لا يزال فيروس كورونا القاتل يفتك بالعديد من الارواح، ولكن تبقى الدولة وكل القطاعات مجندة لتجاوزه، فالى جانب تضامن المواطن والجمعيات والتكافل الاجتماعي، وجهود الجيش الابيض في علاج المرضى، نجد ايضا الاسرة الاعلامية خاصة منها الصحافة المكتوبة التي رغم مخاطر الداء المخفي إلا أنها واقفة على قدم وساق لنقل الخبر للمواطن،بكل مثابرة وعزيمة، هذه الصحافة التي وجدت كل السبل الكفيلة باستمرار العمل رغم الحجر الصحي الذي فرض علينا. وماهذه الشهادة إلا اعتراف مني لكم على ماعشته هذه الفترة من أحداث... لم تمنعني بعد المسافة التي تجاوزت 130 كلم من مزاولة عملي بالجريدة، تخطيت كل الصعاب واستطعت أن أواصل المسيرة لمدة 23 سنة بكل إصرار وعزيمة قوية رغم تعب المواصلات ،حتى نزلت علينا هذه الطامة الكبرى فانقلبت الموازين، داء الكورونا الذي غزا البشرية بغتة، بلا رحمة ولاشفقة،أخلط كل الحسابات، فأخذت الدولة إجراءات استعجالية وتدابير وقائية لتفادي نشر عدوى الفيروس المستعصي، الذي لا مخرج منه إلا التزام البيوت، فكان من بين هذه الإجراءات توقف النقل العمومي والخاص عبر الولايات... هذا الأمر يخصني بالذات، لكن الصحفي النزيه مهما كانت الظروف ،لن يتخلى عن مهامه، خاصة في هذا الظرف العصيب ،نحن نبعث المواضيع والمقالات الهادفة عن بعد، إنه عصر التطور والتكنولوجيا الذي اهلنا للتواصل ولو عن بعد، فالعمل الصحفي موازاة مع الحجر المنزلي،يتطلب مشاهدة معظم القنوات والاستماع إلى شهادات وآراء الخبراء والمحللين بكل دقة وتركيز لتقصي الخبر اليقين، لنتمكن من معايشة الوضع وكأنك خارج المنزل ،حتى نستطيع إيصال المقال المستهدف بكل منطق بعيدا عن الأخبار المغلوطة، وبالتالي يتم تحرير المقال وإرساله عبر ايميل الجريدة... أما بالنسبة ليومياتي مع الحجر ،فقد أصبحت اداوم على صنع خبز الدار يوميا، بعدما كنا نتداوله في شهر رمضان فقط،أما الأولاد فصاروا يعودون في النوم إلى المساء ،المهم بالنسبة لي ان يبقوا في الدار، الصحة قبل كل شيء، وبعدها يلجأون الأطفال الصغار إلى «البلاي» للعب به، ولتفادي جدال الاولاد، ماكان علي إلا تحديد ساعات اللعب بالتداول فيما بينهما، كي لايحسوا بالملل، أما إذا تكلمت معهم عن الدراسة، فهم لا يكترثون بالامر بتاتا، ، وبالنسبة لغسل اليدين باستمرار فقد صارت مسالة بديهية عندهم، حتى انهم صاروا يواظبون على صلاتهم، وبالنسبة للمراهقين فتكاد أعينهم تلتصق بالهواتف من شدة التواصل الأعمى بالانترنت الذي قد يستمر لساعات متأخرة من الليل، أما الزوج العزيز فلم تكن نراه إلا مساء ونجتمع وقت العشاء. ولكن الحجر المنزلي أعاد تكييف نظام الحياة، فخلق جوا أسريا ودفئا افتقدناه لسنوات، نعم لقد تعرف اكثر على أولاده، إن صح التعبير، فصار يتناقش معهم في كل المواضيع، واستطاع ان يلج عقليات الأبناء المراهقين وفهم اتجاهاتهم، ولكن الكورونا المشؤومة تركت وسطنا فوبيا، فصرنا لانتكلم إلا على هذا الداء الفتاك، لقد أصبحت الساعة الخامسة بالنسبة لنا لحظات للتوتر والخوف والفزع، نعم صرنا نترقب هذا الموعد برعب كبير، راجين في كل لحظة رفع البلاء...