«النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان» هذا القول المأثور الذي حفظناه عن ظهر قلب منذ نعومة أظافرنا و حاول آباؤنا و معلمونا أن يرسخوه في أذهانها على أن نتبع فحواه و نتعامل به بما يعزز مكارم الأخلاق في مجتمعنا لم يعد له أثر في حياتنا منذ أزيد من عقدين . فمدننا وشوارعنا و حتى أحياؤنا أفل بهاؤها بعدما عشعشت الزبالة أكرمكم الله كل ركن من أركانها حتى أضحت ديكورا ألفته العيون و اختنقت الأنوف من الروائح الكريهة المنبعثة منها في غياب تام لمصالح البلدية من جهة وانعدام للحسّ المدني من جهة أخرى . وهران الباهية احتفظت بالاسم فقط لأنها لا تزال تبحث عن بهائها الذي ردم – بضم الراء- تحت أكوام الزبالة المتراكمة هنا و هناك حتى بوسط المدينة حيث تعدّت القمامة الأماكن المخصصة لها لتركن أسفل العمارات و قرب مداخل البنايات و مقرات الإدارات بل وعلى بعد أمتار معدودات عن دار «المير» حيث يجلس المسؤولون على شؤون أكبر بلدية بالجزائر وراء مكاتبهم و كأن الأمر لا يعنيهم. كيف لا و مكاتبهم الموصدة نوافذها مغلقة بإحكام تحول دون تسرب الروائح الكريهة المنبعثة من القمامات والمفارغ العشوائية إلى مكاتبهم بالرغم من أن كثيرا ما يلجأ الجيران إلى حرقها تجنبا لتضاعف حجمها . وحتى نكون موضوعيين فإن ما آل إليه حال النظافة في وهران لا يتحمله المسؤولون فقط بل حتى المواطن الذي لا يحترم توقيت إخراج القمامة ويتعمد تركها خارجا بل لا يكلف نفسه غلق الأكياس بإحكام ما يجعلها سهلة المنال للقط و الكلاب التي تبعثرها هنا و هناك بحثا عما تأكله ناهيك عن غياب المبادرات الفردية والجماعية في تنظيف الأحياء والساحات باستثناء تلك التي تقتصر على حضور الوالي و وسائل الإعلام وكأن ما يجري في محيط المسكن لا يعني الساكنة وهي الفكرة التي تجدرت في أذهان الكثيرين « تخطي راسي وتفوت» الأمر الذي حوّل وهران على غرار المدن الكبرى إلى دشرة ..هذه الأخيرة قد تكون الأنظف ليتحول بالتالي القول المأثور إلى النظافة في خبر كان والوسخ في كل مكان .