وسط أجواء حزينة وعيون دامعة وقلوب مليئة بالمحبة والنوستالجيا، احتضن أمس منتدى جريدة الجمهورية وقفة تأبينية ترحما على روح الشاعرة الراحلة عمارية بلال "أم سهام" ، التي ودعتنا منذ أيام فقط، تاركة خلفها مسيرة أدبية حافلة بالعطاء والنجاح، وبالكثير من المحطات الإبداعية والإعلامية التي نقشت اسمها من ذهب في سجل المشهد الثقافي الجزائري والعربي.. أم سهام التي كانت السباقة دوما إلى منتديات يومية "الجمهورية"، بل كانت أول من يصل إلى منبر لقاءاتنا وندواتنا رغم المرض وكبر السن...، ها نحن اليوم نبكيها ونستذكر نصوصها العبقة التي كانت في كل مرة تلامس خلجات النفس وتجرفنا نحو عوالم الجمال والحرف الأنيق .. أم سهام "أميرة الحب ".. جمعتنا أمس خلال التأبينية باسم القصيدة والثقافة والإبداع وكل ما هو جميل، في لقاء مؤثر لم يستطع فيه الحضور إخفاء دموعهم ولا حزنهم وهم يتحدثون عن " رابعة العشق الأدبي" التي أحاكت من قصائدها أجمل الثياب لوهران الباهية وأسست لعالم إبداعي فريد من نوعه بنشاطها وحرصها وغيرتها على الشعر والأدب الجزائري .. وقد استُهلت التأبينية التي حضرتها "سهام " ابنة الشاعرة الراحلة " أم سهام" وشقيقة زوجها وأيضا كوكبة مميزة من أصدقائها ومحبيها ، بكلمة لمدير جريدة الجمهورية السيد محمد عالم الذي استذكر هو الآخر اللحظات التي عاشها مع الفقيدة، لاسيما من خلال برنامج "دنيا الأدب" الذي كان يُبث عبر أثير الإذاعة الوطنية مُنتصف الثمانينات مع الأستاذ بلقاسم بن عبد الله، والذي اعتبره "محمد عالم " فسحة جميلة لكل الشباب الذين كانوا يكتبون في النادي الأدبي ولكل الأقلام الرائعة التي تصدرت المشهد الثقافي والأدبي في الجزائر في تلك الفترة،... مضيفا أن أم سهام كانت حاضرة في جميع النشاطات الثقافية، سواء في وهران أو خارجها، كانت طيبة محبة لدرجة أنها كانت تساهم بمالها وجهدها لإنجاح أي ملتقى أدبي ، وفي الأخير قال محمد عالم إن الشيء الجميل في الأديب أو الشاعر أنه دوما يترك أثرا ، و بالفعل تركت أم سهام أثرا جميلا سيبقى حيا في قلوبنا ووجداننا ... أما الدكتور بشير بويجرة فقد كان تأثره بوفاة الراحلة أم سهام جليا وواضحا، إذ راح يسرد على مسامع الحضور كيف تعرف على أيقونة الباهية وأهم اللحظات التي عاشها معها تحت سماء جامعة وهران ، وبالتحديد خلال السنة الأولى من دراسته في سبتمبر 1973 ، واصفا إياها بالشمعة المتألقة والنشيطة المتميزة ، والأهم من ذلك أنها كانت نافية لنفسها الذاتية نفيا مطلقا، فعندما تجالسها أو تخاطبها لا تقول " أنا أم سهام " وتتفاخر بنفسها ، وأشار "بويجرة" خلال حديثه إلى أن الفقيدة كانت محاربة للنسيان الثقافي ومجاهدة في سبيل ترسيخ الثقافة الوطنية الجزائرية والعربية بصفة عامة ، وكانت مناضلة من أجل العشق والحب والهوى في الذات الوطنية والأدب، و مغرمة بالفعل الأدبي شعرا وقصة قصيرة أكثر من غرامها بأبنائها وعائلتها، وهذا ليس عيبا، بل وسمة عبقري وإشارة رائجة إلى هذا العشق الثقافي على حد تعبيره.. وأضاف بشير بويجرة قائلا "اشتغلت مع أم سهام في جامعة وهران وفي اتحاد الكتاب الجزارئيين ، وأيضا في اتحاد الكتاب والصحفيين والمترجمين في وهران من 1983 حتى 1988، وحينها كانت الراحلة شُعلة من النشاط ، وعندما قمت أنا و بوزيد بومدين سنة 1999 بتأسيس النواة الأولى لاتحاد الكتاب الجزائريين في وهران، زارتني أم سهام بعد يومين في الكلية ، وطلبت أن تنضم إلينا فورا، وفعلا كانت من بين أهم الأعضاء الذين قدموا الكثير للاتحاد الذي كان مقره في العربي بن مهيدي ..". وإلى جانب شهادة الدكتور بشير بويجرة ، فقد عرفت الوقفة التأبينية شهادات أخرى أدلى بها أصدقاء وصديقات الراحلة أم سهام ، من بينهم الدكتور محمد دواد وعميدة كلية الآداب والفنون بجامعة وهران سعاد بسناسي والدكتور بوشيخي الشيخ والشاعرة نصيرة بن ساسي ومديرة دار الثقافة السيدة بختة قوادري ومديرة مديرية الثقافة بشرى صالحي والشاعر محمود بوزيد والإعلامية فايزة حدادي والشاعرة نادية لعياطي والشاعرة بوقيدر سعيدة والقاص شريف روان ورئيس جمعية وحي المثقفين عباس بن مسعود ونسيمة عسلاوي والمسرحي أحمد بغالية والأستاذة سناء الزاوي المكلفة بالإعلام على مستوى مسرح عبد القادر علولة بوهران والشاعر رابح إيصافي والشاعر لزرق العربي والفنان المسرحي أمين طالب، وغيرهم من الأسماء التي عددت مناقب الراحلة وأشادت بخصالها وغيرتها على الثقافة والأدب ...