانحصار دورها الإقتصادي في المنطقة بداية الثمانينيات .
من خلوة للعبادة إلى بلدية بكامل الصلاحيات
من حيث العمر الإداري كبلدية فإن خلوية لا تتجاوز 78 عاما، إذ أنشأت بقرار ولائي مؤرخ في 1933/09/21 لكن هذا لا يمنع من أن تكون المنطقة أقدم في مجال احتضانها للتجمعات السكانية، حيث منحت لنا فرصة التحدث في هذا الشأن مع شيخ من شيوخ المدينة عمره 107 عاما فذكر لنا إسم القرية »خلوية« مشتق من الخلوة وهي عبارة عن مغارة تحفر تحت الأرض للإعتكاف داخلها والتفرغ للعبادة، وهذه الخلوة تنسب إلى الولي الصالح سيدي عبد الله حسب محدثنا وبينما ينسبها آخرون إلى الشيخ بن زرڤة دفين مدينة تيغنيف قرب الخلوة المنسوبة إليه.
وهذا التفسير الأخير هو الذي يتبناه مسؤولو هذه البلدية.
ومثل كثير من المدن الجزائرية فإن المدينة غيرت اسمها إبان حقبة الإستعمار إذ تشير وثائق هذه الحقبة إلى أن المدينة حملت اسم »حايطية« الذي لم نجد له تفسيرا، وذلك قبل أن يسميها المعمرون »سونيس« نسبة إلى أحد جنرالاتهم الذي خاض معركة ضد جيوش بروسيا ببتر فيها ساقه .
وإذا كان الأولياء الصالحون قد اتخذوا مدينة خلوية »خلوة« للعبادة والتنسك فإن المعمرين حولوها إلى معصرة كبرى للخمور تواصل نشاطها إلى ما بعد الإستقلال زهاء عقد من الزمان، وهي الفترة التي تميزت خلالها القرية ببعض الحيوية والنشاط لأن إليها كان يصل جل انتاج المنطقة من العنب، فضلا عن أنها الفترة التي تحولت فيها القرية إلى بستان شاسع، يوفر للضواحي بواكير مختلف الفواكه والثمار من كرز ولوز وجوز إلى جانب شيء من الخوخ والمشمش والتفاح والإجاص والكثير من العنب بشتى أصنافه.
كل تلك المنتوجات الفلاحية التي كانت تجتنب التجار والزوار، قد اختفت من حوالي المدينة للترك مكانها لمشاهد أذبلها الجفاف
قلة الموارد المالية تكبح عجلة التنمية
ولعزلة خانقة استمرت لعدة سنوات مازالت آثارها حاضرة في شعور كل من يزور المدينة حاليا، وعندما تسأل أهل المدينة عن سبب هذه المفارقة، بين ماضي المدينة الزاهر وبين حاضرها الفاتر نسبيا، يأتيك الرد بصورة تلقائية بأن البساتين اختفت باختفاء الحاجز المائي على مستوى وادي خلوية والذي كان يوفر لبساتين الفواكه حاجتها من المياه كما أن سياسة قلع الكروم المنتهجة في السبعينيات أحالت معاصر الخمور على البطالة وبيع معظمها في المزاد العلني ليستغلها أصحابها في نشاطات مختلفة، ولاسيما في تربية الدواجن والمواشي علما أن المدينة ورثت 11 معصرة عن العهد الاستعماري.
ونأمل أن يساهم المجمع المائي الذي استفادت منه البلدية مؤخرا وأنجز في إطار برنامج الامتياز الفلاحي في تعويض الحاجز المائي المندثر، وفي بعث حقول الاشجار المثمرة، ولاسيما منها أشجار الكرز التي تميزت بها المنطقة.
ومع ذلك يعود ويلح السؤال هل لعجز فينا فقدت المدينة نشاطها وبساطها الاخضر؟ وهل إقامة حاجز مائي، وتجديد أشجار البساتين وتحويل نشاط معاصر الخمور الى نشاطات أخرى نافعة، هي مهام يستحيل على الجيل الحاضر تحقيقها؟ ويأتي الجواب من ممثلي هذا الجيل ليؤكد لك أن إرادة القيام بذلك كله موجودة ولكنها تصطدم دائما بضعف الامكانيات المالية، لأن البلدية التي تتربع على 22 كلم فقط وتسهر على خدمة أكثر من 6000 نسمة، ولا تبخل على تقديم مختلف الخدمات لعدد مماثل من المواطنين المقيمين بدواوير مجاورة تابعة لبلديات أخرى، إن بلدية بهذا العبء الاجتماعي ظلت لعقود تسير شؤونها بإيرادات سنوية تقل عن نصف مليار سنتيم، ولاشك أن مداخيل بهذه القلة تضعف أقوى الهمم وتثبط أحد العزائم في رأي أهل المدينة.
وأخيرا تحظى خلوية بسوقها الاسبوعية
البلدية ورغم عزلتها النسبية أنهت مشاكلها مع مصاعب الحياة التقليدية فالماء متوفر حتى وإن كانت البلدية مصنفة ضمن فئة البلديات التي لا تسيل حنفياتها إلا يوما كل 3 أيام كما أن شبكات التطهير متوفرة وتحظى الشبكتان من حين لآخر بعمليات تنموية إما للتوسيع كما حدث لشبكة التموين بالمياه الصالحة للشرب منذ سنتين لإيصال الماء الى خلوية دوار وكذا تجديد شبكة الصرف الصحي على طول شارع العقيد لطفي توسيع تلك الخامة بحي بن زرام على امتداد 750 مترا طوليا.
كما أن الكهرباء دخلت كل البيوت، والطرق معبدة ومركز المدينة مهيأ حضريا بفضل عمليات التحسين الحضري للنسيج العمراني والساحات العمومية، ولا حاجة بنا الى الاشارة الى ما شهدته خدمات النقل من تحسن لاسيما منه النقل المدرسي بعد استفادة البلدية من حافلة لضمان هذه الخدمة المكملة لخدمات التعليم التي توفرها 3 مدارس ابتدائية ومتوسطة واحدة تتواجد بتراب البلدية بينما يضطر أبناء خلوية الى متابعة دراستهم الثانوية بمدينة البرج أو تغنيف.
وإذا أضفنا الى هذه المحاور توفر البلدية على عدد من المرافق الشبانية الرياضية، منها والثقافية وكذا الخدمات البريدية والصحية التي لا تثريب عليها، فإن ما تبقى من قطاعات يعاني من بعض المنغصات التي تعاني منها مجمل بلديات البلاد، مثل أزمة السكن التي تتطلب مزيدا من الجهد للقضاء عليها وكذا آفة البطالة المستشرية في اوساط الشباب، إذ خارج الوظيف العمومي والمهن الحرفية لا توفر المنطقة الا النادر من فرص العمل.
ولعل أهم إنجاز حققته بلدية خلوية في السنوات الاخيرة يكمن انشاء سوق اسبوعية لتنشيط الحركة الاقتصادية
والغاز الطبيعي متوفر من حسن حظ السكان
والتجارية في المنطقة ورفع موارد البلدية وكذا حصولها على مشروع هام أوصل الغاز الطبيعي الى سكانها، الأمر الذي أراحهم من مشاكل ندرة قارورات الغاز في فصل الشتاء وارتفاع سعرها عن السعر الرسمي.
البلدية تبقى مع ذلك غير مستغلة، مقارنة مع ما توفره من امكانيات إذ باستثناء تربية الدواجن التي يمارسها الخواص وكذا تحويل أو تخزين منتو الزيتون، فإن البلدية لا تتوفر على أي نشاط اقتصادي يضمن لها الانفتاح على المحيط التنموي للمنطقة.
ولذا فإن مسؤولي البلدية مدعوون الى بذل جهود كبيرة لاقناع المستثمرين الخواص وتحفيزهم لإنجاز استثمارات أكثر مردودية، لاسيما في مجال خلق مناصب شغل للشباب العاطل عن العمل، وفي استغلال الامكانيات المتوفرة محليا، مثل غابة »المويلحة« المتربعة على مساحة 20 هكتارا جنوب خلوية والتي يمكن استغلالها في المجال السياحي على وجه الخصوص.
وهذا الدعم الاستثماري ضروري لتطور المنطقة، لاسيما اذا عرفنا أن النشاط الفلاحي الذي يعتمد عليه جل السكان هو محصور في رقعة لا تزيد مساحتها عن 1990 هكتار منها 1753 هكتار فقط صالحة للزراعة، وكلها تقريبا تستغل في زراعات جورية إذ تكاد تنعدم بالبلدية الاراضي المسقية لقلة المياه الجوفية، ولذا نجد معظم هذه الاراضي مستغلة أولا في زراعة الحبوب التي تشغل حوالي 900 هكتار تليها زراعة الخضر التي تحتل أقل من 350 هكتار بينما تتربع حقول الكروم على 213 هكتار والاشجار المثمرة على مساحة 90 هكتارا أو يزيد قليلا.
وهذا الوضع يكون قد حرم البلدية من الاستفادة من كثير من المساعدات التي تمنحها مختلف برامج التنمية الريفية والدعم الفلاحي، وكنا نأمل أن نقدم هذه البلدية كعينة على إمكانية نجاح برامج التنمية في القضاء على المشاكل التي تعترض حياة المواطنين، ولو على المدى الطويل، إلا أن ذلك لم يتح لنا، لأنه حتى صغر مساحة البلدية لن يجدي نفعا في معالجة المشاكل المزمنة التي أفرزتها عقود من الركود الاقتصادي.
سيدي عبد الجبار، نموذج آخر للنضال التنموي
العينة الثانية التي نستعرض أحوالها التنموية بمنطقة بني شڤران هي بلدية سيدي عبد الجبار التي فضلنا أن تكون نموذجا في رسم الوضع الراهن للكثير من الدواوير التي أصبحت بلديات أو دوائر حتى قبل أن تتوفر على المقومات الاساسية لمثل هذه المؤسسات الانتخابية والادارية، وسنكتفي بطبيعة الحال باستعراض بعض أحوال هذه البلدية التابعة إقليميا إلى دائرة وادي الابطال بولاية معسكر، وسنسلط بعض الضوء على جانب من أوضاعها لعل ذلك يساهم في التوصل الى اهم احتياجاتها لمواصلة مشوارها التنموي البطيء.
فللوصول الى هذه البلدية يقطع المسافر إليها مسافة 37 كيلومترا شرق مدينة معسكر أما سكان البلدية فيقطعون 17 كلم أخرى في اتجاه الشرق دائما لبلوغ مركز دائرة وادي الابطال التي تنتمي إليها بلديتهم، ومادمنا قد بدأنا بالنقل فلنشر ابتداء إلى معاناة سكان سيدي عبد الجبار من غياب وسائل النقل، رغم أن هذه الوسائل من حافلات وعربات النقل الجماعي لا تكف عن رحلاتها المكوكية اليومية بين وادي الابطال وتغنيف من جهة وبين وادي الابطال ومعسكر من جهة أخرى، وكلها تمر حتما ببلدية سيدي عبد الجبار ولكن لا تتوفر بها إلا لملء مقعد أو مكان شاغر، أو لا تزال ركاب عائدين الى قريتهم وبثمن مضاعف لاضطرارهم أحيانا الى دفع ثمن رحلة كاملة من بداية الخط الى نهايته، بينما تنتهي رحلتهم هم في منتصف الخط، أو يحدث هذا غالبا في أوقات الذروة
3 مدارس ل 10 دواوير
عندما يزداد الطلب على النقل قبل وبعد دوام العمل وفي المناسبات أيضا.
أما النقل المدرسي فقد عرف تحسنا مثلما هو الشأن بكامل تراب الولاية غير أن كثرة الدواوير مازالت تحول دون إستفادة كل التلاميذ من خدمات النقل المدرسي، الأمر الذي يحتاج الى علاج أو على الأقل العمل على منح الأولوية في هذا الشأن للتلاميذ المقيمين في دواوير معزولة الأبعد فالأبعد.
وقبل الخوض في بقية المشاكل لا بد من الإشارة الى أن بلدية سيدي عبد الجبار قد أكملت 27 عاما منذ ترقيتها الى بلدية وتتربع على مساحة 66 كلم2 ويسكنها أكثر من 4000 نسمة موزعين على 10 دواوير إضافة الى مركز البلدية، وتنسب البلدية الى أحد الشيوخ الذين قدموا من المغرب الأقصى إسمه سيدي علي بن عبد الجبار، الذي إستقر في المنطقة للتدريس وللوعظ والإرشاد الى أن توفي ودفن في هذه القرية التي حملت إسمه.
ويبدو أن الشيخ كان قبلة للكثير من طلاب العلم حسبما يستنتج من كثرة القبور القديمة بمقبرة القرية التي تحتضن ضريح الشيخ، والتي يعود تاريخ بعض قبورها الى العهد التركي حسبما نقلناه عن أحد رؤساء البلدية السابقين، علما أن شساعة رقعة المقبرة، تفرض الإنتباه الى محدودية حجم النسيج العمراني لبلدية سيدي عبد الجبار، الذي يتلخص في حوالي 200 الى 300 سكن على أكثر تقدير، معظمها قديم قروي الطراز زيادة على بعض المرافق العمومية الأساسية.
وعلى ذكر المرافق فإن هذه البلدية تتوفر على 3 مدارس إبتدائية ومتوسطة واحدة، منها مدرستان إبتدائيتان بكل من دوار مجارف ودوار سيدي سليمان أكبر دواوير البلدية من حيث الكثافة السكانية، وبالتالي فإن بهذه المؤسسات التعليمية، ومازال بعضهم يتحمل مشاق المشي للإلتحاق بمدارسهم.
3 قاعات علاج لأكثر من 4000 نسمة
وبالنسبة للخدمات الصحية، تتوفر بلدية سيدي عبد الجبار على ثلاث قاعات للعلاج موزعة على مركز البلدية وقريتي سيدي سليمان والمجارف علما أن هذه الأخيرة مجهزة ووظيفية جزئيا، بينما ظلت قاعة العلاج بالدوار الثاني مهملة منذ إكتمال بنائها عام 1999، وقد حظيت في إطار البرنامج البلدي للتنمية لعام 2008 بمشروع لإعادة ترميمها مع سكن وظيفي للطاقم شبه الطبي ولعل الملاحظة العامة بخصوص مثل هذه المرافق الصحية سواء أكانت في الدواوير أو في البلديات النائية والمعزولة، أن زيارات الطبيب بها مبرمجة بزيارة أو زيارتين على الأكثر كل أسبوع، ولكنها برمجت على الورق فقط، لإخلال الأطباء بإلتزاماتهم في هذا المجال » إلا القلة منهم« بخلاف الممرضين والشبه الطبيين المجبرين على تسيير شؤون هذه المرافق الصحية.
وبخصوص الخدمات البريدية فإنه بعد توفر البلدية على وكالة بريدية وتشغيل المركز الهاتفي بطاقة 512 خط، يمكن القول أن البلدية قد ودعت عزلتها الهاتفية، التي عانت منها سنين طويلة، قبل "انتشار الهاتف النقال" إذ مر على البلدية سنتين لم يكن لها ولسكانها سوى خمسة خطوط هاتفية ثابتة، تتقاسمها مصالح البلدية والدرك والحرس البلدي.
تموين سكان البلدية بالمياه الصالحة للشرب، يبقى هو الآخر في حاجة الى دعم كون البلدية مصنفة ضمن فئة البلديات التي يشرب فيها السكان يوما، كل يومين، رغم توفرها على بئرين عميقين ورغم عمليات التجديد لشبكة توزيع المياه لفائدة سكان دوار ولهاصة على امتداد 1300 متر طولي وسكان دوار المخاطرية من الجهة الشمالية على مسافة 2000 متر طولي وإعانة البلدية لإقتناء مضخات عائمة مما يؤثر على خلل في تسيير الموارد المائية.
مطالب بتوفير مياه سطحية
غير أن المياه الجوفية وحدها لا تكفي في نظر سكان البلدية، الذين يفضلون أيضا تعبئة موارد المياه السطحية لتمكينهم من ممارسة نشاطهم الفلاحي وتربية المواشي وذلك بإنجاز حواجز مائية أو سدود صغيرة على وادي الحداد.
وبالنسبة للمرافق الثقافية والرياضية، تتوفر بلدية سيدي عبد الجبار على ملعب يستغله الفريق المحلي لكرة القدم والعاجز في العديد من المواسم حتى عن دفع مبلغ الاشتراك في البطولة الولائية، كما يوجد بالبلدية قاعة متعددة الخدمات التي أخلاها الحرس البلدي وحظيت في إطار البرنامج الخماسي السابق بإعادة التجهيز، فضلا عن قاعة مطالعة، وساحتي لعب بكل من دواري سيدي سليمان والمجارف.
هذا وتعاني بلدية سيدي عبد الجبار من إشكالية خاصة تكمن في غياب الإحتياطات العقارية التابعة للأملاك العمومية، الأمر الذي يرهن التطور العمراني للبلدية ويضطر مسؤوليها في كل مرة الى اللجوء الى إجراءات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة للحصول على أراضي لإقامة مرافق عامة جديدة مثلما حدث لمشروع إنجاز 30 محلا مهنيا لتشغيل الشباب، علما أنه حتى إجراءات نزع الملكية تعترضها عوائق، لا يمكن للعقل تبريرها كأن يفرض على البلدية شراء الأرض بأسعار »إدارية« تحددها إدارة أملاك الدولة، بينما صاحب الأرض لا يعترف ولا يقبل إلا بأسعار السوق!! وهو إشكال ما كان له ليحدث لو أضيفت الى النص القانوني »فقرة« ترخص للسلطات العمومية بإقتناء الأرض بأسعار السوق عند الضرورة.
وفي غياب الغاز الطبيعي يتمون السكان بقارورات الغاز لدى الموزع الوحيد بمركز البلدية، الأمر الذي يضطر بعض العائلات
فقر مدقع في الاحتياطات العقارية
في بقية الدواوير الى الاعتماد على الأساليب القديمة لدى غياب قارورة الغاز في الفصول الباردة وذلك باللجوء الى الحطب والفحم، وخلاف للغاز، فإنه بإستثناء المساكن المنعزلة فإن معظم التجمعات السكنية الأخرى أضحت موصولة بشبكة الكهرباء التي وفرت بدورها عدة خدمات للمواطنين.
وفي غياب فرص التشغيل الدائم والمستقر على مستوى البلدية فإن معظم شبابها أضحوا يفضلون الإنخراط في الأسلاك الأمنية من جيش وشرطة ودرك وحرس بلدي للتخلص من شبه البطالة الذي يلازمهم منذ التخرج من الدراسة ولأجل غير معلوم.
وبطبيعة الحال، فإن بلدية سيدي عبد الجبار، مثلها مثل بقية بلديات منطقة بني شڤران والولاية عموما، مازالت لم تجد الوصفة السحرية لتلبية حاجة مواطنيها الى السكن، رغم أن هذه الحاجة بدأت تتقلص نسبيا بفضل إعانات البناء الريفي.
ثلث برامج التنمية تصب في جبال بني شڤران
هذا وقد تعذر علينا حصر حصة منطقة بني شڤران من إستثمارات التنمية خلال البرنامج الخماسي الأول، ولكن هذا النصيب لا يتجاوز في تقدير ثلث ما حظيت به الولاية بشكل عام، علما أن أهم المشاريع التنموية التي تجسدت خلال هذا البرنامج يمكن إجمالها في إنجاز 18612 مسكن ريفي و8696 مسكن إجتماعي إيجاري و4963 مسكن تساهمي وأكثر من 1300 مسكن ترقوي إلزامي، وكذا ربط حوالي 35 ألف مسكن بالغاز الطبيعي و6248 مسكن بالكهرباء وهو ما سمح بتوفير 53 ألف منصب عمل دائم و128 ألف منصب عمل مؤقت.
أما نصيب الولاية من البرنامج الخماسي الثاني للتنمية (2010 / 2014) فيقدر ب 139 مليار و660 مليون دج جزائري لتمويل ما مجموعه 1170 مشروع مبرمج في إطار هذا المخطط على مدى خمس سنوات بدءا من العام الماضي 2010، أي بزيادة 103 مليار دج مقارنة مع الغلاف المالي الذي إستفادت منه الولاية خلال العهدة الرئاسية الأولى والمقدر ب 36 مليار دج وبزيادة 55 مليار دج عن مخصصات الخماسي الأول 2005 / 2009 مع إستثناء المشاريع ذات البعد الوطني كالطريق السيار وإزدواجية السكة الحديدية وكهربتها.
وتهدف مشاريع التنمية في الخماسي الحالي الى تحسين ظروف الحياة للمواطنين في مختلف المجالات، وفي مقدمتها توفير السكن إذ ينتظر إنجاز 28 ألف وحدة سكنية الى آفاق 2014، منها 13 ألف مسكن إجتماعي إيجاري و5000 تساهمي و10 آلاف مسكن ريفي، وإيصال الغاز الطبيعي لكل البلديات التي تفتقر إليه أي لحوالي 23140 مسكن.
كما أولى المخطط الخماسي الجاري، عناية خاصة لقطاع المواد المائية من أجل توفير مياه الشرب أو مياه السقي الفلاحي، من خلال تزويد سكان محور المحدية سيڤ وكذا معسكر، إنطلاقا من مشروع »ماو« الى جانب إنجاز 8 حواجز مائية وسد صغير فضلا عن تأهيل 18800 هكتار من الأراضي الفلاحية من خلال تجديد شبكات السقي الفلاحي بسهلي هبرة وسيڤ.
وعلى مستوى قطاع التربية سيساهم هذا المخطط في إنجاز 9 ثانويات جديدة، و11 إكمالية و459 قسم توسعي لفائدة التعليم الإبتدائي، ويضاف الى 8000 مقعد بيداغوجي جديد و4000 سرير سيتدعم بها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وكذا 4 معاهد متخصصة في التعليم والتكوين المهنيين.
ومن المشاريع الأخرى التي سيمولها هذا الخماسي، نخص بالذكر مشروع لإنجاز مستشفى بطاقة 240 سرير بتغنيف، وعيادتين متعددتي الخدمات الطبية، وتلبيس 04 ملاعب بالعشب الإصطناعي، وإنجاز 6 قاعات متعددة الرياضات بطاقة 500 مقعد لكل واحدة، وإنجاز متحف وطني للأمير عبد القادر، ومسجد كبير ذي طابع وطني، وسوق للجملة ذات صبغة محلية، ومؤسسة لإعادة التربية ذات 300 سرير بسيڤ فضلا عن مبلغ يزيد عن 7.7 مليار دج مخصص لمختلف أنواع الدعم الفلاحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.