إستطاعت المرأة الجزائرية بفضل نضالها الذي يعود إلى حقب زمانية طويلة من أجل الحرية وبناء الدولة الجزائرية وإثبات الذات أن تصنع لنفسها مكانة متميّزة ضمن المنظومة السياسية الوطنية. أسماء عظيمة صنعت صرح تاريخ الجزائر وساهمت في ثوارات ضد المستعمر من لالا نسومر إلى جميلة بوحيرد إلى السيدة ظريف بيطاط وقائمة طويلة من نساء هذا الوطن العزيز جلهم ناظلوا من أجل عيون البيضاء. وبقدر ما أفرزت الإنتخابات التشريعية نتائج كانت صادمة بالنسبة للأحزاب التي دخلت معترك الحملة بقوة وتوقعت الفوز بعدد كبير من الأصوات إلا أن المرأة تمكنت من تحسين موقعها في الخريطة السياسية داخل الغرفة السفلى للبرلمان وهذا بفضل الإصلاحات الأخيرة لقانون الإنتخاب حيث حصدت ولأول مرة 145 مقعد بفضل الإصلاحات الجديدة التي أعادت النظر في تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. الشيء الأكيد أنّ الرجل الذي حقق نسبة 69.9 بالمائة سيدخل معترك البرلمان بنظرة السياسي لكن الفائزات يلوج القبة البرلمانية ستكون من فيها طعم آخر غير السياسي لأن المرأة تختزل الأم والأخت والزوجة والسياسية وأكيد أن نظرتها للقوانين ستأخذ جوانب إجتماعية ربما تدخل في باب الإصلاحات القانونية التي تعتمدها التشكيلة البرلمانية الجديدة. والشيء الملاحظ أن الأحزاب السياسية قد إجتهدت كثيرا في مجال اختيار المرشحات معتمدة في ذلك على أسماء معروفة سياسيا وإعلاميا وغيرها في سبيل استقطاب أصوات الناخبين كما تمكنت النساء اللواتي ترأسن قوائم الترشيحات من حصد أصوات معتبرة رغم التحفظ الذي أبداه الكثيرون بشأن تواجد المرأة بالمجالس المنتخبة بموجب قانون عضوي، مصرين على ضرورة أن تجتهد المرأة في إثبات وجودها عن طريق النضال مثلها مثل الرجل متناسين أن المرأة في كل المراحل التاريخية كانت نصف الرجل في معاركه وثواراته ضد الإستدمار الفرنسي وفي ثورة البناء بعد الإستقلال فهي لم تتأخر يوما ما عن واجبها كأم وزوجة وموظفة حكومية استطاعت أن تعتلي أفضل المناصب بفضل تفانيها العلمي والوظيفي. وسيكون للمرأة هذه المرة بتمثيلها القوي دور حساس وكبير في مساهمتها في صياغة القانون الخاص بالبلاد لذلك تتحمّل مسؤولية جسيمة من أجل تحسين دور ومكانة العنصر النسوي وكذا إزالة كافة العقبات التي حالت دون بلوغها المراتب العليا التي تستحقها سواء في المجال السياسي من خلال توليها مواقع هامة لها علاقة بدوائر صنع القرار من بينها الجهاز التنفيذي إذ اقتصرت الحقائب الوزارية الممنوحة للمرأة على قطاعات دي أهمية كبيرة وقد كانت نسبة تمثيل حواء في المجلس الشعبي الوطني لا تتجاوز 27 في المائة رغم أنها تشكل أزيد من 50 في المائة من مجموع سكان البلاد، وقد أتاح القانون الجديد الذي تلقى إنتقادات كثيرة من بعض الأطراف التي لاتزال ترى في المرأة قاصرا ولا تريدها أن تدخل المعترك البرلماني وتترك لها الفرصة بأن تخوض حملتها الإنتخابية سواء كان عن طريق التمثيل الحزبي أو عن طريق القوائم الحرة لتحصد عددا معتبرا من المقاعد وهذا لأوّل مرة في تاريخ الجزائر وتدخل قبة البرلمان من بابه الواسع. يبقى على البرلمانية القادمة بكل اصرار أن تثبت جدارتها وتقوم بالأدوار المنتظرة منها في سبيل خوض مجال الإصلاحات التي تخدم بالدرجة الأولى البلاد والعباد وازدهار الجزائر.