طرق الباب طرقا خفيفا.. - يا أولاد.. افتحوا لقد عاد أبوكم المطر خلف النوافذ يحترق مع مصابيح أعمدة الأزقة الإسفلتية.. لا أحد يرد ..تساءل في حيرة : - ألم يعودوا بعد ؟.. أسند ظهره إلى الحائط تأمل ساعته متوكئا على عصاه .. - لقد تأخروا .. تأفف قليلا، ثم استقبل الباب مرة أخرى وزاد في قوة ضرباته .. - هيا افتحوا ..فقد أرهقني طول الانتظار.. المطر المحترق يسكن ثقوب البيوت الطينية .. عجلات سيارات الإسعاف والمطافئ تكسر الهدوء الذي قتل المدينة ..النشرة الإخبارية تعلن في أسى مصحوب بذعر شديد ..أن المدينة تغرق .. قلّب معطفه الجلدي كم من مرة ، آملا أن يعثر على أشياء لا تقدر بثمن ..بحث طويلا في موضع قلبه المرهق .. رجل سبعيني أطل من الغرفة المجاورة ونادى عليه كمن اعتاد الأمر: - يا رجل ..هذه غرفتك.. ادخلها قبل أن أرسل في طلب الممرضات .. الذين تسأل عنهم رحلوا منذ زمن بعيد الرجل لم يعقب ..حتى بعد أن وضع نظارته السميكة وتبيّن له أن المفتاح لا يزال معلقا في فتحة الباب.. وأن المدينة ستغرق لا محالة .