في الشريعة الإسلامية، هناك بعض العبادات الموسميّة التي تُفرض على المسلمين في مواسم محدّدة من السنة، حيث تأتي هذه العبادات في سياق سدّ بعض الاحتياجات التي يحتاج إليها المسلمون، وهذا من حكمة الشريعة الإسلاميّة المتناهية، فهذه الشريعة لم تأت إلا لإسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة، فهي ليست شريعة خياليّة، بل على العكس جمالها في واقعيتها. فوائد زكاة الفطر من أبرز هذه العبادات الموسميّة التي ارتبطت بموسم شهر رمضان المبارك، وعيد الفطر، تعرّف زكاة الفطر شرعا بأنها: «صدقة تجب عند الفطر من رمضان بانقضائه»، ويجب إخراجها للفقراء قبل خروج الناس إلى صلاة عيد الفطر، فإن تأخرت عن ذلك فهي صدقة من الصدقات العادية، ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين. وزكاة الفطر هي واحدة من أفضل العبادات على الإطلاق، والتي لها أجر عظيم عند الله تعالى نظراً لحساسية الموعد الذي يجب فيه على المسلم أداء هذه الزكاة. وزكاة الفطر تأتي لرأب الصدع في المجتمع في أكثر الأوقات حساسيّة بالنسبة لكافّة المسلمين، ففي عيد الفطر يجب أن تختفي الفروقات الطبقيّة، ويجب أن يتساوى الغني مع الفقير، فالفرح يجب أن يشمل الجميع في هذه الأيّام المباركة؛ من هنا فرض الله تعالى على المسلمين المقتدرين أن يؤدّوا واجب زكاة الفطر للفقراء، حتّى يستطيعوا الاستمتاع بالعيد حُكمها وحِكمتها الحكم الشرعي في زكاة الفطر أنها واجبة على كل مسلم إذا فَضُل قوته عن حاجته وحاجة عياله يوم العيد وليلته، ويلزمه دفعها عن نفسه وعمن يعوله ممن تلزمه نفقته شرعا، ويستوي في ذلك ذكرهم وأنثاهم وكبيرهم وصغيرهم. ودليل وجوب زكاة الفطر الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين» (رواه البخاري ومسلم). وأماالحكمة من وجوب زكاة الفطر فتتجلى في عدة أمور، من أهمها: 1- أنها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «طُهرة للصائم من اللغو والرفث»، أي أنها تمحو ما قد يرتكبه المسلم في رمضان من منهيات شرعية في صيامه. 2- أنها «طُعمة للمساكين» كما قال صلى الله عليه وسلم أيضا، فهي تغني الفقراء يوم العيد عن السؤال وتوسع عليهم في الرزق، ليكون العيد يوم فرح وسرور لجميع فئات المجتمع. 3- شكر المسلم لنعم الله تعالى الكثيرة عليه وعلى الصائمين، والتي منها نعمة بلوغ رمضان وإكمال صيامه. وقتها ومقدارها يجب إخراج زكاة الفطر من لحظة غروب الشمس في آخر يوم من رمضان وحتى خروج الناس إلى صلاة عيد الفطر صباح اليوم التالي، فإن تأخرت عن ذلك فهي صدقة من الصدقات العادية. ويجوز تقديم إخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين. وتُخرج زكاة الفطر من قوت بلد مُخرِجها الذي يأكله الناس في الغالب، ومقدارها ثلاثة كيلوغرامات تقريبا من أحد أصناف هذا القوت (قمح، شعير، أرز.. إلخ). ويجوز إخراج قيمة زكاة الفطر نقدا بدل الطعام إن كان ذلك أرفق بدافعها أو بالفقير المستفيد منها. وهذا القول هو المعمول به لدى المجالس العلمية والمفتىبه فيوطننا الحبيب لما تقتضيه المصلحة الشرعية المتعلقة بحاجة الفقراء والمساكين.ولا يجوز دفعها إلا للفقراء والمحتاجين.