عندما تسمع لأهل «الهف ... و...الزّف» وهم يحرّفون الحقائق ويزّيفون الأخبار، ويبترون المصادر ويلغون الوثائق أي يفرضون مسار العبارة الميكيافيلية «الغاية تبرر الوسيلة»، قصد تحقيق الرتب والمراتب والرواتب على حساب أهل المصداقية والصّدق والتصّديق والمصادقة بميزان الضمائر الحية، والنفوس الحسّاسة والرؤوس الفاعلة نتذكر عالم الدمى الناطقة التي إنتقلت من التلفزيون إلى السينما وكما هو معلوم فإن أشهر الدمى في الأفلام «بينوكيو» الذي لا يمكن نسيانه أو تناسيه لقوة تأثيره لقد كتب هذه القصة الروائي الإيطالي كارلو كولودي سنة 1880م تحكي القصة عن دمية مصنوعة من خشب الصنوبر لصبي إسمه «بينوكيو»يصبح (أنفه) طويلا إذا قال كلاما (كاذبا) في نهاية الحكاية يتعلم «بينوكيو» ألاّ يكذب أبداً، ويصبح فتى حقيقيا لقد ترجمت القصة لأكثر لغات العالم إنتشاراً ومنها (لغة الضاد) العربية وتحولت لعدة أفلام قصد تحقيق الامتاع المطعّم بالرحيق التربوي والإبداع المرتبط بالتحسيس بأهمية الصدق، وفي المقابل إدانة الكذاب وعالم الكذب . فالعناصر التي تكذب في المنابر الإعلامية تعيد رسم مشهد «.. وما آفة الأخبار إلا روّاتها» حتى أصبح أبناء النيل والأهرامات يصفون واقع الحال بعبارة «أهو كلام ڤرايد أي إنه كلام جرائد»، فيه من الزّيف والتحريف الكثير، ويضيفون «ياخبر بفلوس بكرة يبقى ببلاش» وهنا (المفارقة) ومفترق الطرق بين أصحاب الصدق والمصداقية وأهل الكذب والتكذيب . من يراقب من؟ ومن يحاسب من؟ ومتى يُعاد الإعتبار لعيون الكلام ولذاكرة مسار «الثقة في الوثيقة»؟ قصد إقامة جسر التواصل الحر، الصادق المصدّق بين عناصر (الإرسال) المؤثرة وعناصر (الاستقبال) المتفاعلة... بعيدا عن قلب الحقائق وتجميد الوثائق وما يقال عن المنابر الإعلامية يقال عن المنابر السياسية والفضاءات البحثية التوثيقية، وحتى دور النشر لها مسؤولية تفعيل وتطوير أساليب ومناهج الطبع، والنشر والتوزيع لضمان التوازن بين المادة المطبوعة لثراء النفوس والرؤوس، وبين المادة المكتسبة لثراء الجيوب وفق توجه «الفوائد والموائد» وهنا ؟!