أتمنى أن يواصل المسرح الجهوي بوهران سياسة تشجيع الطاقات الشابة أجيب من يقول المسرح بعد عبد القادر علولة إنتهى، أن المسرح كان قبل علولة وكان معه وهو مستمر بعده بلا قيود ولا حدود، قال الشاعر العربي: »وكم على الأرض من نبت بلا أرج ... وكم علا الأفق غيم ما به مطر لذا فإن كان التصحر الثقافي أو التلوث الفني، أو المسخ المسرحي (ثلاثية قائدة رائدة من جهة وأن الثراء الثقافي، والتألق الفني، والتفعيل المسرحي (ثلاثية) حرة مؤثرة . من جهة أخرى رغم كل المواجع والفواجع وهنا المفارقة، ومفترق الطرق (فالرّداءة) لها عناصرها وأنصارها، والنوعية كذلك لها حضورها وإستقلاليتها الفاعلة الرّافضة لكل تدجين وتبعية لأن الإمّعة لا يشرّف ذاته، ولا إنتاجه و(لا..)؟ وقد كانت المسرحية الجديدة »الحصلة« منتوج 2012 فرصة مناسبة للحوار مع الفنان المسرحي السينمائي التلفزيوني محمد حيمور إبن الباهية وهران والمولود بتاريخ 1945/02/01 (متزوج وأب ل 7 أطفال) إنه ممثل مخضرم إن صحّ التعبير أي أنه عاش في الجاهلية الإستدمارية الفرنسية من جهة ، وعاش فترة إستعادة السيادة الوطنية والقيادة الذاتية من جهة أخرى التحرير والحرية . بدأ المسيرة الفنية في شهر ما ي 1960م كممثل متربّص في مجموعة النجاح بوهران تحت إشراف المرحومين عبد القادر علولة، كوريد علي، داودي بلعود، وتواصلت توزيعاته المسرحية والسينمائية والتلفزيونية إلى غاية 2011 بمشاركة في فيلم تلمسان آثار وتراث من تأليف وإخراج محمد مهداوي وبمسرحية سيفاكس لبوزيان بن عاشور الكاتب الصحافي واخراج ملفرعي عيسى. ❊ ما هي همومك وإهتماماتك المسرحية حاليا؟ همومي وإهتماماتي ممزوجة بهموم واهتمامات العناصر المسرحية ، والفضاء المسرحي الموسع، والنقطة المحورية تتمثل في أنه لا يوجد شباب لهم رغبة كبيرة في المسرح أو في ممارسة المسرح بدون مقابل مادي، وما يؤسفني يتمثل في عدم وجود شباب يضحّي من أجل الفن المسرحي، ويجعل المقابل المادي في الدرجة الثانية، أي الأولوية للفعل المسرحي، والبقية تأتي كلواحق أساسية للمجهود الميداني الفاعل والمتفاعل، رغم التوابع والزوابع التي قد تفرض حضورها بشكل أو بآخر، فالفنان يجب ألا يتحول إلى تاجر همّه الربح فقط، وهنا جوهر الإختيار الفن ثم المقابل المالي ، أم المقابل المالي ثم الفن إنها المعادلة التي لا تقبل القزحية والحربائية والخفاشية من البداية للنهاية، لأن اللون الرمادي مقلق للغاية ❊ ما هي الرسالة الفنية التي تفضل تقديمها للشباب بعد عملك المسرحي إنطلاقا من سنة 1960م؟ ... في الحقيقة ليس لي رسالة، ولكن أستطيع أن أقدم نصيحة للشباب الذين لهم رغبة في فن المسرح أن يقدموا تضحيات للمسرح بدون إعطاء الأولوية المطلقة (للمكسب) المادي ، لأن الإمتاع والإبداع هما أساس المكسب (المعنوي) الذي لا يقدّر بثمن، عند العناصر التي تقدر الفعل الثقافي المسرحي الجامع لكل العناصر الفاعلة والمتفاعلة الكاتب ، المخرج، الممثل ، الملحن ، الرّسام إلخ... كل وسائل التعبير تتفاعل .. وتتكامل.. في الفضاء المسرحي يشكل متناسق، ومنظم ومتتابع، وهنا تتجسد فعالية (الجمع بصيغة المفرد) لِمَ لا؟ والمشاهد يرى كل العناصر على الركح مجتمعة في الفعل المسرحي، لذا أتمنى أن يعطي الشباب أهمية وأولوية للجوانب الشكلية الجمالية، والفنية الجوهرية (فالمظهر والجوهر) كالروح والجسد لمن يعبّر .. ولمن يعتبر أي للمرسل والمتلقي كل حسب موقعه ووسائله ومراميه ومرجعياته. هناك من يقول بأن المسرح أصابته علة بعد رحيل علولة لأنه كان (الوهر) المسرحي الجامع الثلاثية فاعلة مؤثرة التأليف الإخراج التمثيل .. ما رأيك في هذا الطرح؟ أجيب من يقول المسرح بعد علولة إنتهى أو أصبح عليلا إن المسرح كان قبل علولة بعناصره وأنصاره ، وكان معه بمساهماته واقتباساته وهو مستمر بعده بلا قيود ولا حدود، علولة عاش في فترة وترك بصمته في وقته وسنة الحياة هكذا، لقد كانت هناك عناصر مسرحية قبله لها تجاربها أيضا أمثال (علالو، رشيد القسنطيني ، وبشطارزي، وحسن الحسني، كل هؤلاء والقائمة ممدودة، وليست محدودة.. والمهتمين بسيرة ومسيرة العناصر المسرحية في إمكانهم تقديم قائمة إسمية طويلة تلغي الفعل . الواحد، والنص الواحد، والرأي الواوحد.. لأن عالم الفن المسرحي به مجموعة من التجارب وعدة نصوص ورؤى مختلفة وهنا لا بد من وقفة تأملية كيف لعنصر واحد أن يحجب بقية العناصر ؟! وكيف لشجرة (ما) يطلمه (بالتعظيم) ويظلم غيره (بالتقزيم) وبين التعظيم المفرط، والتقزيم ال (؟!) ألف تجاوز وتجاوز، وهنا محطة (التقويم) الواعي (التقييم ) الحيادي بعيدا عن محوري (الإفراط والتفريط) والحكم يبقى للنقاد وللجمهور وهنا ؟! كفعاليات للنقاش. ❊أي مسرح في الجزائر يتصدر المشهد المسرحي ؟ -ملاحظتي تتمثل في محور التسيير أرى أن المسرح الجهوي بوهران له فعالية التسيير الفني الإحترافي على مسار ورؤى المسارح العالمية ،إضافة إلى التسيير الإداري وأنا أتحدث عن الموقع الذي أتواجد فيه (أعيش فيه وأعايش مجالاته) ولا أستطيع أن أتحدث عن المسارح الأخرى لأنني لم أكن ملمّا بعناصرها وإمكانياتها ولم أزاول بها عملي كممثل مسرحي، وهنا كل مسرح له مقوماته، ومنهج تقييم أعماله، وتلك مهمة أهله ونقاده وجمهوره كل حسب موقعه، وتخصصه. ❊ يقال بأن هناك أزمة نصّ مسرحي، ما تعليقك على ذلك ؟ - بالنسبة لرؤيتي الشخصية لا توجد أزمة النص المسرحي بل توجد أزمة عدم اكتشاف العناصر المنتجة للنصوص المسرحية فالنصوص تنام في أدراج ورفوف أصحابها، وهنا فعالية الغيّاب وفعل التغييب والدليل بين أيدينا حاليا فنحن الآن نعمل في نص جيد ، أقصد مسرحية الحصلة منتوج هذه السنة 2012 وصاحب النص لم يكن صاحب حضور سابق في المشهد المسرحي، ومع ذلك كانت باكورة وفاتحة أعمراله جادة، وجيدة، وثرية ، وهذا دليل قاطع على عدم تفشّي أزمة النص المسرحي لأن (الإكتشاف، والكشف، والمكاشفة ) ثلاثة يجب عدم احالتها أو وضعها على الهامش لأنها النبع المتدفق بالمفاجآت التي تجسد القول المتداول : - »يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر«، والميدان أحسن برهان لكل منتج وكل مشاهد، ❊أنت جربت ومارست العمل الفني التمثيلي في المسرح والتلفزيون والسينما ، أين تجد نفسك كفنان موزع فاعل ؟ - أفضل موقع (المسرح ) دون الإنقاص من موقع السينما أو موقع التلفزيون لأن التميز الدافع للتفضيل والأولوية يتمثل في آن موقع المسرح يضمن الإتصال المباشر والحي مع الجمهور إنها ميزة استثنائية مستقلة وأغلب أوغلب الممثلين يستمدّون فعاليات التأثير والتوصيل من حضور الجمهور، وتفاعلاته التلقائية المباشرة بدون حواجز (إنه مكسب المباشر ) بين المرسل، والمتلقي وأنا أعتبر أن الجمهور هو (السّيروم) المغذي للفنان وهو المكسب المعنوي الذي لا يقدر بثمن عند النفوس الحسّاسة، والرؤوس المفكرة في عالم الإمتاع والإبداع بلا إفراط ولا تفريط . ويعجبني إنتاج بريخت وأعتبره العملاق المؤثر، حتي الآن بأسلوبه وطريقته وتميزه الفني إنه الغائب بجسده المقيم بإنتاجه (..) وبعده يمكن أن أذكر عبد القادر علولة الذي فرض حضوره في الكتابة المسرحية وعناصرها (التمثيل - الإخراج ) وهناك في الفضاء الروسي فكتنڤوف برؤيته ونظرته الإخراجية المتميزة والفضاء عبارة عن قوس قزح أليس كذلك ؟ ❊ كمسك ختام هناك فعالية المختصر المفيد أو ما قل ودلّ هذه كلمات نضعها أمامك لتعلق في فضاد مفتوح عن كل كلمة بما تراه ، وتحس به 1 - المسرح 2- الحرية 3 - وهران 4 - السينما 5 - الحصلة 6 - تقاعد الفنان 7 - قانون الفنان ؟ 1 - »المسرح« :»أعطاني الكثير، وبفضله عرفت كاتب ياسين، وعلولة وكاكي وايسياخم ومصطفى كاتب، وسيراط بومدين، وعز الدين مجوبي ، وسيد أحمد أڤومي وأمحمد بن قطاف، كل هؤلاء كان لي الشرف أن عملت معهم«. 2 - »الحرية« :» .. أقول في المغرب العربي... والعالم العربي، أن (الجزائر) منذ البداية كان للفنان فيها- رغم ما يقال (...؟!) - إستقلاليه الخاصة المرتبطة بحرية التعبير فحرية التعبير بالجزائر كانت ذات حضور يفوق أي حضور لها في أي بلد آخر. والمقارنة تكشف المواقع والرتب والمراتب لحرية التعبير بالجزائر وبقية البلدان من المحيط إلى الخليج، والميدان هو البرهان للباحث، والزائر والمقيم لم لا . 3 - »وهران « : وهران أعطتني فرصة ممارسة المسرح وفيها ولدت، وفيها عشت مع الفنون المختلفة . 4- السينما :أنا أعتبر السينما ليس لها حضورها مستقبلا بالجزائر ، لأن القاعات السينمائية أغلقت أو حوّلت إلى مهام أخرى، والمؤسسة السينمائية عُطلت، إضافة إلى غياب وتغييب الجمهور بعد إنكسار السينما والأمل الوحيد هو فضاء التلفزيون لا غير ، فهو الرابط بين كل الأطراف المنتج والمستهلك( المرسل والمتلقى) 5 - الحصلة : إرتبطت بظهور كاتب مسرحي صاحب قلم متميز وأنا أعيش شخصية المدير . في هذه المسريحة التي أعيش حاليا أحمل لحظات حياتي في فضاء شخصياتها المتعددة 6- تقاعد الفنان : الممثل عندما يصل إلى سن معين يحتاج إلى جمهور، أي يحتاج إلى توزيع يناسب سنة وقدراته وخبرته حتى يبقى دائما صاحب حضور في الميدان الفني المسرحي حتى لا يهمش ولا ينس ولا يُصاب بالإحباط وأنا أعتبر ما يُوصف بالتقاعد هو التقاعد الإداري وليس التقاعد الفني وهنا المفارقة والفرق. 7- قانون الفنان : لا بد أن تكون هناك حماية للفنان مادية ومعنوية بغض النظر عن الطريقة المتبعة لتحقيق تلك الحماية الثنائية (ملموسة ومحسوسة) وهنا جوهر القضية هل حالة الفنان حاليا مرضية أم أن الأمر يحتاج إلى تقويم وتقييم من العناصر المعنية بهموم واهتمامات الفنان، من الإنطلاقة حتى التقاعد بل حتى بعد التقاعد (لم لا؟) يا أهل الدراية والوصاية ،وتحياتي للقراء، وللجمهور المسرحي . ويبقى محمد حيمور ذلك الممثل الذي لم يتوقف عن التمثيل بكل تخصصاته مسرح - سينما - تلفزيون) إضافة إلى مواقع حضوره الفني بمختلف ولايات الوطن من جهة، وبالضفة الأخرى من جهة مغايرة ومقابلة في نفس الوقت فرنسا وإيطاليا وقريبا سيكون منتوج سنة 2012 همزة وصل بينه وبين الجمهور فالحصلة هي الفرجة والإنفراج والمخرج هذا المثلث يحتفظ بسرّه مؤقتا وفق مسار (خلي البير بغطاه) حتى العرض الأول ليكشف الفعل المسرحي للجمهور طريقة التخلص من هول (الحصلة ) العرض القادم يكشف المستور للجمهور وهنا فن الحصلة وفن »الخلاص« في لعبة ثناذية عجيبة غريبة تبحث عن فضاء تعانق فيه (علامة التعجب) في حميمية إفتراضية (علامة الإستفهام) وهنا (!!..؟؟).