لا تزال مدننا تشهد توسعات كثيرة شرقا وغربا وتتسع مساحاتها المبنية بظهور تجمعات سكانية كثيرة إن لم نقل ضخمة و تتكاثر مشاريع إنجاز السكنات بكل الصيغ التي تبنتها الدولة و لكن مقابل هذا تغيب المرافق العمومية للخدمات الأساسية والهياكل القاعدية الضرورية لحياة السكان في تلك التوسعات السكنية المعتبرة ، كما تغيب وسائل النقل العمومي التي تؤمن انتقال المواطن لقضاء احتياجاته وللالتحاق بعمله ومقر دراسته و بقدر ما تدق الطبول وتقوم الدنيا ولا تقعد فيما يتعلق بمطالب واحتجاجات المستفيدين من الحصص السكنية للإسراع في عمليات ترحيلهم وتسليمهم مفاتيح سكناتهم ، فعن الصمت المطبق يلف مسألة توفير النقل و تكتفي الجهات المعنية في مثل هذه الحالة إلى سياسة الترقيع و تعتمد مبدأ العمل بما هو موجود من وسائل نقل هي أساسا غير كافية ليمدد مسارها إلى مناطق سكنية جديدة وتزداد بذلك أزمة قلة حافلات النقل الحضري وبهذا يبقى المواطن البسيط مضطرا للقبول بالأمر الواقع في طريق مسدود ، وإن كنا قد أسلنا الكثير من الحبر وتحدثنا مرارا وتكرارا عن أزمة النقل وضرورة تبني مخطط نقل ناجع وفعال يوفر بالدرجة الأولى ما يحتاجه السكان، ولا يتسبب في أزمة تضاف إلى قائمة همومهم، فإن هذا التشخيص يجرنا إلى التذكير بأن جائحة كورونا قد تسببت في اختفاء عدد معتبر من الحافلات وإلغاء بعض خطوط النقل الحضري التي كانت عملية في السابق ،و هكذا فقد تم اللجوء إلى تمديد مسار حركة بعض الحافلات لربط مواقع سكنية جديدة ، فيما أوقف عمل حافلات أخرى لعبت دورا هاما في التخفيف من أزمة النقل و يبقى الخاسر الوحيد والأكبر جراء ذلك هو المواطن، ليعود الاكتظاظ وتزاحم الركاب داخل الحافلات من جديد بكل ما يترتب عنه من انزعاج و تذمر لدى المواطنين ،و في انتظار أن يطلق سراح عدد من الحافلات التي كانت تتحمل جزء من أزمة النقل و زيادة عددها و كذا استحداث خطوط نقل جديدة خاصة بالتجمعات السكنية المستلمة حديثا لا يملك المواطن سوى التحمل على مضض وضعا صعبا ،حيث أن هذا يحدث هذا في مدينة كبرى ذات أهمية اقتصادية وكثافة سكانية كبيرتين كمدينة وهران التي استبشرت ذات يوم بافتتاح خط ل «ترام» يربط وسطها بغربها وشرقها في أجزاء محدودة ،بينما تنتظر انطلاق مشروع توسيع مساره لتخفيف الضغط على وسائل النقل العمومي الحضري الأخرى و تعميم هذه الخدمة ، فضلا عن فوائد أخرى نجنيها باستخدام الترام بدلا من تلويث مدننا بعوادم وقود محركات حافلات نقل جلها مهترئ وفي حالة يرثى لها .